تفصيل

  • الصفحات : 300 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2018،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-484-69-1.

أصبح مفهوم الاتصال الدولي من أكثر المفاهيم طرحا على الساحة الدولية وأكثر إثارة للاهتمام من قبل الباحثين والمفكرين بفضل التطورات المتتالية لوسائل الاتصال، والتي حولت الاتصال العادي إلى اتصال دولي وأتاحت التبادل الدولي على ضوء التطورات التكنولوجية الحديثة التي أزالت الحواجز بين الدول، فتلاشت الحدود وتداخلت ثقافات العالم وقلبت موازين القوى العالمية وأحدثت تغييرات جذرية في النظام الدولي، بحيث انقسم العالم إلى دول مركزية ودول غير مركزية، أو ما يسمى بدول الشمال المتقدم الذي يمتلك تقنيات وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة وبالتالي المسيطر على هذه الوسائل والمتحكم بها، ودول الجنوب المتخلف أو النامي الذي يستهلك هذه الوسائل نظرا للفجوة التقنية والتكنولوجية بين هذه الدول، وبالتالي حرم الجنوب أو العالم الثالث الكثير من الامتيازات التي تحققها التكنولوجيا المتطورة في مجال الإعلام والاتصال، وجعلها في كثير من الأحيان غير قادرة على الحفاظ على استقلالها السياسي وأمنها الثقافي بسبب التفوق التكنولوجي للغرب وهيمنة المؤسسات الإعلامية الدولية على سير المعلومات وتدفق الأخبار.

والاتصال الدولي لم يعد يعني نقل المعلومات والأخبار، وإنما تعداه إلى خلق فهم جديد للعملية الإعلامية التي تتحكم بها طرائق ومعارف ومناهج العلوم الحديثة، وهو ما يفسر أيضا استثمار الغرب لتكنولوجيا الإعلام والاتصال في تحقيق أهداف استراتيجية، والأخطر في عالم اليوم هو أن ميدان الإعلام وتكنولوجيا الاتصال يشهد ثورة كبيرة في أدواته وأساليبه ومضامينه، بحيث لم يعد هناك مفهوم واضح لما يسمى بالسيادة الوطنية أو جغرافيا المكان، ولم يعد العالم ” قرية صغيرة ” كما عبر عنه ماكلوهان، وإنما أصبح العالم ” غرفة صغيرة ” يعيش فيها مليارات البشر تحت سلطة الكلمة والصورة، ويتحكم فيها الأقوى والأغنى والأفضل عدة.

وعالم اليوم يعيش مرحلة جديدة من مراحل التحول الإعلامي المثير والذي جاء كنتيجة حتمية لحركة التطور المذهل في حركة وسائل الإعلام.

إن هذا التحول المتسارع أفرز ثلاث مسلمات ساهمت في إعادة تشكيل الخارطة الإعلامية القديمة:

أولا: ثورة المعلومات وبنوكها المتعددة.

ثانيا: ثورة وسائل الاتصال بتقنياتها المتداخلة.

ثالثا: ثورة الحاسبات الإلكترونية وإنتاج مواقع التواصل الاجتماعي.

ولعل أهم نتيجة لهذا التحول المتسارع قد تمثل في ارتفاع منسوب الاتصال على مستوى البنية الإعلامية، وكان من نتائجه أيضا قيامه برسم وتشكيل الصور الإخبارية وصياغة الأخبار للشعوب والدول والمنظمات والتجمعات الأخرى.

والثورة الإعلامية التي ظهرت في تقنيات الاتصال والأقمار التي تجوب الفضاء الخارجي وشبكات المعلومات internet, email, web والنظام الإعلامي الشامل وغير ذلك، ساهمت كلها في خلق أو إنتاج بيئة اتصالية جديدة ومفاهيم ذات أبعاد اجتماعية وثقافية وحضارية حديثة، فقد عملت الثورة الاتصالية على إزالة الحواجز بين الأمم وأضحى الخطاب الدولي بتقنياته المتعددة من الضرورات العصرية التي تسهم في توسيع مساحات البث والاستقبال وفي تحقيق الصلة مع الأمم الأخرى، وقد وظفت وسائل الاتصال الدولية من قبل المؤسسات والأفراد والحكومات لتحقيق أهدافها في التأثير على المتلقين من الجمهور، فالعالم  صار يعرف حجم تأثير الإذاعات والتلفزيونات الدولية الموجهة في أزمان الحرب والصراعات والأزمات وكيف أنها ساهمت في اختراق الحواجز بين الأمم وجعلت السلاح المعنوي يتقدم المعارك تمهيدا لتحقيق النصر المادي.

وقد لوحظ أن أجهزة الاتصال الدولي في الوقت الحالي تعكس القيم والمثل السائدة في مجتمعات معينة، وأن الدول المهيمنة تقوم بدور الرقيب بالنسبة للإعلام في الدول النامية، وهناك إجماع بين أبرز كتاب التبعية في المجال  الإعلامي على تشخيص جوهر التبعية الإعلامية الثقافية في العالم الثالث وإرجاعها إلى عوامل تاريخية تتعلق بالسيطرة الإستعمارية الغربية مضافا إليها المحاولات الدائبة التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية في المرحلة المعاصرة للسيطرة على ثقافات العالم الثالث، وإخضاعها لصالح السوق الرأسمالي العالمي. وتستعين في تحقيق ذلك بقدراتها الإعلامية الضخمة من خلال وكالات الأنباء الغربية والأقمار الصناعية، علاوة على إمكانياتها الهائلة في مجال تكنولوجيا وسائل الاتصال والنشاط الأخطبوطي للشركات المتعددة الجنسيات ووكالات الإعلان الدولية.