تفصيل

  • الصفحات : 257 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،

مقدمة

بعد سقوط مدينة الجزائر في يد القوات الفرنسية سنة 1930 م، سعت فرنسا بكل ما تملك من وسائل وإمكانيات بشرية ومادية لتمديد عملية التوسع والتغلغل نحو المناطق الصحراوية، وتعتبر سنة 1844م البداية الفعلية لتمديد العمليات العسكرية نحو الصحراء الجزائرية، ذلك بناء على القرار الذي أصدره البرلمان الفرنسي يقضي بتقدم قواته نحو الجنوب وإنشاء مراكز عسكرية خاصة في المناطق الاستراتيجية الرئيسية، تتحكم في مرور القوافل التجارية من جهة وتضمن لهم الأمن للمستدمرين وتسمح لهم بالتصدي لمقاومة سكان الصحراء من جهة ثانية ومنه بسط نفوذه على الشريط الواقع ما وراء الأطلس الصحراوي وعليه فقد تم احتلال ما بين سنة 1844 و1908 بسكرة والجلفة والأغواط وعين الصفراء وجبال القصور وعمور ورقلة وتقرت ووادي سوف وعين صالح وقورارة وتوات وغيرها.

كما ازداد الاهتمام الفرنسي بالصحراء الجزائرية،وهذا بعد مناورات حثيثة بين أفراد الحكومة الفرنسية، حيث أصدرت يوم 24-12- 1902  قانون تضمن تنظيم أقاليم الجنوب الجزائري وإنشاء ميزانية خاصة ومستقلة بها. وقد أخذ التقسيم شكلين حسب مرسوم 12-12- 1905،  فالشكل الأول قسم إلى دوائر وملحقات ومراكز والشكل الثاني، قسم إلى بلديات مختلطة وأخرى أهلية.

وفي منتصف الخمسينات بدأ يتبلور في الفكر السياسي الاستدماري مصطلحات تنادي بتثمين واستغلال ثروات الصحراء الجزائرية خاصة بعد اكتشاف البترول والغاز والمناجم للذهب والنحاس، ولهذا سعت لتحقيق هذا الحلم الاقتصادي إلى اختراع فكرة فصل الصحراء عن الشمال.

شكلت قضية الصحراء الجزائرية إحدى القضايا الهامة في مسار نضال الشعب الجزائري، ذلك أن المستدمر الفرنسي أراد أن يجعل من الصحراء الجزائرية قاعدة إرساء إمبراطورية جديدة تكون الصحراء أهم حلقاتها خاصة بعد بروز أهمية الصحراء في بعدها الجغرافي والطاقوي والعسكري(  التجارب النووية) .

وبعد اندلاع ثورة نوفمبر 1954 ومرورها بأربع سنوات، والتي واكبها الفشل الذريع على الإدارة الفرنسية لإخمادها خاصة بعد تعميمها وتنظيمها، فلجأت سلطات الاحتلال إلى أحد الزعماء العسكريين القدماء والمتمثل في صاحب الأمجاد[1] ، ويملك  ثقة كبيرة في المجتمع الفرنسي أيام الحرب العالمية الثانية، ورغم ورطة الجنرالات السابقة وغلاة الكولون أوشكت أن تقوم حربا أهلية، وحينما وجد نفسه ملزما على إبقاء الجزائر فرنسية، لهذا ولدراسة الموضوع يمكن طرح الإشكالية:

  • الأولى في المحور الأول:  ما السياسة التي تبناها الجنرال ديغول في محاولاته لفصل الصحراء الجزائرية عن الشمال؟  ونظرا للأهمية الاستراتيجية للصحراء الجزائرية منذ الاحتلال مع الدول المجاورة والافريقية.
  • سياسيا: من خلال الخطط الدعائية والدبلوماسية لتظليل الرأي العام الوطني والدولي وتشريع قوانين تجعل الصحراء إقليما إداريا مستقلا وإنشاء المنظمة المشتركة للمناطق الصحراوية OCRES ومحاولة إنشاء وزارة خاصة بالصحراء ومناورة الحكم الذاتي.
  • اقتصاديا: من خلال تشجيع الاستثمار الأجنبي في ثروات الصحراء الجزائرية خاصة بعد اكتشاف البترول الذي لعب دورا في محاولة التقسيم ومشاركة الدول الجوار في استغلاله.
  • وعسكريا : من خلال إقامة القواعد العسكرية واستعمالها للانفجارات النووية والذرية.
  • ومن خلال المحور الثاني: ما هي ردود الأفعال الشعبية من خلال المظاهرات لصد مناورات الفصل؟ وموقف الزعامات المحلية والأعيان؟، والمساندة السياسية للحكومة الجزائرية المؤقتة في الداخل والخارج، إعلاميا ودبلوماسيا.
  • وعسكريا : تكثف جيش التحرير من عملياته العسكرية في كامل إقليم الولاية السادسة التاريخية،خاصة بعد معركة السكة الحديدية وفتح الجبهة الجنوبية.
  • واخيرا في المحور الثالث:ما مدى نجاح محادثات ومفاوضات ايفيان النهائية؟ وأتبعنا في ذلك عموما، المنهج التاريخي والوصفي والتحليلي.



 

[1] ولد شارل ديغول في 22 نوفمبر 1890 في ليل، اختار المهنة العسكرية وتخرج ضابطا من سان سير عام 1912،  وقد شارك في الحرب العالمية الأولى وفي الحرب العالمية الثانية،  أصبح عقيدا ثم جنرالا ثم غادر فرنسا في وقت المارشال بيتان  Pétain ،وذهب الى لندن ووجه نداء 18 جوان من سنة 1940 م الى الشعب الفرنسي، وشكل حكومة فرنسا الحرة، فرجع إلى الحكم في 13 ماي 1958 وهو مؤسس الجمهورية الخامسة،  فإنه فهم أن الحل هو الجزائر لن يكون إلا استقلالا بعد كل المناورات في فصل الصحراء .