تفصيل

  • سنة الطباعة : 2018،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-484-84-4.

أدت التطورات المتلاحقة في التكنولوجيا والنظم الاقتصادية العالمية إلى تنـوع وتعـدد المـصـادر التي تستند عليها المنظمات في القطاعين العام والخاص من أجل البقاء والنمو والتطور في خضم المنافسة الشديدة والتي أجبرت تلك المنظمات على مواكبتها وتبنيها. كل ذلك أدى إلى بروز موضوعات جديدة ذات طبيعة معقدة، ولها أبعاد وتشعبات كثيرة، ويمكن دراستها من زوايا عديدة، حيث أصبحت المنظمات غير قادرة وحدها على مواجهة تلك التحديات دون النظر إلى العنصر البشري والاستثمار فيه مما يجعلها قادرة على التنافس ويتجسد هذا الاستثمار في ما يعرف بإدارة المواهب Talent Management لدى المنظمات. لقد شاع ما يعرف بإدارة المواهب في بداية تسعينيات القرن الماضي عندما احتدمت المنافسة الشديدة بين الشركات الكبرى، فتارةً نجد بعض الشركات تحاول استقطاب الموظفين من ذوي الكفاءات والمؤهلات العالية وأخرى تحاول المحافظة على مواردها البشرية الكفؤة وتنميتها، حتى أصبح هذا المفهوم جزءاً مهماً من نظم الإدارات الحديثة وأحد إستراتيجيات التطوير والتغيير التنظيمي. وإضافةً إلى ما سبق، فقد أصبحت الموهبة في القرن الحادي والعشرين، الذي يتسم بالسرعة والتنافسية العالية، من أهم الركائز التي تستند عليها الشركات والمنظمات في تحقيق رؤيتها الإستراتيجية، ناهيك عن أن الطلب قد زاد عليها إبتداءاً من حسن اختيار الموظفين الكفؤين والمؤهلين واكتشاف مواهبهم وتنميتها والمحافظة عليها كميزة تنافسية تمكن المنظمات من تحقيق ما تصبوا إليه بكل يسر وسهولة.

وتجدر الإشارة إلى أن المهمة الأولى لإدارة الموارد البشرية في منظمات اليوم هي البحث عن واكتشاف المواهب والعمل على تنميتها وصقلها والمحافظة عليها مما دفع الكثير منها لتبني إستراتيجيات خاصة في إدارة المواهب بيد أن هذه الإستراتيجيات لا يمكن أن تحقق النتائج المرجوة دونما العمل على دمج العاملين Employee Engagement في هذه المنظمات (Jain et. al., 2012; Rowland, 2011)، وبالنظر إلى منظمات القطاعين العام والخاص في العالم العربي نجد أن هذه المنظمات ممثلة بقياداتها اتجهت إلى الاهتمام الشكلي بالموارد البشرية والتركيز على الأدوار التقليدية لها دون النظر إلى البعد الإستراتيجي لدور الموارد البشرية في صياغة خطوات النجاح والتميز. وعندما ترى المنظمات نفسها أمام تراجع مستويات الأداء وضعف جودة الخدمات أو المنتجات التي تقدمها من القيام بمعالجة هذا القصور من خلال البرامج التدريبية والتوجيه وإتباع أسلوب التحفيز المناسب تفادياً لتعاظم الفجوة بين الأداء الفعلي الضعيف للعاملين فيها والمتوقع منهم. ويعتبر القطاع الصحي من القطاعات الحيوية التي تسهم بشكل فاعل في بناء الرفعة الاقتصادية للدول لأنه يساهم في المحافظة على صحة الفرد والمجتمع من الأوبئة والأمراض التي قد تفتك بالمجتمع وتؤدي إلى قصوره في تحقيق الميزة التنافسية والقدرة على تحقيق الأهداف الإستراتيجية التي تطمح إليها الدول لتقديم كافة الخدمات والمتطلبات التي تدفع بعجلة التنمية الاقتصادية لتحقيق الرفاه للطرفين: الدولة والأفراد.

أيضا مرت إدارة الموارد البشرية بمراحل عديدة للوصول الى ما وصلت إليه لتكون إدارة استراتيجية معاصرة ، وكانت هناك العديد من العوامل التي أسهمت في هذا التغيير. نذكر منها على سبيل المثال ولا الحصر:-

  • أهمية رفع كفاءة إنتاجية العاملين ، تزايد كلفة العنصر البشري ، ضغوط تخفيض تكاليف الإنتاج والعمالة و تنوع مصادر العمالة وارتفاع مستواها الثقافي وتزايد احتياجات العاملين وتغير تطلعاتهم ومتطلباتهم
  • التغيرات التكنولوجية المتسارعة وتكلفة المعدات وتطور الاتصالات والمعلوماتية.
  • التطورات الإدارية في أساليب ونظريات القيادة والحوافز والإدارة بالأهداف وأنظمة حلقات الجودة وبرامج إدارة الجودة الشاملة TQM
  • الشهادات التخصصية للموارد البشرية.

هذه العوامل فرضت منطقيات جديدة في إدارة العمل والبشر معاً. لذا تُعدُّ إدارة الموارد البشرية من النشاطات الرئيسية المميزة لمنشأة الأعمال المعاصرة وتشكل حالياً أهم النشاطات للوصول للميزة التنافسية في الأسواق.

ويعتبر نظام إدارة المواهب حديثاً نسبياً في عالم إدارة الأعمال، حيث أن بداية الاهتمام به برزت لأول مرة في لتسعينات عندما شاع استخدام عبارة حرب المواهب، التي اشتعلت بين الشركات العالمية الكبرى، تعبيراً عن المنافسة الشديدة بين المنظمات، حيث تحولت المنافسة إلى اجتذاب الموهوبين وأصحاب الكفاءات العالية وتوفير الظروف التنظيمية والمالية التي تساعد على الحفظ والإبقاء عليهم، وتطور هذا المفهوم وأصبح نظاماً يطبق في اغلب إدارة المنظمات كأحد استراتيجيات التطوير والتغيير. ولذا كان في حاجة إلى إرساء قواعد وأسس علمية في إدارة المواهب.

وتعتبر إدارة المواهب في استراتيجيات إدارة الأعمال الحديثة من أبرز الاستراتيجيات الفعالة التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من برامج التطوير القيادي، نظراً لكونها لا تتعلق بالتعليم الوظيفي فحسب، وإنما ببناء العلاقات الإنسانية وإدارة العنصر البشري.

وكلي أمل أن يساهم هذا الإعداد في وضع لبنة في إدارة المواهب البشرية في المنظمات الذي يجب أن يلاحق التطورات التي يشهدها مجتمعنا العربي ….واللهَ أسأل أن يوفقنا جميعاً, إلى ما فيه خير الأمة.

والله وراء القصد

المؤلف

د. مصطفى يوسف كافي.