تفصيل

  • الصفحات : 163 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-563-8.

قد لا تختلف المصادر التاريخية والمتتبعون لشأن الروابط الحضارية بين بلاد المغارب ومنطقة الساحل الافريقي فيما لعامل الجوار من دور هام في بلورت علاقات متعددة بين المنطقتين، فسحت المجال أمام حركية واسعة للأفراد والجماعات، من سماتها شيوع ظاهرة الترحال بين الأقطار المغاربية فيما بينها، ومع بلدان الساحل الإفريقي أيضا، مما ساعد في نسج علاقات متشعبة، كان لطلبة العلم والعلماء ووحدة المذهب والطرق الصوفية الدور الكبير في ذلك النسيج، حيث أن هذه الأخيرة (الطرق الصوفية) وبفضل نشاط شيوخها  وزواياها المنتشرة في المنطقتين المغاربية وبلاد الساحل الإفريقي، قامت بأدوار متنوعة، نجحت بذلك في ضم عدد من الأتباع من مختلف بلدان المنطقتين، وإنشاء الزوايا للقيام بنشاطهما الدعوي الذي يتعدى حدود البلدان والمناطق، وقد تم ذلك عن طريق الصحراء الإفريقية التي لم تكن عامل انفصال بقدر ما كانت حلقة وصل بين المناطق الواقعة في شمالها والمناطق الواقعة جنوبها في الساحل الإفريقي، حيث شهدت ضفتا الصحراء الافريقية تواصلاً مستمرا منذ أقدم العصور، زاد نشاطاً وتنوّعاً في المظاهر بوصول الإسلام لشمال إفريقيا، ومن تلك المظاهر كان التواصل الصوفي الذي حمل عاتقه رجالُ الطرق الصوفية ومريدوهم.

ومن هنا اكتسبت الظاهرة الصوفية في شكلها الطرقي أهميتها وخصوصيتها المتميزة عن طريق الانتشار خارج الحدود الجغرافية، وبرز التصوف في المجال المغاربي وبلاد الساحل الإفريقي كعامل موحِّد بين شعوب المنطقتين، مستقطبا بذلك اهتمام الدراسات الاستشراقية والمدارس الكولونيالية، فكانت نتاجاتهما العلمية حول المنطقتين المغاربية وبلاد الساحل الإفريقي ترتكز أساسا على ثلاثة محاور هي: الديني والسياسي والاستعماري، وإن كان المحور الأخير أكثر شمولية، فالمحوران الأولان غالبا ما كانا في خدمته.

وإذا كان ذلك الاستقطاب يخص الدراسات الصوفية لعمقها الديني والاجتماعي، فقد نالت النصوص الرحلية قدرا من استئثار الباحثين، سواء أكان ذلك على مستوى تحقيقهم ودراستهم لعدد هام من تلك المتون، أو على مستوى الاشتغال عليها باعتبارها منطلقات ومادة مصدرية في مقاربة قضايا وإشكاليات متعددة.

من هذا المنطلق جاء هذا الكتاب حول “التصوف والرحلة” يعالج مواضيع مختلفة ترتبط أساسا بالمنطقتين المغاربية والساحل الإفريقي، من حيث الفكر الصوفي السائد، وتأثيرات الطرق الصوفية، وصناعتها للعلاقات الحضارية موازاتا مع ظاهرة الترحال العلمي وما ينتج عنها من مناظرات ومحاورات وتواصل ثقافي. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.

الجزائر: 03 شوال 1443ه/04 ماي 2022م