إن أنشطة استثمار أوقات الفراغ والوظائف التي يحققها على مستوى الأفراد والجماعات، تعد محور اهتمام الناظرين له، وتتحدد وظيفة وقت الفراغ في ضوء وضوح معناه ومفهومه لدى الأفراد، فمن خلال تفهمهم لمعناه، يتم إدراكهم للأهداف التي يمكن أن تنبثق وتتضح من المعنى، ومن ثم يمكن استنباط وظيفته، والتي تتحقق عن طريقها وظائف تخدم كثيرا في فهم جوانب الفراغ، ودوره الوظيفي في حياة الأفراد والجماعات والمجتمعات.

ولا يزال الترويح بعيدا في مفهومه عن متناول وعي الكثيرين به، وخاصة في الدول النامية التي لم تهتد بعد إلى ما للترويح من أهمية كبرى، ومتزايدة في إضفاء طابع السعادة والسرور على تجديد القوى البشرية، وفي زيادة النشاط والحيوية لدى أفراد المجتمع، فالترويح في الوقت الحاضر يعد أمل المستقبل لحياة سعيدة، ويخلق التناسق بين الأفراد والمجتمعات.

وأقدم كتابي هذا للأساتذة والطلبة الأعزاء، أملا أن يكون محتواه مزيدا للثقافة، وأن ينير الطريق لقارئيه نحو مفهوم تربوي وحضاري لأوقات الفراغ والترويح، لما لاستثمار أوقات الفراغ والترويح من أهمية في تنمية شخصية الفرد، ودفع مسيرة التقدم الاقتصادي للمجتمع من خلال زيادة الإنتاج.

وهذا الكتاب بعنوان“ استراتيجيات معاصرة في أوقات الفراغ والترويح “محاولة متواضعة لسد النقص الذي تعاني منه المكتبة العربية بالعموم، والمكتبة الجزائرية بالخصوص في هذه المادة العلمية، وإضافة موضوع هام وحيوي إليها في مجال الترويح وأوقات الفراغ، وهو يحتوى على تسعة فصول ويتضمن في فصوله إدارة أوقات الفراغ، وأساسيات الترويح، ومناشط الأنشطة الترويحية، ومحددات الأنشطة الترويحية، والترويح والفرد في المراحل العمرية المختلفة، والقيادة والبرامج في مجال الترويح، واللعب وتطبيقاته العلاجية، والثقافة الترويحية والوعي الثقافي، والترويح السياحي والسياحة الرياضية.

ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أعبر عن عرفاني بالجميل لأساتذتنا الرواد الأوائل في ميادين الترويح وأوقات الفراغ، الذين نهلنا من علمهم الكثير.

وأتمنى مخلصا أن يحقق هذا الكتاب الفائدة العلمية للباحثين والطلاب في مجال الترويح وأوقات الفراغ، وللمؤسسات والأجهزة المعنية بالترويح، وللقادة والرواد الترويحيين، شاكرا المولى عز وجل فضله وتوفيقه، وأساله سبحانه وتعالى أن يجعل عملي هذا متقبلا، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به كل من يصبو إلى العلم والمعرفة في هذا المجال.

المؤلف: الدكتور العيد بن سميشة