تفصيل

  • الصفحات : 113 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-556-0.

مقدمة:

لقد مست تكنولوجيا الإعلام والاتصال الحديثة كل مناحي الحياة، وساهمت في إحداث تغييرات جذرية داخل المجتمعات، كما تخطت الحواجز لتجعل العالم قرية واحدة يتواصل فيها الأفراد بسهولة. وبظهور الإبداع في تطوير الحواسيب والهواتف النقالة، وكثرة وتنويع التطبيقات التي تتدفق فيها المعلومات أصبح الفرد عرضة للتأثير، التوجيه، التثقيف، الإعلام، التربية والتكوين. وبالتالي استطاعت هذه التقنيات تحقيق التقارب الإنساني، وأتاحت فرص تبادل المعلومات والخبرات والتجارب. وغيرت من نمط العلاقات الاجتماعية وطبيعة الحياة اليومية.

وهكذا أصبح الاتصال الرقمي محورا رئيسيا لتبادل المعلومات والأفكار والمعارف وتداولها وتدفقها. فشبكات الاتصال الرقمية تم توظيفها في شتى المؤسسات والإدارات دعما لنشاطها الاتصالي سواء داخليا مابين هياكلها وأقسامها الداخلية أو خارجيا مع مختلف المتعاملين الذين تربطهم معها علاقات شراكة أو عمل. فصيرورة العمل تتطلب اتصال يتميز بالدقة والمرونة والسرعة وهذا ما توفره أجهزة الاتصال الرقمي. ومن بين القطاعات التي استفادت من خدمات هذا النوع من الاتصال نجد قطاع التعليم العالي،  حيث عملت مختلف المؤسسات الجامعية على تزويد مكاتبها ومرافقها بأجهزة الاتصال الرقمية وتعميم استعمالها وتدريب موظفيها على حسن استخدامها، خاصة وأن الجامعة تعد مؤسسة عمومية ذات طابع عمومي تهدف إلى إنتاج المعرفة ونشرها، مما يتطلب الاستعانة بتكنولوجيا الحديثة لتحقيق هذه الأهداف، ولذا ركزت الجهود في الجامعات على عصرنة أدائها وتشجيع جميع الأفراد بالجامعة وبمختلف مناصبهم ومستوياتهم وتخصصاتهم لأجل مسايرة التطور الحاصل في ميدان العلوم والمعرفة،  خاصة وأن التعليم هو الركيزة الأساسية لتحقيق الرقي والازدهار، فالجامعة هي من تزود المجتمع بالكفاءات والإطارات البشرية المؤهلة والتي تعمل على النهوض به، ومن أجل ذلك سعت الكثير من مؤسسات التعليم العالي إلى العمل على توفير أجهزة الاتصال الرقمي عن طريق تخصيص إعتمادات مالية ضخمة لاقتنائها من أجل الاستفادة منها وتدريب إطاراتها البشرية على استعمالها إدراكا منها بأهميتها في تطوير مناهج التعليم. فالجامعة كانت ولا تزال تلعب دور محوري وفعال بالمجتمع ودافع للتنمية من خلال شراكته مع مختلف القطاعات وتنشيطه لمختلف النشاطات وفعاليات عن طريق تنظيم ندوات وملتقيات تسلط الضوء على المواضيع تهم المجتمع والاقتصاد، مما جعل منها مساهم ودافع لعجلة التنمية فهي تثري تلك المواضيع وتبحث عن حلول للمشاكل والإشكاليات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية المطروحة فأصبحت بذلك فضاء للنقاش والبحث والمعرفة.

وإن انفتاح الجامعة ليس وليد اليوم بل منذ نشأتها كانت مقصدا خاصة في المجتمعات التي تدرك قيمتها وأهميتها، وبهذا تكونت لها شبكة علاقات واتصالات أصبح لها مكانة أساسية، مما فرض على الدولة زيادة دعمها ماديا حتى يتسنى لها امتلاك الوسائل والتقنيات التكنولوجية لأجل القيام بالواجبات الموكلة إليها والتي تزداد باستمرار يوما بعد يوم، فكل تطور مرهون بما تقدمه الجامعات من نتائج الأبحاث والنظريات العلمية المتوصل إليها،  وتشهد العديد من مؤسسات التعليم العالي تزايد في حجم ميزانيتها نظرا لزيادة احتياجاتها للمعدات التكنولوجية الرقمية التي تسمح لها بمواكبة التطور السريع في مجال تسيير أنظمة المعلومات والبيانات والتحكم فيها، وتسهل تدفقها وتداولها بين الطلبة والأساتذة وتضمن التنسيق والتواصل بين هذين الطرفين، وتعطي مرونة في نشاطها وتدعم الاتصال الرسمي في الجامعة وتشكل حافزا لجميع الفاعلين لزيادة نشاطهم العلمي.

عموما  تضمن الكتاب خمسة مباحث، من خلال المبحث الأول الموسوم بإشكالية النظام التربوي والسياسة التعليمية في العالم العربي (الجزائر نموذجا) تم رصد أهم المراحل التاريخية في إصلاح نظام التعليم بالتخطيط وإعطاء الأولوية للتغييرات النوعية التي يجب أن تشمل المناهج، وطرق التدريس في الجزائر هذا من جهة، ومن جهة أخرى إبراز أهم التجارب العربية في مجال الشراكة المعلوماتية. في المبحث الثاني تم عرض قراءة ابستمولوجية في المفاهيم وأهمية الاتصال الرقمي في الجامعة حيث تمت إماطة اللثام في العنصر الأول على كل المفاهيم الواردة في الموضوع حتى يتسنى للقارئ إدراك ماهيتها وأبعادها. وهي الاتصال الرقمي الذي يعد نتاج تكنولوجيا الاتصال التي واكبت التحولات التي عرفتها وسائله، أنماطه وأساليبه. مفهوم التعليم عن بعد والذي يعد إستراتيجية، تقنية وآلية قديمة جديدة في ظل الظروف التي أملتها الجائحة والتي أفضت حتمية مسايرة كل المؤسسات التعليمية من المستويات الابتدائية إلى المستويات الجامعية هذه الإستراتيجية ليتسنى لجميع التلاميذ والطلبة تحصيلا علميا في تكوينهم الأكاديمي. إضافة إلى مفهوم الجامعة التي تعد خزانا للكفاءات والإطارات البشرية. وفي العنصر الثاني تم التطرق إلى أهمية الاتصال الرقمي في الجامعة من خلال استخداماته في العملية التعليمية وذلك في ظل هذا الانفجار العلمي التكنولوجي. وأما العنصر الثالث فقد خصص للمقاربة النظرية التي وفقها سيق هذا العمل وهي الحتمية التكنولوجية التي تمثلها إسهامات مارشال ماكلوهان النظرية.

المبحث الثالث خصص للاتصال الرقمي بين الدلالة والوظيفة وقد قسم إلى عنصرين حيث تضمن المبحث الأول عملية تحليلية لعناصر، أنواع  ومستويات الاتصال، في حين احتوى العنصر الثاني كل ما يتعلق بالاتصال الرقمي مستوياته، مميزاته، وظائفه ومزاياه إلى تكنولوجيا النظم الرقمية التي أصبحت هدف وغاية كل مؤسسة مهما كانت طبيعتها لغرض عصرنتها ومواكبة كل التحولات التي يشهدها العالم حتى تكون أكثر فعالية. أما المبحث الرابع والموسوم بالتعليم عن بعد (الصيرورة، الخصائص والمبادئ) قسم إلى عنصرين تضمن العنصر الأول قراءة في ماهية التعليم بصفة عامة من خلال تحديد أهمية، عناصر وأنواع التعليم. وكذا وظائفه ووسائله. واحتوى العنصر الثاني التعليم عن بعد بين النشأة، الخصائص، الوسائل والمبادئ. وفي المبحث الخامس والأخير تم تشريح واقع التعليم الجامعي العربي وأهم رهاناته المستقبلية كون الجامعة مؤسسة اجتماعية وصورة للمجتمع المثالي المطلوب إحداثه لها فلسفتها وسياستها العامة، ولها وظائفها في عمليات التنشئة والمشاركة السياسية، حتى لا تبقى معزولة عن طبيعـة الواقع الاجتماعي والسيـاسي والفكري الإيديولوجي…