تفصيل

  • الصفحات : 263 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2019،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-691-09-9.

يتفق اللّسانيون على أن اللّغة أعظم منجز إنساني تم اختراعه يوماً، فهي وسيلة التّواصل الأساسية بين الشّعوب عموماً، وبين أفراد الشّعب الواحد خصوصاً، ومن أبرز وظائفها كونها الوسيلة الأمثل للتعبير عن المشاعر الإنسانية، والاحتياجات الشّخصية، وهي الوسيلة التّي تحفظ نتاج الحضارات المختلفة، والثّقافات العالمية، ولا نبالغ إن قلنا إنها العنصر الأهم في نشوء الدّول واندثارها، إن اللّغة هي الوعاء الذّي يحتوي التّقنية والعلوم والثّقافة والتّاريخ والجغرافية والحضارة والهوية والدّين وغيرها.

وعليه تكون اللّغة أعظم اكتساب إنساني؛ لذلك يجب أن يعيَ دارسوالعربيّة ومدرسوها أن اللّغة نظام، ونظامها اللّغوي يتكوّن من مستويين أوبعدين يتضافران في اكتسابها وتعلمها ومعرفتها، هما البعد الموضوعي للغة، وهويتألف من عدة عناصرَ أومستويات، هي:المستوى الصّوتي، والمستوى الصّرفي، والمستوى النّحوي، والمستوى الدّلالي، والبعد الثّاني، وهوالبعد الوظيفي للغة، الذّي يندغم مع الأول في تعلّم اللّغة واكتسابها، ويتكون من مهارات اللّغة:الاستماع والمحادثة والقراءة والكتابة.

إنّ فهم النّظام اللّغوي هذا:الموضوعي والوظيفي، يعد من أركان عملية تعليم اللّغة وتعلمها، سواء أكان للدارس أم المدرس، على المستويين النّظري والعملي، فالبعد الموضوعي للنظام اللّغوي يعدّ المادة الخام لعملية التّعلّم، والبعد الوظيفي يعد المخرجات العملية لهذا النّظام في عملية اكتساب اللّغة.لذلك نجد أنه من الضّرورة بمكان التّعرف إلى ذينك البعدين لكي تتحقق عملية التّعلّم والتّعليم في صورتها المثالية، فمستويات اللّغة جميعها تتعاور في إيصال الرّسالة اللّغوية صوتاً وصرفاً ونحواً ودلالة.هب أن شخصاً يريد تعلم تركيب ما، كقولنا”وصل الفائزين”فإنّ دلالة هذا التّركيب أوهذه الجملة لدى السّامع أوالقارئ تتراءى في لحظة واحدة، وهي كالحواس الخمس تعمل في الإنسان في لحظة واحدة فلا يدري الإنسان أسَمْعُهُ سَبَقَ بَصَرَهُ أم حسه سبق ذوقه، وهكذا فإنّ الشّخص يدرك دلالة اختلاف الصّوت في اللّحظة التّي يدرك فيها دلالة اختلاف البنية الصّرفية أوالتّركيب اللّغوي أوالبناء المعجمي([1]).

وحين يتصدى متعلّم اللّغة لدراسة لغة ما كالعربية أوغيرها فإنّه يسعى نحوالكشف عن نظامها الكلي فيبدأ بدراسة أصوات تلك اللّغة، وهي عمليات حركية نطقية تأتي عنها آثار سمعية، والمنطوق والمسموع كلاهما مدرك بالحواس، أي إن الأصوات ليست أفكاراً وإنما عمليات وآثار، ومن هنا يعمد متعلم اللّغة إلى تصنيف هذه الأصوات بحسب مخارجها وصفاتها، حتى إذا تم له ذلك، انتقل إلى مرحلة التّجريد فجرد الوحدات الصّوتية وأنشأ النّظام الصّوتي، وفي الصّرف يبدأ بملاحظة الألفاظ المنطوقة المسموعة فيصنفها بحسب أشكالها وما بينها من تشابه وفروق، حتى إذا فصل بين أصنافها جرد لكل صنف منها مبنى كلياً كالاسم والفعل والحرف، ثم عاد إلى كل صنف ففرّعه إلى أصناف فرعية ذات مبانٍ كلية، أمّا النّحوفإنّه يلاحظ أمثلة الجمل، وذلك مما عند النّحاة يسمى(المسموع) فيجعلها أصنافاً ثم يجرد لكل صنف منها نمطاً خاصاً كتراكيب الخبر والإنشاء والطّلب إلخ([2]).

وقد حظيت العربية لحظة اقترانها بالقرآن الكريم ونزوله بها بما لم تحظ بها لغة أخرى في العالم، حيث كان القرآن الكريم منطلق الحركة اللّغوية والعلمية التّي لم تشهد مثيلا لها، فلم ينل كتاب ما ناله القرآن الكريم من دراسات حوله وحول اللّغة التّي كُتب فيها، صوتاً وصرفاً ونحواً ودلالة.بل لقد كان بؤرة الدّراسات اللّغوية التّي حامت حول العالم وانتقلت إلى كل أرجائه عبر بوابة الأندلس، وما زالتّ جذوتها مشتعلة إلى اللّحظة، وعلى الرّغم من كل ذلك فما زال الباب مفتوحاً نحومزيد من العطاء والإنتاج لأن لكل عصر أدواته، والأدوات تفتح آفاقاً جديدة في الرّؤية والتّحليل.

ويسرني أن أقدم في كتاب التّعليمية هذا ضمن سلسلة المشروع الدّولي”رسالة الباحث” مجموعة من الدّراسات والأبحاث الجادة التّي تتسم بالعملية والتّجريب، وتتغيا هذه الدّراسات تذليل الطّرائق البيداجوجية في تعليمية العربية في شتى مستوياتها ومهاراتها، الوظيفية والموضوعية.

وأولى تلك الدّراسات كانت للأستاذ:”علي معاش”من جامعة محمدخيضر ببسكرة في الجزائر التّي توقفت عند موضوع غاية في الأهمية وهوأدب الأطفال، وقد هدفت إلى رفع وعي الأطفال في إدراك معنى الحياة ومعتركاتها، وفهم ذاته وعلاقاته بمن حوله بما يمثله أدب الطّفل من اختزال الثّقافات والقيم، واستشراف الطّروحات المستقبلية وتحدياتها.

فيما تناولت دراسة الأستاذ:”مهدي مشتة”من جامعة قسنطينة في الجزائر موضوعاً ممتعاً وشائقاً ندرت معالجته، وجاء بعنوان قراءة في تعليمية النّصوص الأدبية في تدريس مادة اللّغة العربية، لدوره في تكوين المتعلم معرفياً ووجدانياً ومهارياً، كون اللّغة العربية عبر نصوصها وسيلة اكتساب المعارف وأداة التّفكير والإبداع.

وفي الدّراسة الثّالثّة من هذا الكتاب القيم تناولت الأستاذة:”سعاد مسعودة سايغي”من جامعة أبو القاسم سعد الله(الجزائر02)أثر المعجم المدرسيّ في تعضيد العمليّة التّعليميّة والتّعلّميّة، بوصفه أداة الاعتماد على الذّات، وتطوير إستراتيجيات المعرفة والتّفكير، عبر تنمية الحصيلة اللّغوية للمتعلم وربط المفردات بمتلازماتها ومتصاحباتها، وبتوظيفه تعليمياً يتم نقل العملية التّعليمية من التّعليم المعتمد على المعلم إلى التّعليم المتمحور على الطّالب.

أمّا الأستاذة:”أحلام علية”فقد عالجت موضوع المقاربة بالكفاءات بوصفها أداة لتعميق الإصلاح التّربوي وتحقيق تعليم أفضل وأنجع التّي جاءت على أنقاض المقاربة بالأهداف والمقاربة بالمحتويات.فعملية التّعلم وفق هذه المقاربة عملية نشطة تفاعلية.

وتأكيداً على تميز هذا الكتاب في جدة عناوينه، وحداثة موضوعاتة، واختلاف مقارباته تطرقت الأستاذة أمينة تجاني من جامعة بسكرة بالجزائر إلى تعليم اللّغة العربية تفاعلياً منطلقة من كون اللّغة كائن حي، محاولة أن تعلّم الدّارس كيف يتعلّم، بحيث إذا قرأ فهم، وإذا عبّر نطق بفصاحة، وإذا كتب أبان.

وقد توّج الدّكتور:”عمار ربيح”والأستاذة:”رميساء مزاهدية”من جامعة محمد خيضر ببسكرة في الجزائر، هذه الدّراسات بدراسة تعليمية مهارة القراءة باعتبارها ثروة في تحصيل المعارف وثورة في الإبداع، باعتبار أن القراءة هي بواية المتعلم نحوالعالم الخارجي وهي مصنع تنمية المفردات وتوليد الأفكار.فالقراءة هي التّي تنقل المتعلم من ضيق الأفق إلى رحابة العالم، وهي التّي تقدم خلاصة ما توصلت إليه الإنسانية والحضارات العالمية من خبرات وتجارب على طبق من ذهب للمتعلم، وهويستمتع بهذه المطالعة والقراءة، فيستطيع وهوجالسّ على مقعده الوثير أن يطوف بكل الممالك والأمصار، ويعيش كل الأزمنة والعصور.

ثم عرّجت الأستاذة:”راوية حمزة”ببسكرة، على فعّالية العناصر التّعليمية في تعليم اللّغة العربية وتعلّمها وفق نظرية المدرسة السّلوكية، حيث أكدت على أهمية فكرة التّعلم التّي ترافق الإنسان مذ ولادته إلى وفاته، تصديقاً لقوله عليه الصّلاة والسّلام”اطلبوا العلم من المهد إلى اللّحد”، وقد وظفت نتائج نظريات علم النّفس في عملية الاكتساب الكلي عموماً، واكتساب اللّغة على وجه الخصوص.

وتناولت بعد ذلك الأستاذة:”درقاوي كلتوم”موضوع ظاهرة التّعدد اللّغوي في المدرسة الجزائرية هل هوتكريس للهمينة اللّغوية أم ترشيد لغوي نحواللّغة الجامعة وهي تمثل دعوة صارخة من أجل تخطيط لغوي وطني شامل في التّعليم عموماً والتّعليم اللّغوي على وجه الخصوص.

وقد تناولت الأستاذة:”وردة عزوز”من جامعة محمد خيضر ببسكرة، موضوع التّربية التّحضيرية في المدرسة القرآنية ومدى اهتمامها بمهارتي الكتابة والقراءة، بوصفها بديلا و/أورديفاً للتعليم الحديث خاصة فيما يتعلق بالقيم الدّينية والوطنية إلى جانب تعليم العربية ومهاراتها، وكون التّربية التّحضيرية الأداة التّي تضع الإنسان في بداية نموه على الطّريق السّليم في تكوينه تربويا ولغوياً.

وأخيراً وليس آخراً عَرَضَ الدّكتور:”خالدّ أبوعمشة”من الأردن في آخر دراسات هذا السّفر القيّم خلاصة تجربته في تعليم العربية للناطقين بغيرها:عناصرها ومهاراتها تحت عنوان كيف أطوّر مهاراتي؟ حيث قدم عشر إسراتيجيات لكل عنصر ومهارة من عناصر العربية ومهاراتها؛ أثبتت التّجارب العملية والتّطبيقات الواقعية نجاعتها في إكساب العربية لغير النّاطقين بها إكساباً حقق كفايات تواصلية لغوية رفيعة المستوى، وهي دعوة لتبنيها وتطبيقها سعياً لتحقيق كفاءة أفضل لمتعلمي العربية من النّاطقين بغيرها.

أسأل اللّه أن ينفع بهذا السّفر القيم، ويجزي كل منَ أسهم فيه، ويجعله في ميزان حسناتهم يوم القيامة، إنه سميع مجيب.

   د.خالدّ حسين أبوعمشة