تفصيل

  • الصفحات : 431 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2022،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-283-5.

تعد الدراسات الاقتصادية الإسلامية والأسس والمبادئ التي يبنى عليها النظام الاقتصادي الإسلامي من أبرز المواضيع البحثية التي تم تناولها في العشرينيات الأخيرة من القرن الماضي والى يومنا هذا، ولقد تنامت الأهمية العلمية والعملية للاقتصاد الإسلامي بسبب معاناة النظم الاقتصادية الوضعية المعاصرة من العديد من المشكلات العملية، ولم تفلح في تحقيق الإشباع الروحي والمعنوي وكذلك المادي للشعوب، فقد انهار النظام الاقتصادي الاشتراكي والشيوعي، كما يعاني النظام الاقتصادي الرأسمالي من أزمات متوالية، ومن أبرز هذه الأزمات والتي مست بأغلب اقتصاديات العالم أزمة الرهن العقاري سنة 2008، والتي كان سببها تعاظم الديون وعدم قدرة الدائنين على سدادها بسبب معدلات الفائدة على قروض الرهن العقاري، وقد تمخض عنها انهيار العديد من اقتصاديات دول العالم وإفلاس العديد من المؤسسات.

كما أدرك العالم أنه يجب إيجاد نظام عالمي جديد بديل عن النظام الرأسمالي، مما يعني ضرورة تقديم الاقتصاد الإسلامي كنظام عالمي بديل، وذلك من خلال تطبيق هذا النظام في بعض الدول الإسلامية والاهتمام بالدراسات والأبحاث في مجال الاقتصاد الإسلامي، كما تبنت العديد من المؤسسات المصرفية النظام الإسلامي في تسيير أنظمتها البنكية وذلك بالتحول من النظام الاقتصاد الربوي إلى النظام الاقتصاد الإسلامي، كما افتتحت عدة معاهد في دول أوروبية تهتم بالدراسات الاقتصادية الإسلامية، ولقد قطعت الجامعات الأوروبية شوطا كبيرا في مجال دراسة المصرفية الإسلامية حيث تعقد دورة  في جامعة لافربو في بريطانيا بإشراف المؤسسة الإسلامية في بريطانيا ومعهد البحوث والدراسات التابع للبنك التنمية الإسلامي، بالإضافة إلى الندوات والمؤتمرات العلمية حول الاقتصاد الإسلامي في العالم، وبالأخص في العالم الغربي.

وفي خضم تعدد الأزمات، وفي أثناء غياب ذلك الدور الريادي الذي كان ذات يوم للإسلام وأهله، وأمام عجز سائر الحلول الآنية الجزئية المستوردة لمواجهة تلك الأزمات، تبرز أهمية الالتفات والعودة إلى المنهج الاقتصادي الإسلامي الشامل والمتكامل والقادر لمواجهة تلك الأزمات بأشكالها المختلفة.

وإذا كان المال عصب الحياة الاقتصادية، فإن حسن إدارة المال وتنميته تعتبر أحد مقاصد الشريعة الإسلامية يقول الله سبحانه وتعالى: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيماً}[1]، يقول القره داغي: “لم أجد وصفا دقيقاً يصف المال بدقة مثلما وصفه الله عز وجل في هذه الآية الكريمة، وكلمة القيام هي كلمة –كما يقولون- اسم المصدر أي يقوم به الحياة، يقوم به الروح، أي أن المال –بعد العقيدة الصحيحة- قيام للإنسان.. للمجتمع الإنساني والإسلامي وسبب حركته ونهوضه”[2].

إن إدارة المال إدارة حسنة، وحفظه من الضياع، تقوم أساساً على الاستثمار، الذي يلعب دور هاماً في تحقيق الأمن والاستقرار والرخاء للفرد والجماعة على سائر المستويات، لذلك فإن الحاجة اليوم تدعو إلى ربط الاستثمار بعالم القيم والمبادئ العقدية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية، وذلك لفشل الأنظمة الاقتصادية الرأسمالية والاشتراكية التي دعت للفصل بين عالم الاستثمار والقيم.

من خلال ما سبق، وفي إطار السعي إلى التمكين لأسس ومبادئ النظام الاقتصادي الإسلامي وأهمها الاستثمار بكل أبعاده، ومع الغياب الواضح للمعايير والضوابط الإسلامية للعملية الاستثمارية عند التقييم والاختيار بين المشاريع الاستثمارية، جاءت إشكالية هذا البحث كما يلي:

ما هي معايير اختيار وتقييم المشاريع الاستثمارية في البنوك الإسلامية، وكيف يمكن تطويرها ؟

ومن أجل التوضيح والتفصيل في الإشكالية السابقة، تم تقسيمها إلى مجموعة من الأسئلة الفرعية التالية:

  1. ما هو مفهوم الاستثمار في المنهج الإسلامي، وما هي أهدافه وضوابطه؟
  2. هل تسعى البنوك الإسلامية إلى تحقيق أهداف الاستثمار في الإسلام وترسيخ ضوابطه عند اختيار المشاريع الاستثمارية؟
  3. ما هي نظرة الإسلام إلى المعايير المتبعة في الاقتصاد الوضعي؟ وما مدى إمكانية الاستفادة منها في الاقتصاد الإسلامي؟
  4. إذا كانت البنوك الإسلامية تعتمد على المعايير التقليدية أحياناً، فما هي إمكانية إيجاد معدل خصم بديل مستقل تماما عن سعر الفائدة ولا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية؟
  5. هل تتوفر البنوك الإسلامية على طريقة واضحة ودقيقة في خصم التدفقات النقدية للاختيار بين البدائل الاستثمارية؟
  6. هل توجد معايير إسلامية خالصة يمكن أن تطرح كبديل في هذا المجال؟

فرضيات البحث:

للإجابة على الإشكاليات المطروحة قمنا بوضع مجموعة من الفرضيات كما يلي:

  1. مفاهيم وأهداف الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي تختلف عنها في الاقتصاد الوضعي، وعلى هذا الأساس فإن معايير تقييم المشروعات في الأنظمة الوضعية غير صالحة في معظمها للتطبيق في الاقتصاد الإسلامي.
  2. تسعى البنوك الإسلامية إلى تحقيق أهداف الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي عند الاختيار والمفاضلة بين البدائل الاستثمارية، بهدف ترسيخ الضوابط الشرعية المتعلقة بالاستثمار في المنهج الإسلامي.
  3. البنوك الإسلامية تعتمد على معايير الاختيار والمفاضلة بين البدائل الاستثمارية المتبعة في الاقتصاد الوضعي بما في ذلك استخدامها لسعر الفائدة في عملية الخصم.
  4. تسعى البنوك الإسلامية في اختيار البدائل الاستثمارية، إلى تحديد طريقة واضحة ودقيقة في تحديد معدل خصم يعتمد على التزامها بأحكام الشريعة الإسلامية .
  5. توجد معايير إسلامية خالصة لتقييم واختيار الاستثمار يمكن استخدمها في البنوك الإسلامية.

تكمن أهمية هذا الكتاب في محاولته توضيح مفهوم الاستثمار من وجهة نظر المذهب الاقتصادي الإسلامي، وبيان أهم المعايير والضوابط التي توجه سلوك المستثمر الإسلامي، والتي تؤكد حقيقة أن الإسلام لا يفصل بين مفهوم الاستثمار وعالم القيم والمبادئ، وذلك حتى تتحقق مقاصد الشارع الحكيم من عملية الاستثمار، وبالتالي تحقيق الرفاهية الشاملة للفرد والجماعة وتحقيق النمو والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وهو مالا يتوافر في المذاهب الاقتصادية الوضعية، والتي قامت على أساس الفصل بين عالم القيم والمبادئ وعالم الاستثمار، كما يحاول هذا الكتاب اقتراح معايير جديدة للتقييم والمفاضلة بين المشاريع الاستثمارية في ظل المنهج الإسلامي بالإضافة إلى محاولة اقتراح معدل خصم مبني على معايير إسلامية يستخدم من اجل خصم التدفقات النقدية.
كما يسعى هذه الكتاب للوصول إلى مجموعة من الأهداف أهمها ما يلي:

1- إيجاد مفاهيم جديدة للاستثمار بناء على ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية.

2- اقتراح منهج إسلامي في دراسة الجدوى يستطيع المستثمر المسلم الاعتماد عليه في تقييم واختيار المشاريع الاستثمارية.

3- البحث عن معايير إسلامية خالصة لدراسة الجدوى تساعد المستثمر المسلم على التقييم والاختيار بين المشاريع الاستثمارية.

4- إلقاء الضوء على معايير تقييم المشروعات الاستثمارية والأهداف القائمة على الاختيار في البنوك الإسلامية وربطها بأهداف الاستثمار الإسلامي، مع دراسة تشخيصية لسياسات التقييم والاختيار بين البدائل الاستثمارية المتبعة في البنوك الإسلامية.

5- اقتراح معدل خصم مبنى على أسس إسلامية يساعد المستثمر في خصم التدفقات النقدية في حالة استخدامه للمعايير الوضعية الموجودة، يكون بديلاً عن سعر الفائدة.

انطلاقا من أهمية هذا الكتاب والأهداف المنوطة به، تم تقسيم موضوع الكتاب إلى خمسة فصول بعد المقدمة تتمثل في :

الفصل الأول: وهو بعنوان مفاهيم عامة حول الاستثمار وتقييم المشروعات في الاقتصاد الوضعي ويتناول أهم التعاريف المطروحة في الساحة العلمية عن الاستثمار، كما يركز على تناول أهم المعايير المستخدمة في تقييم المشاريع الاستثمارية سواء كانت مرتكزة على المردودية أو التحيين  وحتى الأدوات المرتكزة على الخطر كشجرة القرار

الفصل الثاني: وهو بعنوان مفاهيم وأهداف وضوابط الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي، حيث يتناول المفاهيم والأحكام التكليفية للاستثمار في الإسلام، كما يتطرق إلى أهداف ومقاصد الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي، وفي الأخير يتم التطرق إلى أهم الضوابط الشرعية لاستثمار المال في الإسلام.

الفصل الثالث: وهو بعنوان معايير تقييم المشاريع الاستثمارية في الاقتصاد الإسلامي حيث يهتم بدراسة معايير تقييم واختيار الاستثمارات من وجهة نظر الخبراء والاقتصاديين المسلمين، فيتطرق إلى المساهمات الفكرية في مجال تقييم الاستثمارات من المنظور الإسلامي، ثم يقدم فيه معدلات الخصم المقترحة من قبل الباحثين الإسلاميين، ليطرح في الأخير مناقشة فكرة التفضيل الزمني للنقود لتأصيل معدل خصم مقترح بناء على المقترحات السابقة.

الفصل الرابع: وهو دراسة ميدانية تشخيص سياسات اختيار وتقييم الاستثمارات في البنوك الإسلامية (دراسة تطبيقية على عينة من البنوك الإسلامية)، حيث يتناول تقديم منهجية دراسة العمل الميداني المطبق، كما تناول اختبار الفرضيات من خلال المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية بالإضافة إلى اختبار الفرضيات من خلال علاقات الارتباط والاستقلالية، وفي الأخير تناول دراسة لمعادله خط الانحدار المتعدد بالطريقة القياسية.

الفصل الخامس: وهو بعنوان نحو تحديد مفاهيم وآليات جديدة لتقييم الاستثمارات في الاقتصاد الإسلامي ولقد تناول مفاهيم متعلقة بتحديد مفاهيم جديدة للاستثمار في الاقتصاد الإسلامي، كما خصصا لدراسة جدوى مشروع استثماري من خلال اقتراح معدل خصم إسلامي على ضوء التجربة السودانية

[1] سورة النساء الآية 05

[2] على قره داغي: فقه المال، الحلقة الأولى على قناة الجزيرة، بثت الحلقة بتاريخ 01/06/2017.