تفصيل

  • الصفحات : 197 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2018،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-484-96-7.

الجزيرة الخضراء تتمتع بموقع سوقي مـن الناحية الجغرافية ، حيث أنهـا البوابة الجنوبية للعبور من بلاد المغرب العربي إلى بلاد الأندلس وهي أقرب نقطة إلى المغرب العربي   وهذا ما أعطاها مكانة متميزة وفريدة عن باقي مـدن بلاد الأندلس منـذ فترة ما قبل التحرير وعبر كل العصور العربية الإسلامية فترة موضوع دراستنا التي مـرت على حكم الجزيرة . وقد شهدت هذه الرقعة المكانية عبور المرابطين والموحدين  والمرينيين وقبل ذلك جيوش الفتح،وهذا يدل بوضوح على أهميـة ومكانة موقعها الجغرافي ،ناهيك أيضاً عن المراحل التاريخية والأحداث التي مرت عليها .

ومن النتائج المهمة في هذا البحث أن الجزيرة الخضراء ، ولا سيما خلال عصر الأمارة الأموية في الأندلس كانت بمثابة البؤرة والملاذ الآمن للمتمردين والمارقين على سياسة الدولة ، حيث شهدت خلال هذه الفتـرة الكثير من الفتن والثورات والتمردات التي قامت ضد أمراء بني أمية ، وقد أشرنا إلى ذلك بشيء من التفصيل ، مستنتجين الأسباب التي كانت تقف وراء ذلك .

ومن ذلك أيضاً أن أهمية الجزيرة الخضراء تبدو في المحاولات المتكررة للمرابطين والموحدين في بسـط السيطرة والنفوذ عليها ، فضلاً عن العمليـات العسكرية والهيمنة التي حصلت عليها ، موضحاً أهميتها في عصر المرابطين من خلال اتخاذها قاعدة عسكرية تتجمع فيها القوات المرابطية للإنطلاق في بلاد الأندلس ، سواء أكان ذلك بالحملات الجهادية المشتركة مع دول الطوائف في الأندلس ضد الأسبان أم بالحملات التي انطلقت لإسقاط دول الطوائف ،أم بالحملات الجهادية للمرابطين في بلاد الأندلس .

ومن النتائج المهمة الأخرى التي أفرزها البحث أن الجزيرة الخضراء خلال فترة حكم الموحدين قد فقدت أهميتها العسكرية مقارنة بالعصور السابقة ، ولعل السبب في ذلـك وكما أشرنا يعود بالدرجة الأساس إلى بناء مدينة الفتح من قبل عبد المؤمن بن علي ، واتخاذ هذه المدينة قاعدة عسكرية أولى لإنطلاق حملاتهم الجهادية في بلاد الأندلس ، فضلاً عن اتخاذ الجزيرة الخضراء قاعدة عسكرية ثانية ، وهذا ما جعلها تفقد مكانتها التي كانت تتمتع بها في العصور السابقة قاعدة عسكرية استراتيجية مهمة .

وأبـرز البحث ازدياد أهمية الجزيرة الخضراء سياسياً وعسكرياً في عصر بني مرين سلاطين المغرب وبني الأحمر سلاطين غرناطة بعد تقلص ممتلكات المسلمين في الأندلس،إذ أصبح للجزيرة الخضراء أهمية دفاعية لتأمين الإتصال بين المغرب وسلطنة غرناطة ، وفي تجهيز المرينيين العديد من الحملات الجهادية من المغرب إلى الأندلس واتخاذ الجزيرة الخضراء قاعدة عسكرية متقدمة لإنطلاق تلك الحملات .

ولاحظ البحث كذلك أن الجزيرة الخضراء في هذه الفترة قد أصبحت ساحة صراع بين حكام العدوتين : بني الأحمر والنصارى في الأندلس ،وبني مرين في المغرب ، فقد تنبهت هذه الدول إلى أهمية موقع الجزيرة الخضراء الذي يعد مفتاح البحر المتوسط ، والسيطرة عليها تعني امتلاك قوة بحرية عظيمة يمكن من خلالها الوصول إلى المحيط الأطلسي والساحل الغربي للأندلـس ، ولا سيمـا وأن الأنظار حينذاك بدأت تتطلع إلى
ما وراء المحيط الأطلسي . وفي نهاية المطاف وبعد محاولات عديدة تمكن الأسبان من السيطرة على الجزيرة الخضراء في السنة 743 هـ / 1242 م ليأتي السلطان الغرناطي محمد الخامس ويحررها من أيديهم بعد مرور سبع وعشرين سنة ، ثم ينتهي    برأيه إلى تدميرها وتخريبها خشية وقوعها ثانية بأيدي الأسبان . وبذلك انتهت السيادة العربية الإسلامية على هـذه المدينة ، بعد خضوعها تحت راية العروبة والإسلام مدة ثمانية قرون تقريباً .