تفصيل

  • سنة الطباعة : 2019،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-484-38-7.

إن الأزمة التي عرفتها الرياضيات كانت بداية لرياضيات جديدة والتي أدى قيامها إلى عقلانية جديدة تختلف في تصورها لمفهوم الرياضيات عن العقلانية الكلاسيكية ،إذ لم يعد التعريف بالموضوع صالحا للتعبير عن طبيعة الرياضيات ككل منسجم يضم فروعا عديدة يدخل بعضها تحت مقولة الكم،لأن من فروعها وموضوعاتها ما لا يمت بصلة للكم متصلا أو منفصلا .

وعليه فالتعريف الجديد للرياضيات تعريف بالمنهج ، الذي لم يعد منهجا يقينيا استنباطيا يقوم على حدس الواقع واستنتاج البديهيات، بل أصبح يقوم على الفرض والاستنتاج متخذا من التناسق ركيزته الأولى والأساسية ،كما تمّ التحول من موضوع الكائنات الرياضية إلى موضوع البنيات الرياضية ، فبعد أن كان موضوع الرياضيات الكائن الرياضي الذي يتشكل من أعداد وأشكال وأطوال أصبح الموضوع منظومة من العلاقات التي ينسجها المنهج على الأوليات وهو ما يعرف بالأكسيوماتيك، وعليه فالتعريف المعاصر للرياضيات “علم الأكسيوماتيك”.

وفي هذا الإطار المعرفي يتناول كتاب الباحثة مرابطين سامية والموسوم ب” بالأكسيوماتيك بنظرة فلسفية:بلانشيه أنموذجا”

البحث والدراسة موضوعا رياضيا فلسفيا ، رياضيا لأنه  يدرس  تطور المنهج الرياضي وظهور الأكسيوماتيك وما أحدثه هذا الأخير من تغيير في صورة الرياضيات ،وفلسفيا لأنه يدرس تأثير هذا المنهج على الخطاب الفلسفي المعاصر .

وإذا كان الكتاب يعالج مسالة محورية وتتمثل في كيفية مساهمة الأكسيوماتيك في قلب صورة الفكر الرياضي خصوصا والفلسفي عموما وعند فيلسوف محدد ألا وهو روبير بلانشيه الذي يعتبر من  الإبستمولوجين  المعاصرين الذين اهتموا بتطورات العلوم الصورية القديمة والحديثة من وجهة نظر إبستمولوجية، فإنه قد تعدى ذلك إلى البحث في خصائص الرياضيات الكلاسيكية ممثلة في الهندسة الأقليدية باعتبارها أول نسق استنباطي عرفه العلم الرياضي، لتعرج الباحثة بعدها للحديث عن عيوب هذه الهندسة والتي أدت إلى ظهور الهندسات اللاإقليدية من جهة، وقيام حركة الأكسمة وتأسيس المسلمات من جهة أخرى وهو ما جاء في الفصل الأول من الكتاب،  كخطوة ممهدة  للحديث عن المنهج الأكسيومي شروطه وأنواعه وخصائصه في الفصل الثاني  ، ليتمّ التركيز في الفصل الثالث منه على البعد الإبستيمولوجي للأكسيوماتيك وقيمته في العلوم الصورية والتجريبية ،وكذا أثره في بلورة الخطاب الفلسفي والابستيمولوجي في ميدان فلسفة الرياضيات وفلسفة العلم وفلسفة المعرفة.

وما أضفى على هذه الدراسة قيمة علمية هامة اعتماد الباحثة مرابطين سامية وبنسبة كبيرة على  مصادر روبير بلانشيه والتي نذكر منها : الأكسيوماتيك، الاستدلال، المنطق وتاريخه، المدخل إلى المنطق المعاصر…، وهذا ما ساعدها  بشكل كبير على تحديد وضبط آراء بلانشيه انطلاقا من مصادره ، كما استعانت على دراسات وبحوث  باللغتين العربية والفرنسية .

وفعلا فقد وٌفقت الباحثة في الإحاطة بالموضوع  والتعريف بالأكسيوماتيك عموما والأكسيوماتيك عند بلانشيه على وجه الخصوص ، ما يجعلنا نؤكد أهمية الكتاب وقيمته العلمية وإثراءه للمكتبة الفلسفية العربية خاصة في مجال المنطق وفلسفة الرياضيات .