تفصيل

  • الصفحات : 206 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2019،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-691-17-4.

اللّغة هي مجموعة إشارات تصلح للتّعبير عن حالات الشّعور المختلفة، أي عن حالات الإنسان الفكرية والعاطفية والإرادية…، وهي ظاهرة معقّدة فريدة يتميّز بها الكائن البشري عن سائر المخلوقات الأخرى.فهي ميزةٌ فريدةٌ، إذ تمثّل نظاما رمزيا اصطلاحيا للدلالة والتّعبير والتّواصل، ويشتمل هذا النّظام على جملة من الأدوات والوسائل المنطوقة وغير المنطوقة التّي تشكل في مجموعها الإطار الكلي للغة والتّي تسود في مجتمع ما، بحيث تستعمل من قبل أفراد هذا المجتمع في عمليات التّواصل والتّفاعل.

وتشكل مظهرا مهما من مظاهر الحياة اليومية، وعنصرا بارزا في حياة الأفراد، فبالإضافة لكونها وسيلة التّعبير والتّخاطب، فهي تدخل في كل فروع المعرفة والعلوم، ويمكن النّظر إليها على أنّها نبض الحضارة البشرية؛ لأنّها أقدر تلك الوسائل التّي تتواصل من خلالها الأجيال، وتنتقل عبرها الخبرات والمعارف والمنجزات الحضارية من جيل لآخر.فاللّغة العربية لغة القرآن الكريم، تَنَبَّهَ إلى خصوصياتها فصحاء القوم منذ شغلهم بيانها وسحرها، ثم عني بها البلاغيون فاستوقفتهم أسرار بلاغتها وتميزها بما يندلق منها من شواكل وتوقيعات حيوية وإشعاع فكري ومعرفي تحتبك به شعلة الانتظام والتّركيب الفريد في تأثيث طفرات اللّحظة الواعية للخلفية اللّغوية، ثم كانت لغة الحديث النّبوي الشّريف، وقد أوتي الرّسول الكريم البليغ جوامع الكلم وسحر البيان، وكانت لغة الأمثال والحكم والوصايا التّي أوجز فيها العرب خلاصة تجاربهم وسجلوا بواسطتها خلاصة معارفهم وتاريخهم، ثم كانت لغة الشّعر الذّي كان ديوانا لهم.

زِدْ على ما تقدّم ما للغة العربية من دور في توحيد الأمة وحفظ كيانها وترسيمات هويتها وخصوصيتها، فضلا على أنها لغة التّعليم والتّعلم، بها يتلقى المتعلمون معارفهم، وبها يتواصلون ويفكّرون ويسجّلون خواطرهم وأفكارهم وخطبهم وأشعارهم وأنظمتهم وقوانينهم.وعندما تكون للعربية هذه المكانة من رفعة وعلوشأن ودور فاعل في حياة أبنائها، فإنّ ذلك يعزى إلى مدرّس اللّغة العربية، إذ إليه موكول تعليم أشرف اللّغات وأجلّها قدرا عند اللّه جل في علاه .

وعليه فإنّ تعليميات اللّغات بوصفها وسيلة إجرائية لتنمية قدرات المتعلم قصد اكتساب المهارات اللّغوية واستعمالها بكيفية وظيفية، تقتضي الإفادة المتواصلة من التّجارب والخبرات العلمية والمعرفية التّي لها صلة مباشرة وملازمة، في ذاتها بالجوانب الفكرية والعضوية والنّفسية والاجتماعية للأداء الفعلي للغة والكلام عند الإنسان.وما كان ذلك إلا لأنّ الخبرات الإنسانية في أي حقل من حقول المعرفة بشكليها النّظري والتّطبيقي، تقدّم الأدوات المنهجية التّي تفي في مجملها بمتطلبات العمليتين البيداغوجية والتّعليمية على حدّ سواء.وقد تظهر الفاعلية العلمية لهذه الخبرة في تذليل العوائق والصّعوبات التّي تعترض سبيل العملية التّواصلية بين المعلم والمتعلم، وذلك بطبيعة الحال يتأتى من خلال إيجاد التّفسير العلمي اللّازم لكثير من الإشكالات التّي تعيق عملية اكتساب النّظام القواعدي للغة المدروسة لدى المتعلم، حيث يمكن أن يهتم المتخصص في التّعليمية بعدّة اهتمامات لا تنحصر في المادة وحدها، وإنّما تمتد لتشمل كل ما يتعلق بالعملية التّعليمية في مختلف أبعادها ومساراتها في ترابط وتناسق وانسجام بين مختلف عناصرها المكوّنة لنظام التّعلم والتّعليم، كالمتعلمين والمعلّمين، والمحتوى الذّي يتمثل في كل ما يمكن تعليمه وتعلّمه وجملة المعارف العلمية والفنية المكوّنة لمحتوى البرنامج المقرر، ومؤسسة التّعليم ومعرفة الأهداف والأنشطة المتنوعة تلك التّي يقوم بها المعلم في تبليغه لمعلوماته، والتّي تتعلق بمهارات السّمع والكلام والقراءة والكتابة، وأيضا الوسائل التّي يمكن استعمالها في العملية التّعليمية .

ولقد أصبحت المهارات اللّغوية ضرورة ملحّة تتواشج في بوتقة كل تركيب فكري  ومعرفي لكل مثقف بوجه عام، وهي لازمة لمن يعمل في حقل التّعليم على وجه الخصوص، ولا شك أنّ قدرة المعلم على توصيل ما لديه من علم إنّما هووقف على مدى تمكّنه من تلقف تلابيب واستراتجيات هذه المهارات التّي تجعله قادرا على التّوصيل والتّواصل بشيء من المرونة والسّهولة .وهي من أهم المهارات التّي يلج المتعلّم عبرها ميدان اكتساب أي لغة، ويتوقّف على تعليمها بالطّريقة الصّحيحة نجاح العملية التّعليمية كلّها.والإخفاق فيها يعرقل العملية التّعليمية ويعقّدها، بحيث يكون ذلك عائقا كبيرا أمام تعلّم اللّغة بصورة متكاملة وصحيحة.

ومن ثمّ، فإنّ هذه المهارات الأربع في تعليم اللّغات تمثل الأهداف الأساسية التّي يسعى كل معلم تحقيقها للمتعلمين .

فتعلّم أيّ لغة من اللّغات سواء كانت اللّغة الأم أو اللّغة الأجنبية؛ إنّما هدفه هو أن يكتسب المتعلم القدرة على سماع اللّغة والتّعرف على إطارها الصّوتي الخاص بها، ويهدف كذلك إلى الحديث بها بطريقة سليمة تحقق له القدرة على التّعبير عن مقاصده، والتّواصل مع الآخرين من أبناء تلك اللّغة خاصة، وكذلك يسعى إلى أن يكون قادرا على قراءتها وكتابتها.وبهذه الصّورة تصبح هذه المهارات هي مركز البحث من خلالها تتبلور الأهداف الحقيقية للعملية التّربوية والتّعليمية .

وتأسيسا على ما تقدّم كان هذا الكتاب كسجل حافل بالأبحاث التّي لها نكهتها من خلال ما يقدمه من مجموع القراءات الجادّة لمجموعة من الباحثين، في تخصّص التّعليمية بمواضيع مختلفة هادفة، إذ يتوخى غايتين:أولهما محاولة إلقاء الضّوء على الحاصل في ميدان التّعليمية، وثانيهما محاولة الإسهام في الكشف عن زوايا من الفكر والمعرفة في الطّرائق البيداغوجية النّاجعة، حيث إن الحديث عن التّعليمية في نظرنا حديث عن تنضيد  حمولات ذاكرة نخبوية  أغنت وأثرت الفكر الإنساني في أكثر من بعد ؛ ولذلك يعنى الكتاب بالدّراسة والتّعريف والتّحليل واستخلاص نتائج، حيث تنوعت المناهج التّي توسل بها الباحثون بين الوصفي والتّاريخي والتّحليلي…في محاولة لتقصي الأغوار والنّفاذ إلى ما تشتمل عليه التّعليمية من دواليب فكرية ومعرفية، حيث إن الرّغبة في تقديم ما يتعلق بحقل بالتّعليمية هي التّي وجهت ورسمت معالم الكتاب وحددت محطاته التّي تعنى بطرائق البيداغوجية والدّيتاكتيكية النّاجعة من خلال النّفاذ إلى مضمونها ومطمورها وحيثياتها وقضاياها، كما لم يكن هذا الكتاب في معزل عن رصد أهم  ما يستجد على   ساحة التّعليمية بما يقع على  الذّائقة الذّهنية والفكرية والنّفسية…وغيرها.