تفصيل

  • الصفحات : 86 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-495-2.

الحمدُ لله والصلاةُ على رسُول الله وعلىَ آلهِ وصحبهِ ومن تبعهُ بإحسان واهتدى بهديهِ واتّبَع سبيلهُ إلى يومِ الدّين.

أما بعد:

أحمد الله سبحانه وتعالى أن وفقني لطرق مبحث عظيم من مباحث اللغة العربية، ألا وهو باب البلاغة العربية التي تعتبر من أرقى بساتين البيان العربي، آملا أن أكون قد قدمت عملاً يسيراً يسد ولو القليل عما يبحث عنه الدارسون في البلاغة العربية، خاصة ما تعلق بالجاحظ معلم العلم والأدب على مر العصور وكان وأصبح وسيبقى مادة دسمة للدارسين.

نبتغي في هذا الكتاب التطرق لقراءة القدماء للمدونة الجاحظية، من ابن قتيبة إلى التوحيدي، والجرجاني، والهمذاني، وغيرهم من الذين تداولوا قراءةً لبلاغة أبي عثمان، بدايةً لم يكن هدفنا من هذه الدراسة كشف عدد الذين تداولوا على هذه البلاغة، لأنّ هذا قد طرقته أيادي البحث قبلنا، بل كان اهتمامنا موجهاً إلى استكشاف تفاصيل هذه القراءات التي تناولت هذه المدوّنة وجزئياتها، نحاول النبش في كيفية تلقي القدماء لهذه البلاغة، التي قيل حولها الكثير -بين مرحب بها وبين طاعن فيها-، فقد تحكّمت في هذه القراءات تصوّرات مختلفة مرتبطة بالإيديولوجيا والتاريخ، وفق أفق وسياق ثقافي كان دائماً لصيقاً بها.

نحن نتحاور مع قراء للبلاغة العربية من خلال مشاريع كبرى سجلت حضورها مع (المدونة الجاحظية) سلباً وإيجاباً، في هذه الدراسة الممتدة في التاريخ الموغل في القدم حتّمت علينا أن ننجز بحثاً يتجاوب مع قامة الجاحظ في أدبه وبلاغته وموسوعيته، نحاول تصوير ماهية التلقي لهذه البلاغة المتناثرة في (البيان والتبيين).

كان عملنا في هذا الكتاب فحصاً ومعاينةً لأنماط متعددة من القراءات التي أنجزت حول هذه البلاغة، وتحليلاً حيناً بعد حين، بدءاً من القراءات المبكرة في تراثنا، كقراءة ابن قتيبة التي كان لها النصيب الأكبر من هذا البحث، نظراً لجهوده في البلاغة والأدب والتأليف، ولحجم المقروئية التي -تناولتها الدراسات الأكاديمية- التي اهتمت بابن قتيبة.

استفاد النقّاد من ابن قتيبة من قراءته للجاحظ ومع تبنيه للمعيار الأخلاقي للحكم على ما كتب الجاحظ، فقراءته تعتبر قراءة فتية ناضجة لهذه البلاغة مثلها مثل قراءات أخرى كقراءة عبد الله الحموي في (معجم الأدباء)، وأبي حيان التوحيدي في (البصائر والذخائر)، وعبد القاهر الجرجاني، وبديع الزمان الهمذاني، وغيرهم من الذين كان لهم تأثير كبير في العملية النقدية عموما، كما أغفلنا واستغنينا عن بعض القراءات الشاذة التي كانت نُتفاً هنا وهناك، بحيث لا يضر الاستغناء عنها.

إشكالية البحث ونموذج التحليل:

ننطلق من فرضية عززتها محورية الجاحظ ومركزيته في البحوث البلاغية، كما تمثلت هذه الفرضية أيضا في قراءة القدماء التي كانت أكثر إحكاماً وإنصافاً من القراءات الحديثة، بحكم ثراء الأوائل معرفياً، وضبطاً للمسائل العلمية والقضايا البلاغية والنحوية، من أبرزهم عبد القاهر الجرجاني وابن وهب والهمذاني، وعليه جاءت التساؤلات كالتالي: هل تناولت هذه القراءات بلاغة أبي عثمان ؟ وهل كانت تسير على نمط واحد؟ أم أن الانتصار للإيديولوجيا كان وارداً فيها ومحركاً لها ؟

 

 

 

كان المنهج المتبع في هذا الكتاب منهجا يدور بين التاريخي والتحليلي وهما المناسبان لهذا الموضوع، المتعلق ببلاغة أبي عثمان الجاحظ الذي كانت لديه بلاغة خاصة غلبت على نثره عبر كامل مؤلفاته التي سارت بين الاستطراد والسرد عموما، وأشكر في الختام كل من قدم لي يد العون حتى خرج هذا الكتاب في أحسن حلة، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.

د. كحلي رابح

أستاذ بجامعة الونشريسي تيسمسيلت