تفصيل

  • الصفحات : 196 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2021،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،

تجعلنادراسة الخطاب الصحفي المكتوب في قلب الدرس الأدبي،فمن البديهي أن الصحافة سليلة الأدب، نشأت في أحضانه، وعند ضفافه،إذ استقوت بأقلام المتأدبين، كما تكلم الدارسون كثيرا عن علاقة الأدب بالصحافة،وتأثير وتأثره بها، فقد نشأتا معا، لكن بعد ذلك انفصلتا –إلى حد ما -الشي الذي أدى إلى انزواء الأدب من جهة،وجفاف أسلوب الصحافة من جهة أخرى.

وفي السنوات الأخيرة أصبح من الضروري إيجاد صيغ وأشكال جديدة في نقل الأحداث على نحو صادق وجذاب يترك أثرا عميقا في القارئ. وذلك من خلال استعارة التقنيات الأدبيةللفن القصصي وتطبيقها،مما يضفي على النص الصحفي جاذبية تثير اهتمام القارئ،وتدفعه إلى التفكير.

ومن أمثلة التمازج الذي أصبح بين الصحافة والأدب ظهور ما يسمى”بالرواية غير  الخيالية”[1]باعتبارها تصويرا لشخصيات حقيقية،وأحداث واقعية من الحياة، باستخدام السرد القصصي، وهو جنس مرن يقع على تخوم الصحافة والأدب، ويمزج بينهما. إضافة إلى ذلك ظهر “مصطلح الصحافة الروائية “[2] الذي يقدم القصص الواقعية في ثوب أدبي فيه الكثير من الخيال والبلاغة والمفارقة،ويستعمل تقنيات الرواية في معالجة التقارير الصحفية.

يعتبرالربورتاج الصحفي من الأجناس الصحفية الأقرب إلى السرد القصصي، لذلكسنحاول مقاربة التقنيات التي يوظفها،والتي تمنحه روح الأدب، وشروطه،أو ما اصطلح عليه بالأدبية أي الجوانب الجمالية،والأشكال الفنية الكامنة في النص.وذلكمن خلال التوسل بالمنهج البنيوي الشكلي الذي ينفتح على نظرية السرد التي تبلورت على يد جملة من النقاد الفرنسيين كتودوروف وجيرار جنيت.

وللوقوفعند التقنيات الأدبية التي يعتمدها الربورتاج الصحفي،ارتأينا البحث في هذا المجال،فوقع اختيارنا على الموضوع الموسوم ب:”الأدبية في الربورتاج الصحفي المكتوب ” جاعلين منه منطلق بحثنا قصد الإجابة عن الأسئلة التالية:

  • ما هي طبيعة العلاقة التي جمعت بين الصحافة والأدب ؟
  • ماهي التقنيات الأدبية الكامنة في الربورتاج الصحفي ؟
  • إلى أي حد يمكن التوسل بالتقنيات الأدبية في الصحافة عامة،والربورتاج الصحفي خاصة؟
  • ماهي طبيعة الحدود بين الصحافة والأدب ؟
  • إلى أي حد يمكن للنص الصحفي أن يمتح من عناصر الأدب  عامة، والقصة خاصة؟
  • هل تؤثر الاكراهات التي يواجهها الصحفي كسياسة التحرير للمؤسسة الصحفية  في إضفاء طابع الأدبية على الربورتاج الصحفي؟
  • ما الذي يميز الربورتاج الصحفي عن باقي الأجناس الصحفية ؟
  • هل يؤثر التركيز على البناء الجمالي للربورتاج الصحفي على وظيفته الإخبارية ؟
  • إلى أي حد تتدخل ذاتية الصحفي في تشكيل جمالي للنص الصحفي ؟

وأسباب اختيارنا لهذا الموضوع  تكمن في ما يلي :

أولا : في راهنية الموضوع من جهة، إذ أصبح من المتداول في الساحة الثقافية،لما يطرحه الموضوع من إشكالات حول الحدود بين الأدبي والصحفي.

ثانيا : قلة الدراسات في هذا المجال من جهة أخرى، وعلى وجه الخصوص في الساحة العربية.

ثالثا:رغبتنا في الوقوف على مدى قدرة الصحفي على التوسل بالتقنيات الأدبية في النص الصحفي في ظل السياسة التحريرية للصحيفة.

إضافة إلى أنه في العقود الأخيرة تسيدت الصورة،وأخذت مكان الكلمة في التعبير.ولعل ذلك يستوجب تعاونا بين الصحافة والأدب للحفاظ على دور الكلمة،وخاصة بعد ظهور الإعلام الالكتروني .

لذلك،اخترنا ثلاثة نصوص صحفية تنتمي إلى جنس الربورتاج،صادرة من الجريدة نفسها،وكان من دواعي اختيارنا لهذه النصوص أنها تتناول مواضيع مختلفة (المشردون، السكن العشوائي،مدينة السراغنة).وذلك للمقارنة بينها في مدى توسلها بالتقنيات الأدبية، وحتى لا نجعل البحث ضيقا في نص واحد  يتناول عناصر أدبية بشكل محدود.

وتهدف هذه الدراسة إلى :

  • الكشف عن تقنيات الفن  القصصي المستخدمة في النصوص الصحفية المختارة للتحليل.
  • الوقوف على الملامح الأدبية الكامنة في النص الصحفي عامة، والربورتاج على وجه الخصوص.

وقد اعترضت الدراسة عدة صعوبات،منها أننانحاول المقارنة بين عالمين مختلفين(الأدب والصحافة)،والاختلاف بينهما جعل لكل عالم مفاهيمه، ومقاييسه،وتطبيق عناصر أحدهما على الاخر لا يخلو من مخاطر ومزالق .

ومن الصعوبات التي واجهناها هذه الدراسة ندرة المصادر التي تناولت العلاقة بين الأدب والربورتاج الصحفي، إذ اكتشفنا أن مصادر الموضوع محدودة جدا،ما عدا دراسات قليلة تناولت فنون التحرير الصحفي،وقد أشارت إلى الربورتاج دون ملامسة الجوانب الأدبية فيه، وإن انطوت على بعض الإشارات الدالة على أسلوبه الأدبي   لاسيما السردي .

وهكذا لم نجد من الدراسات السابقة في هذا المجال ما يمكن أن نعتبره أرضية  يمكن الانطلاق منها،بحكم جدة الموضوع، إلا بعض الأبحاث على رأسها بحث لنيل شهادة الإجازة،ويعد أول تنظير أكاديمي لفن القصة الصحفية لإبراهيم الطائي،وعنوانه “بين القصة الصحفية والقصة الأدبية”[3].أما الدراسات والمؤلفات المتخصصة في الموضوع فتكاد تكون منعدمة .أضف إلى الصعوبة  التي واجهناها في تطبيق عناصر الفن القصصي على النصوص الصحفية،ومرد ذلك إلى الحدود الفاصلة بين الصحافة والأدب .

وللإجابة على الإشكالات المطروحة وغيرها،اتبعنا في بحثنا الخطوات التالية:

-الاستهلال بمقدمة نقف من خلالها عند أهمية الموضوع، والأسباب الكامنة وراء اختيار الموضوع.

-المدخل :تناولنا فيه بالتعريف والتوضيح مصطلحي الصحافة والأدبية .

-الفصل الأول: يشتمل على مبحثين،المبحث الأول أشرنا فيه للعلاقة بين الصحافة والأدب سعيا لبيان أوجه الاختلاف والاتفاق بينهما، من خلال الوقوف عند هذه العلاقة في الثقافة الغربية والثقافة العربية،وصولا إلى تبيان العلاقة بين الربورتاج والأدب، ولاسيما أدب الرحلة. أما المبحث الثاني فخصصناه للربورتاج الصحفي المكتوب فبدأنا في تعريفه،ثم وقفناعند أهم سماته الأدبية،التي تجعله يقترب من الأدب عامة،والفن القصصيعلى وجه الخصوص. لذلك  رجعنا  إلى مؤلفات جعلتنا نقترب من جنس الربورتاج،ونفهم خصوصيته،ومن هذه المؤلفات على  وجه الخصوص كتاب “الاستطلاع الصحفي ” لعبد الوهاب الرامي،كذلك، كتابه “الأجناس الصحفية إعلام المهني الصحفي “،و كتاب ” القصة الصحفية والربورتاج ” لبسام الكعبي.

– الفصل الثاني: خصصناهللشق التطبيقي الذي قمنا فيهبتحليل النصوص الصحفية. وذلك في مبحثين المبحث الأول تناولنا فيه عناصر البناء الفني القصصي من حدث وحبكة وشخصية وزمن ومكان.أما المبحث الثاني فحاولنا فيه البحث في عناصر التعبير الفني القصصي من لغة،وسرد،وحوار، ووصف، لأجل الوقوف عند أهم التقنيات الأدبية المستعملة في النصوص الصحفية.

-خاتمة: تتضمن أهم الخلاصات التي توصلنا إليها من خلال البحث.

وأخيرا نشير إلى أننا لا ندعي أننا قد أحطنا بمختلف جوانب هذا البحث، وإنما تناولنا ما أتاحته المدة الزمنية. كما لا يفوتنا أن نتوجه بالشكر الخالص والامتنان العميق  للأستاذين المشرفين،الدكتورة لطيفة لزركوالدكتور عبد الدين حمروش على نصائحهما السديدة، ووتوجيهاتهماالقيمة، ولولاهما لما تم إخراج هذا العمل المتواضع إلى الوجود. فإن وفقنا فبفضل الله وفضلهما، وإن لم نوفق فبتقصير منا .

[1]ينظر،هوشيار (جودت) الصحافة الجديدة،17فبراير،2016.مقالة الكترونية.

[2]ينظر، بسام أبو سنينة (غدير)،السرد متأرجحا بين الصحافة والرواية، معهد الجزيرة للإعلام (موقع الكتروني)، الخميس 14أبريل،2016.

[3]الطائي (إبراهيم )،بين القصة الأدبية  والقصة الصحفية  “أول تنظير أكاديمي لفن القصة الصحفي”، بغداد،2012.