تفصيل
- الصفحات : 188 صفحة،
- سنة الطباعة : 2024،
- الغلاف : غلاف مقوى ،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-08-914-8.
ظهر النشاط الإداري مبكرا في تاريخ الحضارة الإنسانية، وارتبط في البداية بممارسة السلطة والحكم وإدارة شؤون الرعية، ثم انتقل بعدها إلى مجالات الحياة الأخرى الاقتصادية والاجتماعية، وغيرها. ولقد ازداد الاهتمام بالنشاط الإداري في عصور النهضة والاختراعات من خلال اهتمام علماء الاقتصاد والإدارة خاصة بالعملية الإدارية في المؤسسات الصناعية؛ وذلك بهدف الزيادة في مستوى الإنتاجية، وقد كان ذلك في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وبدايات القرن العشرين، فتأسس بذلك ما يسمى بعلم الإدارة والتسيير كعلم قائم بذاته إضافة إلى صبغته الفنية.
إن عملية تنسيق وتوجيه جهود الأفراد والجماعات نحو تحقيق أهداف التنظيم هو أساس العملية الإدارية، هذه الأخيرة التي تتضمن أربعة أنشطة أساسية، هي: التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة. وتعدّ عملية اتخاذ القرار أساس أنشطة العملية الإدارية وجوهرها؛ بحيث إن كل منها يحتاج إلى اتخاذ القرارات وبشكل دائم، ونظرا للأهمية التي يكتسيها القرار اهتم علماء الإدارة والتسيير بدراسته وأفردوه بعدة نظريات ومفاهيم حسب اختلاف اتجاهاتهم الفكرية وأزمنتهم.
تتميز عملية اتخاذ القرار بالصعوبة والتعقيد، وتتعلق هذه الصعوبة بالمشكلات المراد حلها من جهة، وبالمعلومات كمورد أساسي ومهم للقيام بهذا النشاط من جهة أخرى، فزيادة المعلومات وتوافرها يسهم في خلق ووفرة البدائل والحلول المتاحة لمتخذ القرار لحل المشكلة، ونقصها يؤدي إلى نقص الحلول الممكنة؛ فهي سلاح ذو حدين، وهذا ما يكسب عملية اتخاذ القرار خاصية الصعوبة، دون ما إهمال لعوامل أخرى تسهم في ذلك.
تعدّ المعلومات المورد الأساس لعملية اتخاذ القرار، فهي المغذّي – بعد جمعها- لباقي مراحل العملية حتى اتخاذ القرار وتنفيذه، وقد كان الحصول على المعلومات في الماضي يتم بالطرق التقليدية وكان ذلك منسجما إلى حد بعيد مع حجم المعلومات المتوافرة وعدم تعقد المشكلات المراد حلها؛ لكن مع التطور الملاحظ في كل مناحي البيئة التنظيمية، وكبر حجم التنظيمات والمؤسسات، وزيادة حجم وتعقيد مشكلاتها، مع الزيادة الكبيرة في حجم المعلومات المتاحة؛ كان من الواجب البحث عن وسائل جديدة وقنوات أحدث وأنجع تماشيا والتطورات الحاصلة.
يعتبر التقدم التكنولوجي الذي بدأت أولى إرهاصاته في القرن العشرين سببا في دخولنا عصرا جديدا سمي “عصر المعلومات والمعرفة”، وأسهم هذا التقدم في ظهور وسائل وأدوات جديدة وحديثة في الحصول على المعلومات، جمعها وتخزينها، ومعالجتها لفائدة المستفيدين منها. وقد شهد النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي تطورا لافتا في الوسائل التكنولوجية والنظم المعلوماتية، وفي الحواسيب وشبكات الاتصالات، وكان ذلك بشكل تدريجي ومتسارع؛ حتى وصل في أواخره وبداية الألفية الثالثة إلى “العصر الرقمي”. وخلال هذا الزمن القصير تطورت تكنولوجيات المعلومات والاتصال من أدوات ونظم بسيطة تعتمد على التخزين والعرض للبيانات والمعلومات إلى نظم وشبكات اتصال لها القدرة على التحليل والمعالجة والنقل لعدد هائل من البيانات بسرعة كبيرة، وتمخض عن ذلك التلاحم بين التكنولوجيا والعقل والذكاء البشري؛ مما أنتج وسائل وأدوات الذكاء الاصطناعي، وأدوات ذكاء الأعمال بالمؤسسات، واستخدام حتى الشبكات والويب في الحصول على المعلومات وتخزينها ومعالجتها بما يسمى بالبيانات الضخمة، ونقلها وتبادلها عن طريق تكنولوجيات أكثر تطورا عن طريق الحوسبة السحابية.
إن المؤسسة اليوم ليست بمعزل عن كل هذه التطورات التكنولوجية الحاصلة، وبهدف تعزيز تنافسيتها وتفادي زوالها كان من الضروري اعتماد هذه التكنولوجيات ونظم المعلومات والاتصالات الحديثة في نشاطاتها المختلفة، وبالخصوص فيما يتعلق باتخاذ القرارات كونها لبّ كل الأنشطة بالمؤسسة، وهذا ما عمدت إليه جلّ المؤسسات عبر العالم؛ فأصبحت هذه التكنولوجيات موردا من مواردها يساعدها على انتقاء وتخزين ومعالجة هذا الكم الهائل من المعلومات المتداولة بالسرعة اللازمة، بهدف الوصول إلى اتخاذ قرارات صحيحة وفي الوقت المناسب.