تفصيل

  • الصفحات : 188 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2022،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-356-6.

بسم الله  الذي إذا دعوناه أجاب، وإذا شكرناه زادنا من نعمه بغير حساب، سبحانه ربي خالق الإنسان منزل الكتاب، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصعبه أجمعين، أما بعد:

تهتم الدراسات اللسانية بجوانب مختلفة من اللغة الإنسانية، حيث تعمد إلى البحث في كل الاستراتيجيات التي من شأنها تفعيل البيئات التواصلية، وتبحث في البنى التي تسهم في تخليق الرسائل المفهومة لتفعيل التواصل بين أفراد المجتمع، وبالتالي يمكن القول إن البحث اللساني بصفة عامة هو إضاءة حية للوجود اللغوي الإنساني.

بما أن الإنسان خُلِق متميزا بالنطق واللغة المفهومة داخل الحيز السوسيولوجي، فهو مجبر  على تكييف الأنماط اللسانية وفقا للمحيط الذي يلجه، حتى يتمكن من الفهم والإفهام، بل ويستثمر كل ما لديه من فواعل وميكانيزمات لسانية وغير لسانية حتى يتمكن من  بناء الحلقة التواصلية التامة الواضحة المفهومة.

لكل قاعدة استثناءات، فليس كل إنسان قادر على الكلام، لأن الله سبحانه وتعالى لحكمة ما خلق الصم والبكم والعمي…إلا أن هذا لا ينفي وجود تواصل بينهم، وأخص بالذكر الصم البكم الذين عجزوا عن  الكلام واستعمال اللغة الإنسانية المتداولة، فصنعوا لأنفسهم لغة غير منطوقة يمكن هم من خلال التعبير عن مبتغاهم، فالتواصل لا يتوقف عند حدود الكلمات المنطوقة، بل يتعدى ذلك ليشمل حركات الجسم وأعضاءه مشكلا نوعا  مختلفا عن التواصل المألوف لدى الإنسان، ألا وهو التواصل غير اللغوي،  القائم على شفرات الجوارح الصامتة، والتي تمثل أدوات مساعدة أو نائبة أو مكملة لتوصيل المعاني  للآخرين.

ولعل أهمية هذا الجانب من اللغة البشرية  يكمن في قدرة الفرد على الكشف عن دقائق النفس الإنسانية، فالعلامات  لها فاعلية كبير في تكريس التواصل، حيث تتحدد نمطية كل إشارة بحسب دلالتها، وبناء على السياق الذي تكون فيه والمجتمع الذي تولدت واستعملت ضمن أنساقه.

من بين الأسباب الدافعة لاختيارنا هذا الموضوع  أولا الرغبة في البحث في أساليب تواصلية غير اللغة المنطوقة، والخروج عن روتين البحوث العادية المتمثلة في التقيد بما في الكتب فقط ودراسة ما كتبه الآخرون من معارف نظرية،  إلى نوع مختلف من اللغة، لغة لا نجدها في بطون الكتب، ولا في الملفوظات  ذات الطابع التجريدي للنصوص اللغوية، والارتفاع عن الانصياع تحت طائلة الرصد اللساني البحت إلى المرئي المتحرك المجسد، لنبحث في لغة نراها حية نابضة مرسومة على تقاسيم الإنسان ونطقها في كل زاوية من زوايا جسمه، إضافة إلى التطرق لشريحة مهمة من المجتمع، كائنة غائبة، تعيش في بيئتها ولكنها معزولة عنها، وهي شريحة الصم البكم الذين أثاروا في نفسي اندفاعا ورغبة لاكتشاف أنماطهم التواصلية،  ووسائلهم وأساليبهم الحياتية في التعايش مع لغة صامتة مقابل لغة مسموعة، والبحث في  ديناميات تكييفهم الجسدي لتلبية حاجاتهم الخطابية، ونتج عن هذا الدافع مقاربة ميدانية ولجنا فيها عالم التمدرس، وتعليمية اللغة التواصلية غير المنطوقة للصم البكم، كما أنني حاولت التمادي قليلا وبحث في الإشارات الواردة في السياق القرآني  بتقفي لغة الجسد في آيات القرآن الكريم، ومن ثم سعينا حثيثا في الحديث النبوي الشريف وبعض العبادات التي تستلزم الإشارة بدل اللفظ، وعلى هذا الأساس نطرح الإشكالية الآتية:

هل استطاعت لغة الإشارات التعبير بصدق وأمانة عما يريده الأصم الأبكم؟ وهل يمكن اعتبار لغة الجسد بديلا فعالا عن اللغة المنطوقة؟ وإلى أي مدى يمكن الأخذ بلغة الإشارات في دمج الأصم الأبكم في حيزه السوسيولوجي؟

تطرقت إلى مجموعة المصادر والمراجع أثناء إجرائي لهذا البحث، حيث ساعدتني كثيرا في الإلمام بجوانب الموضوع، وتوسيع إطاره المعلوماتي، فكان أول ما استخدمته هو القرآن الكريم، أما المصادر الأخرى فنذكر على سبيل المثال لا الحصر: كتاب أمبرتو إيكو المعنون بالعلامة –تحليل المفهوم وتاريخه- مترجم من قبيل سعيد بنكراد،  ومؤلف الغزالي المشهور معيار العلم في المنطق، إضافة إلى كتاب البيان والتبيين للجاحظ وكتابه الآخر الحيوان، ومن ثم دعمت بحث بمراجع تعضد المصادر المستخدمة ضمن البحث ككتاب سيكولوجية الاتصال لطلعت منصور، ودراسات في اللسانيات التطبيقية لأحمد حساني، كما استعنت بكتاب أنا واللغة والمجتمع لأحمد مختار عمر، هذه الكتب وغيرها ساعدت في توسيع مدارك الكتاب، وفتحت مباحثه على أفكار أخرى، كما نظمت مدارجه في نطاق بيني.

وقد جاء الكتاب منظما في خطة بحث محددة، رصدنا فيها أهم العناصر التي تخدم الدراسة، حيث بنيت على استقصاء للدراسات السابقة، ومطالعة واسعة للكثير من الكتب التي تحدثت في نفس الشأن، وهي كالآتي:

 

 

مدخل: جدلية الوجود اللغوي الإنساني.

1-اللغة بين التوفيق والموافقة.

2-خصائص اللغة.

3-اللغة بين اللسان والإشارة.

الفصل الأول:من  التواصل اللساني  إلى التواصل غير اللساني.

1- مفهوم التواصل اللغوي.

2- شروط التواصل.

3- عناصر دورة التواصل.

4- خصائص التواصل.

5- أهمية التواصل في حياة الإنسان.

6- التواصل اللساني(اللفظي).

7- التواصل غير اللساني (اللالفظي).

8-العلاقة بين التواصل اللفظي والتواصل غير اللفظي.

الفصل الثاني: فاعلية لغة الجسد في تفعيل التواصل غير اللساني.

1- نظرية لغة الجسد.

2- ما هي لغة الجسد؟

3- ثقافة المجتمع والإشارات الجسدية.

4- فاعلية لغة الجسد في التواصل.

5- لغة الجسد وتربية الطفل.

6- أشكال التواصل الجسدي.

الفصل الثالث: الإشارة جانب من لغة الجسد.

1-مفهوم الإشارة.

2-الإشارة في الدرس السيميائي الغربي.

3-الإشارة في الدرس السيميائي العربي.

4- الإشارة في القرآن والسنة.

الفصل الرابع: الصم البكم ولغة الإشارة.

 

1-لمحة تاريخيّة عن الصّم البكم.

2-مفهوم الصّم.

3-مفهوم الصّمم.

4-الجهاز السّمعي عند الإنسان.

5-أهميّة السّمع في الإدراك الصّوتي.

6-أسباب الإعاقة السّمعيّة.

7-السّمع لدى الأصم وتشخيصه.

8-الخصائص اللّغويّة للأصم الأبكم.

9-الاستراتيجيات التّعليميّة للأطفال الصم البكم.

10-دور المترجم.

11-اعتبارات خاصة بتعليم الصّم البكم.

الفصل الخامس: لغة الإشارات في الواقع التّواصلي.

1- منهجية الدّراسة الميدانيّة.

2- قراءة في المناهج.

3- تفريغ الاستبيانات.

البحث في هذه اللغة الغامضة غير المأنوسة الاستعمال يجعل من البحث فيها أمرا صعبا، ولكننا حاولنا تقديم بعض المعارف المهمة التي يمكن أن تخدم القارئ لهذا الكتاب،  ولتسهيل عملية الفهم اعتمدنا مناهج بحثية مختلفة ومتداخلة كالمنهج الوصفي المدعم بآليات التحليل والاستقراء والإحصاء، والمنهج التاريخ الذي رصدنا من خلاله الأبعاد الدياكررونية لبعض المباحث.

جاء هذا العمل بتوفيق من الله عز وجل وحده، فمنه نستمد المعونة والتوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

حيزية كروش 18/09/2021.