تفصيل

  • الصفحات : 111 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-555-3.

مقدمة

يعد الاتصال الانساني ظاهرة معقدة تتداخل فيها العديد من المتغيرات والمؤثرات والعلاقات، ما يجعل من فهمها وتحديد أبعادها محل اهتمام الباحثين في الكثير من التخصصات. كما لا يزال الفضاء العمومي يستقطب اهتمامات وانشغالات العديد من المفكرين والفلاسفة والمختصين في مجال الإعلام والاتصال، وكذا القانونيين والاقتصاديين كونه آلية مادية ومعنوية تستعمل وتوظف لتنظيم وتسيير المجتمع وفقا لأهداف واستراتيجيات تفاعلية.

وتندرج إشكالية الفضاء العمومي ضمن إشكال العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني، لأن التفكير في الفضاء العام هو تفكير في الممارسة الإنسانية وغاياتها في أبعادها السياسية والتاريخية والاجتماعية، وتفكير في أدوات اندماج الفرد في المجتمع ومشاركته في الحياة الاجتماعية وفي الممارسة السياسية، أي في الديمقراطية كفعل، وما تقتضيه من وسائط تواصلية. وهو يعد مؤشرا للحكومات الجيدة والحريات السياسية والفكرية باعتبارها آليات المساءلة السياسية، مما يقتضي ضمانات دستورية للحريات المدنية الأساسية كحرية التعبير والتجمع والتفكير، ونظاما اعلاميا مستقلا غير خاضع لسلطة الدولة.

ويعد الفضاء العمومي حيزا جغرافيا يمكن من خلاله تبادل الأفكار والخبرات، وتتشكل فيه الآراء والمواقف حول الكثير من القضايا التي تشغل المصلحة العامة. كما يحتل موقعا مركزيا في الفكر الاتصالي السياسي باعتباره مجالا للمناقشة والحوار ونقل المعلومات وتبادلها واطارا لمختلف القدرات الفكرية على البرهنة والاقناع والحل الرمزي لكافة الصراعات. كما يمكن لوسائل الاتصال من بناء فضاءات تشاركية وتفاعلية وفقا لقيم ومعايير تشجع على المشاركة السياسية لتحريك عملية التنمية الشاملة والمستدامة. ويعبر الاتصال العمومي عن تلك النشاطات التي تقوم بها المؤسسات والمنظمات العمومية لنقل وتغيير المعلومات وفقا لأهداف مسطرة عن طريق شرح القرارات والأفعال العمومية لتعزيز الشرعية والدفاع عن القيم المتعارف عليها للحفاظ على الرابط الاجتماعي.

وقدحاولنا من خلال هذا العمل المتواضع، تقديم مساهمة نظرية تمكن القارئ من التعرف على هذه المتغيرات التي تتداخل في الكثير من المشارب الفكرية، وتصعب من فهمها وتوظيفها في الإطار الذي يخدم المعرفة الإنسانية. فتضمن الموضوع ثلاثة فصول، خصص الفصل الأول الموسوم بالاتصال بين الماهية والوظيفة لتحديد مفهوم الاتصال من خلال التعاريف المتباينة اللغوية والاصطلاحية، ثم أنواع الاتصال ومستوياته أين تم عرض الاتصال الرسمي وغير الرسمي، الاتصال الصاعد، النازل والأفقي، ليتم في نهاية الفصل رصد وظائف، أهداف ومعوقات الاتصال. في الفصل الثاني قدمت  قراءة ابستمولوجية لمفهوم الفضاء العمومي، من خلال تحديد مفهومه وحدوده الفاصلة بين الفضاء العام والفضاء الخاص، بالإضافة إلى أبعاده ووظائفه. بعدها عرضت إسهامات “يورغن هابرماس” النظرية في تحديده للمفهوم وكذا أهم النظريات المفسرة له وفقا لطبيعة الأنظمة السياسية وعلاقاتها بمجتمعاتها. في حين تم التطرق في الفصل الثالث والأخير لأهمية الفعل التواصلي في المجتمع من خلال علاقة الفضاء العمومي ببعض الوسائط الاتصالية، الرأي العام، السياسة، التنمية وكذا المجتمع المدني الذي يعد مساحة للحرية الشخصية والاجتماعية والاقتصادية…لينتهي بعلاقته بالعولمة الاتصالية كون الخدمة العمومية والاتصال العمومي مسألة معقدة داخل مجتمع المعلومات فجميع المنظمات الاجتماعية والاقتصادية تبحث لجعل نشاطاتها مرئية وترويجية لإنشاء علاقات مميزة مع شركائها.