تفصيل

  • الصفحات : 271 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-649-9.

لقد ساهم التقدم الإنساني في مجال المعلومات بشكل كبير في تطور الحياة المعاصرة حتى أطلق على هذا العصر ” عصر المعلومات “، فالتكنولوجيات الحديثة لم تستثن مجالا إلا واقتحمته، نظرا للفعالية التي تمتاز بها والقدرة الهائلة على التعامل مع مختلف الصعوبات والمشكلات، وعلى وجه الخصوص مشكلة التدفق الكبير للوثائق والمعلومات؛ والمؤسسات الوثائقية كغيرها من المؤسسات قد تأثرت بهذه التكنولوجيا الحديثة خاصة فيما يتعلق بتغير أساليب العمل، وتطوير وتحسين العمليات العلمية والفنية والإدارية، وكذا تقديم خدمات جيدة للمستفيدين.

وتعتبر مراكز الأرشيف هي واحدة من هذه المؤسسات الوثائقية التي ما فتأت تتكيف مع  هذه المستجدات على الرغم من الفجوة الموجودة بين أرشيفات الدول المتقدمة ومثيلاتها في الدول العربية ومنها الجزائر، فالتسيير الإداري في مختلف الإدارات أصبح يعتمد على التكنولوجيا الحديثة من خلال استخدام الحواسيب والبرمجيات والشبكات وقواعد البيانات وغيرها من التقنيات الحديثة، مما أرسى دعائم التوجه إلى اعتماد الإدارة الإلكترونية والحكومة الإلكترونية كأسلوب رسمي في الإدارات الحكومية والدوائر الرسمية، ومن ثم أصبحت مسايرة ومواكبة هذه التطورات الحديثة ضرورة ملحة لا يمكن تجاهلها، لأن خيار عدم المواكبة يعني عزلة الأرشيف والأرشيفيين، وهذا غير مقبول في القرن الحادي والعشرين.

وبالنظر إلى واقع المهنة الأرشيفية وقطاع الأرشيف في الجزائر، وبالاعتماد على الزيارات الاستطلاعية والدراسات العلمية والأكاديمية في هذا المجال، فإنه يبدو واضحا مدى هيمنة أساليب العمل التقليدية في ظل هذه التغيرات التي حدثت وما زالت تحدث، وبالتالي فالحاجة أصبحت ماسة إلى التوجه نحو اعتماد مشاريع حوسبة مؤسسات ومراكز ومصالح الأرشيف، ومن هنا ندرك حجم التحديات الملقاة على عاتق الأرشيفيين وكل الأطراف ذات العلاقة، لأن عملية التحول إلى اعتماد التكنولوجيا الحديثة في الأرشيف ليست عملية بسيطة يمكن القيام بها من خلال رغبة لدى الأرشيفي أو قرار لدى مسؤول في مستوى معين، وإنما هو مشروع طموح له خطط واستراتيجيات وسياسات ومتطلبات ومنجزون ومتابعون…الخ.

إن وجود نماذج ناجحة في هذا المجال في الدول المتقدمة يعتبر حافزا قويا لبلادنا إلى بذل الجهود الضرورية لعصرنة المهنة الأرشيفية، على الرغم من وجود الحواجز المكانية واللغوية، ولكن الإيمان بالفكرة وانتشار الوعي بين الأرشيفيين وغيرهم من شأنه أن يغير طرق وأنماط التفكير والعمل، على اعتبار أن أهم عنصر في تغيير أي وضع هو تغيير الثقافات والذهنيات، فبقدر نضج هذه الأفكار والاتجاهات الحديثة لدى كل المعنيين بتوظيف التقنيات الحديثة في الأرشيف، فإن هذا يعتبر القاعدة الأساسية في التوجه نحو عصرنة قطاع الأرشيف في الجزائر.

إن الحديث عن حوسبة مصالح الأرشيف في الجامعات الجزائرية هو حلقة ضمن سلسلة عصرنة الأرشيف في الجزائر، فماذا تعني عصرنة أرشيف قطاع معين وتجاهل غيره من القطاعات الأخرى، رغم أن المبادرات القطاعية والفردية لا ينبغي عرقلتها وإنما تنظيمها والاستفادة منها، بما يحقق الأهداف المرجوة ضمن سياسة واستراتيجية واضحة المعالم والأهداف، فالجامعة بما تحتله من مكانة هامة في المجتمع ينبغي أن تحظى بالاهتمام اللائق خاصة من حيث اعتماد الطرق الحديثة في عمليات التسيير، وأرشيف الجامعة هو ضمن هذا الإطار باعتباره مكون أساسي وعضوي في مجال التسيير الإداري للجامعة.

في هذا السياق جاءت هذه الدراسة العلمية محاولة تسليط الضوء على هذا الموضوع الهام والمتمثل في استخدام التكنولوجيات الحديثة في مجال الأرشيف، وقد تم التركيز في هذه الدراسة على عنصر المتطلبات، خصوصا أن كل الدراسات السابقة في هذا الموضوع تكاد تجمع على ضرورة توفير مختلف المتطلبات لإنجاح مشاريع حوسبة الأرشيف بشكل عام، ومن هنا جاءت الفكرة في دراسة هذه المتطلبات دراسة علمية مستفيضة ومعمقة حتى تبدو الصورة أكثر وضوحا لجميع المعنيين بتطوير وعصرنة الأرشيف باستخدام التكنولوجيا الحديثة.