تفصيل

  • الصفحات : 159 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2017،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-484-32-5.

لا شكّ أنّ الذبّ عن اللغة بتنقيتها ممّا علق بها من أوضار الخطأ وأسقام الانحراف يعدّ أمرا ضروريا بل واجبا لم يذّخر علماء العربية قديما وحديثا أيَّ جهد للقيام به؛ لأنّ في هذا السلوك الحضاري الرصين حفظا للسان العربي وصونا لكرامة العربية وإظهارا لمحاسنها وحِرْصِ أبنائها عليها. غير أنّ المتأمّل في ما تركه لنا السلف من كتب “ما تلحن فيه العامة والخاصة” أو ما اصطلح على تسميته بـ”معجمات الصواب اللغوي” أو تنقية اللغة” – المتأمّل في هذه الكتب يجد أنّ أصحابها قد افترقوا من حيث المنهج المتّبع  فريقين.

فريق عُرف بشدّته في المحافظة على اللغة فاتخذ أشياعه من المعجمات مصدرا رئيسا للتخطئة والتصويب من دون مراعاة لقواعد اللغة. وفريق ثان عُرِف عنه التيسير إذ نظر أصحابه فيما جدّ من ألفاظ اللغة واستعمالاتها ثمّ ميّزوا بعد ذلك وقبِلوا ما كان ناشئا عن طبيعة اللغة متولّدا من قواعدها، وأمّا ما كان دخيلا عليها وخالف فطرتها وسننَ نموّها وناموسَ حياتها رفضوه ووضعوه في مدرج اللحن ومجانبة الصواب.

ويعدّ الفريق الثاني الوجه المشرق للعربية؛ لأنّه اتخذ من التيسير على المثقّف العربي منهجا؛ ولأنّه أيضا استدرك على أنصار الفريق الأوّل الكثير من الاستعمالات المخطّأة بدعوى أنها لم ترد في المعجمات، وكأنّ المعجمات من العين للخليل إلى تاج العروس للزبيدي في نظر الفريق الأوّل مراجع وافية حصرت المادة اللغوية ولم يند عنها شيء، فما أكثر ما تركت وما أكثر ما غاب عن جامعيها مع دأبهم وكدّهم وبذلهم من الجهد الشيء الكثير.

ومن أنصار التيسير في التراث العربي نذكر: ابن مكي الصقلي في كتابه: “تثقيف اللسان وتلقيح الجنان”، والبطليوسي في “شرح أدب الكاتب”، وقد أنحى بشدّة اللائمة على ابن قتيبة؛ لأنّه احتضن مذهب الأصمعي في تنقية اللغة ولم يعن بمذاهب الثقات الآخرين كأبي زيد. وهناك أيضا رضي الدين بن الحنبلي في كتابه “بحر العوام فيما أصاب فيه العوام”. أما عن أنصار أهل التيسير في العصر الحديث فهناك: شوقي ضيف في كتابه “تيسيرات لغوية”، وإبراهيم السامرائي في “معجم ودراسة في العربية المعاصرة”، ومحمد المبارك في “فقه اللغة وخصائص العربية”، وخليل بنيان الحسون في مؤلَّفه: “التصحيح اللغوي والكلام المباح”، وأحمد مختار عمر وفريق العمل معه في “معجم الصواب اللغوي”.

انطلاقا من هذه الأرضية المعرفية آثرنا طرْحَ الإشكالين الآتيين: ما منهج أحمد مختار عمر وفريق العمل معه في التصحيح اللغوي؟ وما الضوابط والقواعد التي استندوا إليها في قبول عدد من الاستعمالات المخطّأة؟