تفصيل

  • الصفحات : 281 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2019،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-691-07-5.

بعد التحرر الاقتصادي الذي حصل في أسواق الاتصالات وانحسار الدور الحكومي في تقديم الدعم لخدمات الاتصالات، فإن العديد من البلدان وخصوصا النامية منها، باتت تعاني من هيمنة الشركات الكبيرة والمتعددة الجنسيات على أسواقالاتصالات، ما أعاد الى الأذهان النمط التقليدي في وضع السعر الاحتكاري لخدمات الاتصالات، ولكن في هذه المرة من خلال إطار سوق احتكار القلة. وقد ساهمت التطورات الكبيرة التي حصلت في السنوات الأخيرة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالاتالى تنامي أعداد مشتركي شركات الهاتف النقال، وحصول انخفاض نسبي في أسعار هذه الخدمات. ومع ذلك فإن هذه الاسعار لا زالت عاليه بالنسبة للفقراء والفئات المهمشة. وتشكل التغطية في المناطق النائية والفقيرة تحديا كبيرا في إعاقة انتشار هذه الخدمات بشكل واسع، ما يؤثر على فاعلية ومستوى النمو الاقتصادي، والذي أثبتت الدراسات الحديثة بتحقق زيادة فيمعدلاتهعلى نحو ملحوظ عندما تحصل زيادة بنسبة معينة فيانتشار خدمات تكنولوجيا الاتصالات. ويعزى ارتفاع أسعار هذه الخدمات ولا سيما في البلدان النامية، الى لجوء أغلب شركات الهاتف النقالإلى الاتفاق أو التواطؤ فيما بينهالغرضالتخفيف من حدة المنافسة والتقليل من حالة عدم التأكد التي تسود سوقالاتصالات والذي يعمل ضمن إطار سوق احتكار القلة،وكذلك لسد الطريق أمام الشركات الجديدة التي تحاول الدخول الى السوق.

إن مهمة توفير جزء يسير من خدمات الاتصالات لكل فرد يعد حقا مشروعا تتكفله الدولة، باعتباره يشكل ضرورة أساسية من متطلبات حاجات الفرد أو الأسرة، وخصوصا في الوضع الراهن في العراق والذي تدهورت فيه خدمات الهاتف الارضي على نحو كبير،وعدمتوفرالبديل المناسب والكفوء لها، ماجعل المواطن يضطر الى اللجوء الى خدمات الهاتف النقال في حال تواجده في مكان استقراره أو خارجه. ومن المعلوم بأن ملكية هذه الخدمات تعود الى شركات القطاع الخاص،ولايوجد لها منافس من القطاع العام، ما يحتم على الهيئة الحكومية المسؤولة عن تنظيم الاتصالات العمل على نحو جاد لإيجاد توازن لأسعار هذه الخدمات يساهم في ضمان حقوق الشركات في حصولها على هامش معقول من الأرباح يحفزها على الاستمرار في العمل وتقديم خدماتها على نحو أفضل، وفي الوقت نفسه يعزز من حماية المستهلك من تحكم هذه الشركات بالأسعار.

تأسيسا على  ذلك تأتي اهمية البحث في دراسة الاسس الاقتصادية المعتمدة في تسعير خدمات تكنولوجيا الاتصالات في دول مختارة على ضوء توجهات المنظمات الدولية المتخصصة في هذا المجال، وايجاد آلية لتسعير هذه الخدمات في العراق تحقق التوازنفي سوق الاتصالات وتساهم في تخفيض التباين في مستوى أسعار هذه الخدمات مع باقي البلدان وتعزز من فاعلية السياسات الحكومية الرامية الى تخفيض اسعار خدمات الاتصالات وبما يؤدي الى زيادة الدخل الحقيقي للفرد والاسرة، وذلك لما يتميز به انتاج هذه الخدمات وهيكلها السوقي عن باقي السلع والخدمات. فضلا عن ان تزايد أعداد المشتركين والانتشارالواسعلهذه الخدمات يساهم في توسع السوق وزيادة انتاجية الاقتصاد الوطني، وبالتالي في الاسراع في تحقيق اهداف التنمية المستدامة.

تتميز أسواق الاتصالات بسيطرة شركات قليلة تتحكم بالاسعار والحصص السوقية وتتمتع بنفوذ سياسي واقتصادي وابعاد استراتيجية تمكنها من التواطؤ فيما بينها من جهة، ومع الحكومات من الجهة الاخرى. وتبرز الصعوبة الاكثر وضوحا في أسواق الاتصالات في البلدان النامية التي دخلت اليها هذه الخدمات بواسطة كبرى شركات الاتصالات في العالم والتي استطاعت ان تحقق أرباحا عالية تفوق ماتستثمره باقي الشركات في مختلف القطاعات الاقتصادية من خلال التواطؤ فيما بينها وتقاسم السوق لتثبيت السعر الاحتكاري. وتتفاقم هذه الحالة في العراق الذي تعرضت فيه خدمات الهاتف الأرضي الثابت الى التدمير بعد احداث نيسان/2003، ما أدى الى شلل وتعطيل أغلب هذه الخدمات، وجعل المستهلك يقف أمام خيارات محددة لا يستطيع تجاوزها، ويجابه الارتفاع الذي يحصل في مستوى أسعار هذه الخدمات، ما يدفعه الى تخصيص نسبة لايستهان بها من دخله لتلبية احتياجاته من تلك الخدمات وعلى حساب بعض الحاجات الأساسية الاخرى. ويظهر ذلك على نحو واضح على الأفراد من ذوي الدخول الواطئة والأسر الفقيرة والذين تتأثر دخولهم بأي ارتفاع يحصل في أسعار احتياجاتهم الضرورية، ما يتسبب في حدوث انخفاض واضح في مستوى الرفاهية الاجتماعية. وعلى ضوء ذلك تم صياغة الفرضية الاتية: إن التنظيم الحكومي الكفوء والشفاف لادارةجولاتتراخيص الهاتف النقال، وتخفيض الضرائب والرسوم المفروضة على الشركات الفائزة في هذه التراخيص، يشكل ضمان لإتاحة الخدمة الشاملة وتوفيرها بأسعار معقولة، ويعزز من حالة المنافسة من خلال السماح بإدخال شركات جديدة الى السوق، وبما يؤدي إلى تحقيق السعر التوازني العادل وزيادة مستوى الرفاهية الاجتماعية.وذلك من خلال تحقيق الاهداف الاتية:

  • 1- دراسةأنظمةتسعيرخدماتالاتصالاتالمقترحةمنقبلالهيئاتوالمنظماتالدوليةوالمعمولبهافيمختلفبلدانالعالم،وبيانمدىملاءمتهاللتطبيقفيسوقالهاتفالنقال.
  • 2- تحليل طبيعة الاستراتيجيات السائدة في سوق الاتصالاتمابين المستهلكين والشركات المقدمة للخدمة، وكذلك مابين الشركات ذاتها، ومدى إمكانية تحقيق السعر التوازني.
  • 3- تقديمعرضموجزلبعضتجاربشركاتخدماتالهاتفالنقالفيبلدانمختارة (متقدمةونامية)،للاستفادةمنهافيبلورةرؤيةصالحةلتطويرالتجربةالعراقيةفيهذاالمجال،وبالأخصفيمجالتسعيرخدماتالهاتفالنقال.
  • 4- عرض الاستراتيجيات المحتملة والتي يمكن أن تتخذها شركات الهاتف النقال في إطار عملها في سوق احتكار القلة، وصياغتها على شكل سيناريوهات في اطار النماذج الحديثة لنظرية المباراة، مع بيان إمكانية تحقيق توازن في سوق الاتصالات، والذي يعرف بتوازن ناش.
  • 5- إعدادأنموذج مقترح لتسعير عادل لخدمات الهاتف النقال في العراق، يوازن بين المتطلبات اللازمة لاستمرار عمل شركات الهاتف النقال وبين ضمان حقوق المستهلكين، من خلال توفير الحد الأدنى اللازم لدقائق المكالمات بأسعار تتناسب مع نصيب الفرد من اجمالي الدخل القومي أو مستوى خط الفقر. مع اجراء مقارنة بين اسعار خدمات الهاتف النقال في العراقوبعضدولالجوار.

ولغرض تحقيق أهداف البحث واختبار فرضيته، فقد تم اعتماد منهجين رئيسين، وهما المنهج الاستنباطي( (Deductive approach في الجانب النظري من البحث والذي يتعلق بدراسة آثار أسعار خدمات تكنولوجيا الاتصالات على التنمية والنمو الاقتصادي، من خلال دراسة واقع اسواق شركات الاتصالات وتحليل انماط التسعير الرئيسة التي تستخدمها، وكذلك تحليل الخطوات المتخذة في اتجاه الاصلاح الهيكلي لقطاع تكنولوجيا الاتصالات واثارها على حدوث التوازن في اسواق الاتصالات.والمنهج الثاني هو المنهج الاستقرائي (Inductive approach) والذي تم اعتماده في الجانب التطبيقي من خلال تناول اتجاهات تسعير خدمات الاتصالات بالاعتماد على مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وسلال الأسعار الرئيسة والفرعية لها، وآثار سياسات الضرائب ومستوى المنافسة عليها، بالاعتماد على النظرية الاقتصادية الجزئية وتحليل ذلك على وفقالنماذج الملائمة من نظرية المباريات والمتمثلة بلعبة الشجرة وتوازن ناش والحل التساومي لناش، مع استخدام بسيط للاساليب الرياضية في هذا المجال.

وفيما يتعلق بالحدود الزمانية والمكانية للبحث فقد تم اختيار بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) والتي تمثلها كل من سويسرا وفرنسا للمدة من 2010-2014 كأنموذج للبلدان المتقدمة. اما البلدان النامية فتمثلها في هذا البحث كل من مصر والهند للمدة 2007-2015. أما في العراق فإن البحث يغطى مرحلتين أساسيتين من مراحل تطور نظام الاتصالات، تتمثل المرحلة الأولى بالمدة التي سبقت أحداث نيسان/2003، والمرحلة الثانية، المدة التي بعدها (2004-2014) والتي شرعت فيها شركات الهاتف النقال بتقديم خدماتها في العراق. وتم اختيار وتحليل سياسات شركتي زين العراق وآسياسيل في إطار الجانب التطبيقي باعتبارهما تستحوذان على أكبر حصة في سوق الهاتف النقال في العراق والتي بلغت نسبتها 81% في عام 2014. ولتحقيق أهداف البحث في ضوء الفرضية فقد تم تقسيمه الى ثلاثة فصول، الفصل الأول يمثل الإطار النظري ويتضمن ثلاثة مباحث، المبحث الأول يبينضرورات وآفاق تطور خدمات الاتصالات، والمبحث الثاني يتناول اتجاهات الإصلاحات الهيكلية في قطاع الاتصالات، فيما يهتم المبحث الثالث بتحديد الأسس الاقتصادية لتسعير خدمات الهاتف النقال.فيما تناول الفصل الثاني تحليل اتجاهات تسعير شركات الهاتف النقال في دول مختارة، ويتضمن المبحث الأول منه الأسس الاقتصادية للمعايير الدولية لتسعير خدمات الاتصالات، والمبحث الثاني تنظيم الاسعار الاحتكارية لشركات الهاتف النقال، أما المبحث الثالث فقد تم تخصيصه لتحليل أسعار شركات الهاتف النقال في بلدان مختارة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية(OECD) ومصر والهند. ويشمل الفصل الثالث الأبعاد الاقتصادية لتسعير خدمات الاتصالات في العراق، وتضمن المبحث الأول منه اتجاهات تطور الخدمات الهاتفية في العراق، والمبحث الثاني الأبعاد الاقتصادية لاستراتيجيات تسعير شركات الهاتف النقال في العراق. أما المبحث الثالث فتناول صياغة مجموعة من السيناريوهات لاستراتيجيات شركات الهاتف النقال في سوق الاتصالات في العراق مع تقديم آلية مقترحة لتسعير خدمات الهاتف النقال.

ومن الجدير بالذكر ان هذا البحث هوبالاساس عبارة عن أطروحة دكتوراه في علم الاقتصاد تم مناقشتها وقبولها في كلية الادارة والاقتصاد في الجامعة المستنصرية بتقدير جيد جداً عالي. ولا يسعني إلا أن اتقدم بخالص شكري ووافر تقديري للاستاذ الدكتور عبد الستار عبد الجبار موسى المشرف على الاطروحة والاستاذ المتمرس الدكتور محمـد صالح القريشي رئيس لجنة المناقشة واعضاء لجنة المناقشة كل من الاستاذ المساعد الدكتوره نضال شاكر الهاشمي والاستاذ المساعد الدكتوره مناهل مصطفى عبد الحميد والاستاذ المساعد الدكتور صالح مهدي البرهان والاستاذ المساعد الدكتور ميثم لعيبي اسماعيل على الملاحظات التي تفضلوا بها والتي ساهمت في تقويم البحث, والشكر موصول للاستاذ الدكتور مهدي سهر المقوم العلميوالدكتور صباح سعد وريوش المقوم اللغوي على الملاحظات القيمة التي ابدوها. والى جميع اساتذتي في قسم الاقتصاد في الجامعة المستنصرية وافر التقدير والامتنان على ما بذلوه من جهود علمية طيبة كان لها الاثر الواضح في تعزيز المسارات العلمية للبحث. والى زملائي في مرحلة الدكتوراه جزيل شكري واعتزازي لآرائهم  وملاحظاتهم. ولابنتي المهندسة دعاء راجي اقدم خالص حبي واعتزازي على جهودها التي بذلتها معي في طباعة البحث ورسم الاشكال البيانية. ولكل من ساهم في ابداء الرأي وتقديم العون والمشورة اقدم عظيم شكري وخالص تقديري.