تفصيل

  • الصفحات : 279 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2022،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،

لقد عرفت وسائل الإعلام تطورا كبيرا جعلها تكتسح جميع مجالات الحياة، إذ تتميز بكونها فتحت للإنسان مجالا واسعا للمشاهدة والاستماع والقراءة، ومن مميزاتها أيضا أنها تدخلت في جميع المجالات الاجتماعية والتربوية والثقافية والاقتصادية..؛ فأصبحت تؤثر في سلوكيات الفرد اجتماعيا واقتصاديا وغيرها من الميادين مما جعلها جزءً من الحياة المعاصرة كمعيار لقياس مدى تطور المجتمعات ورقيها، لأن وسائل الإعلام سارت تُّعد من أهم مصادر الفكر والمعرفة في المجتمع، حيث يؤكد الباحثون أن أي تغيير في المجتمع لا يمكن أن يتم بمعزل عن استخدام وسائل الإعلام، لأنها من الوسائل المهمة والرئيسية لشرح ونقل تلك التغيرات الجديدة التي ستحدث في المجتمع وفي بنيانه ووظائفه، وتعبئة الرأي العام من خلال التأثير على قيمه بشكل إيجابي أو سلبي.

ليس هذا فقط؛ بل تقوم وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والتكنولوجية أيضا بدور تربوي كبير في المجتمع وذلك لتأثيرها على عقول الناس وتفكيرهم، ويمكنها القيام بهذا الدور لأنها متعددة ومتنوعة وشاملة وميسورة الاقتناء، وتهتم بقطاعات كبيرة من الناس، وأنها بالتقدم العلمي والاعتماد على الميكنة والآلة قد عبرت المسافات ووثّقت الاتصال بين الأماكن والجماعات، ونقلت الأفكار والأخبار عن وعي الأفراد والمجتمعات المختلفة، علاوة على تأثيرها في الرأي العام، كل هذا جعلها من القوى التربوية المؤثرة في المجتمع. بل الأكثر من ذلك فإن وسائل الإعلام بأطيافها أضحت توصف بأنها “السلطة الرابعة” في إشارة إلى وزنها الثقيل في حياة الشعوب وحاكميها وبالنظر إلى حجم الأدوار التي ما فتئت تضطلع بها.

فغيرُ خافٍ على أحد أن الإعلام الرياضي –الذي هو لون من ألوان الإعلام المتعددة- اليوم ليس كالذي كان بالأمس، والذي كانت مهامه الرئيسية والكلاسيكية تقتصر على نقل الأخبار أو المعلومات أو الآراء وإيصالها إلى متلقيها من المهتمين بصفة مجردة، غير أنه في عصرنا المتسارع هذا تعاظمت أدواره وتشعبت وأضحى يتحمل الثقل المركزي في الدفع بالحياة الرياضية في الوسط الاجتماعي بموجب ما يملكه من إمكانيات مادية ومعنوية تؤهله لذلك، فتعدى أهدافه القديمة إلى تنمية الكثير من الجوانب والعلاقات الاجتماعية بين أوساط الشريحة الرياضية..، إذ ما فتئ –الإعلام الرياضي- يلعب في زماننا هذا أدوارا جبارة لا يستهان بها في تواصل المجتمعات الرياضية واتصال بعضها ببعض. ذلك أن لديه هو الآخر أدوارا وأهدافا منوطة به لا تقل أهمية ولا وزنا عن الإعلام العام في حياة ويوميات هذا المجتمع أو ذاك، فبفضل وسائل الإعلام الرياضية المتنوعة سواء كانت المقروءة أو المسموعة أو المرئية تنتج لدى الفرد ثقافة وحصيلة لا بأس بها من المعارف الرياضية وما يتصل بها من جوانب متعددة تمس شخصية الإنسان من قريب كان أو من بعيد، لأنه من خلال هذه الوسائل الإعلامية الرياضية البناءة وجادة الأهداف وعالية الهمة تحقق المجتمعات توازنها ورقيها وتمضي نحو التنمية والتفتح على الآخر..، عن طريق تخفيف حدة الصراع بين الدول والتواصل مع الشعوب الأخرى والتنافس الشريف الخالي من الحساسيات والنعرات الطائفية، وتذكية روح المنافسة النزيهة وتأكيد الذات ولعب شتى الأدوار الاجتماعية الإيجابية والفعالة، لاسيما وأن الرياضة قدمت ولازالت تقدم للإنسانية مجالا شريفا وإطارا ساميا للمنافسة والصراع والتباري.

وباعتبار أن الإعلام مكوّنٌ من مكونات البنية الفوقية للمجتمع، وبالنظر للتطورات العديدة والهائلة التي طالت الحقل الرياضي؛ فإن الإعلام الرياضي يتحمل الثقل المركزي في تقديمه للحياة الرياضية بصفة أكثر موضوعية وشمولية، وفي ظل حتمية المصير بين الإعلام الرياضي والحياة الرياضية وكذا الاجتماعية للرياضيين لارتباطهما العضوي توجب عليه -الإعلام الرياضي- التخلي عن الأساليب الكلاسيكية القديمة والمتمثلة أساسا في التغطية الإخبارية السطحية والموجزة دون سوى ذلك من الواجبات والمهام، إذ الواقع يفرض عليه بشدة مسايرة ما يستجد على الساحة من خلال توسيع دائرة مهامه إلى تنمية الجوانب الشخصية والاجتماعية لدى الرياضيين وصقلهم وتنويرهم بما يستجد في هذا الشأن، خاصة ونحن نعلم أن الحياة الاجتماعية للرياضيين مرتبطة ارتباطا وثيقا بالحياة الرياضية وتتقاطعان في الكثير من النقاط والسلوكيات.

ومن هذه الأدوار نجد اضطلاع وسائل الإعلام وتكنولوجيات المعلومات والاتصال الجديدة اليوم بدور غير مسبوق بشأن مسألتي التربية والمواطنة؛ لأن المواطنة تشكل حاليا موضوع الساعة بما تتضمن من تحديدات للعلاقة بين المواطن والدولة من خلال الواجبات والحقوق، وهي التي تعتمد حاليا على كل ما من شأنه أن يرفع التمييز بين المواطنين والواقع باسم العرق أو المذهب أو الدين أو الجنس أو السياسة أو الثقافة أو أي اعتبار آخر يُدخل الفرد إلى خانة معينة ويحاصره فيها بشدة. ولكي تؤدي وسائل الإعلام دورها كاملاً في تمكين المواطن من الحصول على حقوقه والمساهمة في تعزيز المواطنة لا بد أن يكون مفهوماً أن حرية الصحافة لا تقتصر فقط على حرية الصحفيين في إنتاج الموضوعات وصنعها والتعليق عليها؛ بل أنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحرية الجمهور في الانتفاع بالمعلومات والمعرفة والإسهام بكل نشاط في الحياة السياسية.

فموضوع “وسائل الإعلام وتأثيراتها المختلفة والمتنوعة” شد انتباه واهتمام قريحة الكثير من المفكرين والباحثين الأكاديميين؛ لما له من دور بارز في إثارة اهتمام الجمهور بالقضايا والمشكلات المطروحة على الساحة..، من أجل ذلك وغيره جاءت فكرة تأليف هذا الكتاب بغية تسليط الضوء على مختلف قضايا الإعلام وكيفية تعاطيه معها، لاسيما موضوع الروح الوطنية والمواطنة الذي أصبح يمثل العمود الفقري في التنشئة الاجتماعية لدى الدول التي تروم تحقيق القفزة النوعية في جميع المجالات لتبوّء مكانة محترمة بين دول العالم. حيث تضمّن الكتاب أربعة فصول افتتحها المؤلف بفصل عن الإعلام الرياضي وجمهوره وتلاه بفصل يتحدث عن الروح الوطنية، وأعقبه بفصل يحكي قيم ومعاني المواطنة، في حين اختُتم الكتاب بفصل عنوانه تأثيرات وسائل الإعلام الرياضية المختلفة.

واللهَ نسأل أن يكون هذا الإصدار إضافة نوعية لا فقط كمية إلى مكتبات ميدان التربية البدنية والرياضية عموما وتخصص الإعلام الرياضي خصوصا داخل الوطن وخارجه، وأن يجد فيه القارئ أجوبة عن بعض الأسئلة التي تختلج صدره، وأن يكون بادرة خير تعقبها إصدارات ومؤلفات عديدة مستقبلا بحول الله وعونه.