يعد المورد البشرية من بين أهم الموارد التي تمتلكها المنظمة، باعتباره المورد الوحيد القادر على إدارة كافة الموارد وتوجيهها واستغلالها بالشكل الذي يتوافق مع تحقيق أهدافها، وفي هذا الإطار يمتلك الأفراد من جهتهم مصلحة مباشرة في المهن والوظائف التي يتقلدونها في المنظمة فمن خلالها يمكن تحقيق طموحاتهم وآمالهم الوظيفية، لهذا تحرص إدارة الموارد البشرية على رفع قدراتهم وتنمية مهاراتهم الوظيفية التي تضمن لهم التوافق بين أهدافهم وأهداف المنظمة، وذلك من خلال قيامها بكثير من الوظائف على رأسها إدارة المسار الوظيفي والذي يعتبر من المواضيع الحديثة التي تناولتها الدراسات مؤخراً.

وما يميز المسار الوظيفي بأنه من المواضيع التي تشكل اهتمام مشترك بين المنظمة والإفراد على حد سواء، لأن الإدارة الجيدة للمسار الوظيفي يضمن للمنظمة امتلاك أعداد كافية من الأفراد المؤهلة والمدربة مما ينعكس بطبيعة الحال على الأداء الكلي للمنظمة وهذا من شأنه يساعدها في تحقيق أهدافها، ومن جانب أخر يؤدي إلى زيادة مهارات وخبرات الأفراد مما يساعد في تحقيق طموحاتهم ورضاهم وأمانهم الوظيفي.

لهذا يعتبر إدارة المسار الوظيفي من الأنشطة الأساسية لإدارة الموارد البشرية في أي منظمة خصوصاً في الإدارة العمومية، نظراً لارتباط الحياة المهنية للموظف بفكرة الديمومة والاستمرارية التي يجسدها إجراء الترسيم في الرتبة، مما يستدعي ضرورة تنظيم المسار المهني بالشكل الذي يضمن تحقيق الأهداف التنظيمية في تقديم الخدمات العمومية وتحقيق الصالح العام من جهة والتحسين المستمر لوضعية الموظف المادية والاجتماعية من جهة أخرى.

جاءت هذا الكتاب “ إدارة المسارات المهنية“ ليغطي أحد أهم المواضيع في إدارة الموارد البشرية في منظمات الأعمال وكذا المنظمات العمومية في الجزائر وفق ما هو عليه في القانون الأساسي للوظيفة العمومية، بحيث تتضمن الكتاب خمسة فصول، الفصل الأول يبرز مفاهيم أساسية لتخطيط الموارد البشرية، والفصل الثاني يتناول مدخل لإدارة المسار المهني، أما الفصل الثالث يتعرض لكيفية تخطيط المسار الوظيفي، ويتناول الفصل الرابع أساليب إدارة المسار الوظيفي من بداية دخول الفرد للمنظمة حتى الخروج منها، وخصص الفصل الخامس والأخير لإدارة المسار المهني في الإدارة العمومية في الجزائر على ضوء قانون الوظيفة العمومية.

المؤلف، في شهر ماي 2022