تفصيل
- الصفحات : 350 صفحة،
- سنة الطباعة : 2022،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
إن الملكية قديمة قدم الإنسان نفسه على هذه المعمورة، لما لها من علاقة وطيدة بحيازة الأموال والتصرفات فيها، فهي كانت وما زالت وستبقى هدف البشرية جمعاء في رحلتهم القصيرة على هذا الكوكب.
وذلك لأن الإنسان جبل على حب المال والتملك وغريزة الأنانية وحب الذات وأصبحت غريزة حب التملك راسخة في عقول البشر أفرادا وجماعات أمما وحكومات، وأصبحت الملكية مصدر كل المتاعب والبلاوى والويلات التي تلحق بالدول.
فكم من صراعات ونزاعات مكثت برهة من الزمن وحروبا استعصى إطفاء حريقها، ويظهر ذلك جليا باستقراء وتتبع أحوال الأمم من خلال ماضيها إلى حاضرها فأول نظام للملكية كان أساسه العرف إنها كانت جماعية في المجتمعات القبلية. بحيث يشترك جميع الأفراد في ملكية الأموال، وذلك ناتج من طبيعة حياتهم التي اقتصرت على بعض الأنشطة البدائية، ثم تطورت عبر العصور إلى ملكية شائعة وبعدها إلى ملكية فردية.
ولما جاء الإسلام بنظام العدالة الاجتماعية، معترفا بحق التملك فنظم الملكية على أحسن وجه وضبطها بقواعد وبين لها أحكاما خاصة، وقيد حرية التصرف فيها بعدما كان ذلك مطلقا، كل ذلك كان في سبيل مصلحة المجتمع والدولة معا.
وعلى هذا أمكننا القول بأن تشريع أسباب الملكية عموما إنما كان لحاجة المجتمعات إليها عبر مر الأزمنة والعصور ونتيجة للفوائد المتولدة عن الممتلكات أمولا كانت أم حقوقا.
حيث أنه لو لم تشرع تلك الطرق والأسباب المشروعة لتعطلت مصالح الناس ولتعذرت الحياة إن لم يصبح أمرا مستحيلا أحيانا.
وإن أسباب كسب الملكية سبعة: الاستيلاء والميراث والوصية والالتصاق والعقد والشفعة والحيازة، فإذا أردنا تقسيم هذه الأسباب تقسيما علميا، بإرجاعها إلى التصرف القانوني والواقعة القانونية، دخل العقد والوصية في نطاق التصرف القانوني، ودخل الاستيلاء والميراث والالتصاق والشفعة والحيازة في نطاق الواقعة القانونية.
والوصية من أسباب نقل الملكية في الإسلام جاء نظاما مرتبطا بنظام المواريث إذ أن كلا منهما يرد على مال شخص بعد وفاته، فكل منهما خلافة يخلف فيه الوارث مورثه في تركته والموصى له فيما أوصى به، وإن كانت أولاهما إجبارية بحكم الشارع ولا دخل للمورث ولا للوارث فيها فتثبت جبرا عنهما، والثانية اختيارية تثبت بإرادة الموصي ومشيئته إذا قبلها الموصى له.
فبالرغم من أن القانون المدني يعد الوصية سببا من أسباب كسب الملكية، إلا أنه يحيلنا شأنها إلى قانون الأسرة (الأحوال الشخصية) وحين يبحث الفقه الوضعي الوصية فإنه لا يعرض لمسائلها المتعلقة بالأحوال الشخصية إلا بطريقة عابرة، وكما أن فقهاء الشريعة الإسلامية حين يعرضون الوصية فإنهم لا يهتمون كثيرا بالمسائل القانونية البحثية التي تعالج كثيرا من المشكلات العملية.
وعلى هذا نجد أن يلجأ شخص إلى تحرير وصية وفقا لما نص عليه قانون الأسرة في المواد من 184 إلى 201، ووفقا للشريعة الإسلامية فيما لم تنظمه هذه المواد وذلك طبقا لنص المادة 222 من ذات القانون.
وعقود التبرعات قائمة على أساس المواساة بين أفراد الأمة الخادمة لمعنى الأخوة، فهي مصلحة حاجية جليلة، وأثر خلق إسلامي جميل، فيها حصلت مساعفة المعوزين وإغناء وإقامة الجم من مصالح المسلمين.
هذا وعلى الرغم من أهمية هذه التصرفات التبرعية إلا أنها تعتبر تصرفات خطيرة كونها تؤثر على الذمة المالية للمتبرع الأمر الذي يقتضي منه التمهل والتروي وأخذ الحيطة والحذر قبل الإقدام عليها وذلك حتى يضع المتصرف أمواله في موضعها الصحيح، فإذا استوفى هذا التصرف التبرعي أركانه وتوافرت شروطه، ترتبت عليه أثاره، وانتقلت بموجبه ملكية المال المتصرف فيه من المتصرف إلى المتصرف إليه، غير أنه قد يحصل أن يتراجع الإنسان عن تصرفه التبرعي لأي سبب من الأسباب فتنتج عن ذلك النزاعات.
الموضوع ذو أهمية بالغة جدا لأن الوصية التي أولاها الشارع الحكيم اهتماما بالغا لقوله تعالى: “كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين”، ولقوله تعالى: “من بعد وصية يوصي بها أو دين” كون أن في البحث في هذا الموضوع اقتصرت على دراسته في الشريعة الإسلامية أو الفقه الإسلامي.
والأهمية التي تكتسيها الوصية وما تتميز به من سمات خاصة، وكذا من خلال ما يثار بشأن تنفيذها في الواقع العملي من المشاكل العويصة.
كما أن أهداف البحث تتمثل فيما يلي:
إثراء الموضوع من الناحية القانونية.
إبراز إشكاليات ونتائج قد تفيد المشرع الجزائري في وضع أحكام قد سبقتنا إليها بقية التشريعات ومنها بالخصوص المشرع المصري.
إبراز الحالات المستحدثة بقانون الصحة وهو التبرع أو الوصية بالأعضاء الآدمية والتي لم يتطرق إليها المشرع الجزائري في قانون الأسرة، ولم يلحقها بالوصية ولم يبين أحكامها، وإظهار موقف الشريعة الإسلامية من هذا التصرف.
أسباب اختيار الموضوع كونه مرتبط بكافة المقاييس التي كانت محل دراستي بهذا التخصص منها القانون الجنائي والدولي الخاص، وقانون التوثيق والإثبات، والقانون المدني فهو موضوع حيوي للغاية لأنها من جملة ما يحتاج إليه الناس في كل زمان ومكان، ولغفلة الناس عنها نتيجة غفلتهم عن الموت وما يتعلق من أحكام وما يأتي من بعدها، إضافة إلى كونها رافد من روافد التكافل الاجتماعي.
فجمعت جملة من مسائلها الهامة المتصلة بأركانها، وتوخيت فيها وضوح العبارة وتحديد المعنى قدر الإمكان.
والوصية ليست من المواضيع حديثة الساعة، التي عرفتها البشرية بمختلف ديانتهم، وأغلب المؤلفات والمراجع التي تناولت الوصية فقط من النظرية الفقهية فلا يوجد في حدود علمي دراسات تطرقت إلى موضوع الوصية في قانون الأسرة الجزائري كما ارتأيت أن أتناوله بالناحيتين النظرية والتطبيقية للتعريف بما جاد به الاجتهاد القضائي الجزائري.
إن تنظيم الوصية في قانون الأسرة الجزائري جاء ناقصا وبعيدا عن المبتغى، غير أن المادة 222 منه فتحت الباب أمام القاضي للجوء إلى أحكام الشريعة الإسلامية فيما لم يجد فيه نص، وتثير الوصية في الناحية العملية إشكالات وصعوبات بشأن إبرامها وتحريرها وإثباتها وتنفيذها.
أما الإشكالية المطروحة:
ما مدى توفيق قانون الأسرة في معالجة أحكام الوصية بما فيها المستجدات العلمية التي أثارت جدلا فقهيا وقانونيا في تشريع نظام الوصية؟
واعتمدت في دراسة هذا البحث المناهج التالية، وهي المنهج التاريخي، والمنهج الاستدلالي كأساس للبحث، واستخدام المنهج المقارن في بعض المباحث للمقارنة بين الأحكام التي جاء بها المشرع الجزائري وما نصت عليه بعض التشريعات العربية التي خصت الوصية بقانون خاص تحت عنوان قانون الوصية بعيدا عن قانون الأسرة كمصر وبين الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي.
وعلى هذا سوف نتناول هذا البحث مبرزين ما ورد في الأصول الشرعية وما أخذ به المشرع الجزائري من خلال قانون الأسرة.
ولهذا ارتأينا تقسيم هذا البحث إلى فصلين رئيسيين نوردها إجمالا وهي :
قائمة أهم الرموز
– إ،ف،غ،أ،ش : الاجتهاد القضائي لغرفة الاحوال الشخصية، المحكمة العليا.
– ج : جزء.
– ص : صفحة.
– غ،أ،ش : غرفة الاحوال الشخصية.
– ق،أ،ج : قانون الاسرة الجزائري.
– ق،م،ج : قانون المدني الجزائري.
– ق،أ،م،أ : قانون الاجراءات المدني والإدارية.
– م : المادة.
– م،أ،ت : مجموعة أحكام القضاء.
– م،ج : المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية كلية الحقوق.
– م،ق : المجلة القضائية، المحكمة العليا.
– ق،و،م : قانون الوصية المصري.
– د،م،ج : ديوان المطبوعات الجامعية.
– ن،ق : نشرة القضاء، وزارة العدل.
– ق،ص:قانون الصحة.
– ق،ع: قانون العقوبات.