تفصيل

  • الصفحات : 192 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2019،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-691-53-2.

قطع علماء التفسير شوطا كبيراً في مقصدية الخطاب القرآني، من خلال العناية بالجانب الغوي والصرفي والدلالي للصيغ والتراكيب القرآنية، فَهُم من أوائل المنظرين للدراسات التي تدور حول الألفاظ ومعانيها؛ حيث نظروا إليها في حالة إفرادها وفي حالة تركيبها، وبحثوا في أوجه الأدلة ومدلولاتها وسعوا للوقوف على المقاصد والمساقات من حيث إفادتها أحكاماً شرعية معينة، والتي تعتبر بحق ضوابط أساسية فيما يستفيده المجتهد لدى عملية الاستنباط وبناء الحكم على أصل من دلالة اللفظ المتبادر إليه فيما يحتمله خطاب الشارع الحكيم. وفي هذا السياق يقول الإمام الجويني(ت:478هـ) في حديثه عن اهتمام علماء الأصول بقضايا اللغة العربية: «وأما الألفاظ فلا بد من الاعتناء بها، فإنّ الشريعة عربية ولن يستكمل المرء بالنظر في الشرع ما لم يكن رياناً من النحو واللغة..”.

وإنّ جميع العلوم المستحدثة التي أسسها العرب بعد نزول القرآن الكريم وخاصة العلوم الإسلامية والعلوم العربية كان مُنْطَلقها القرآن، ويجب أن تكون في خدمته ووفق ما دعا إليه. يقول الزرقاني(ت:1367هـ):«إنَّ علماء النحو إنما استمدوا قواعده من كتاب الله تعالى وكلام رسوله وكلام العرب، فإذا ثبت قرآنية القرآن بالرواية المقبولة كان القرآن هو الحكم على علماء النحو، وما قعدوا من قواعد، ووجب أنْ يراجعوهم بقواعدهم إليه لا أنْ نرجع نحن بالقرآن إلى قواعدهم المخالفة نحكمها فيه، وإلا َّكان ذلك عكساً للآية وإهمالاً للأصل في وجوب الرعاية».

والألفاظ أدلّة على المعاني وقوالبُ لها، وإنّما اعتنى علماء العربية بها وأصلحوها لتكون أذهب في الدّلالة، ولما كان المعنى يكون في أحوالٍ كثيرةٍ كمعنى المضي والحال والاستقبال والفاعلية والمفعولية وغيرها، وكانت الحاجة إلى الدّلالة على كل حالٍ ماسّةً، ولم يكن بدّ من لفظٍ خاص يدل على ذلك المعنى بعينه، فلهذا وجب التّصريف واختلافُ الأبنية بالزيادة والنقص والتّغيير ونحو ذلك، ليدلّ كلّ لفظٍ على المعنى المراد، نحو ضَرَبَ يَضْرِبُ اضْرِبْ، لاَ تَضرِبْ، ضَارِبْ، مَضْرُوب، فكل تحول في الصيغ إلا ونجد له تحول في المعنى والدلالة.

وعلم التصريف على الخصوص من أهم الركائز الأساسية للتفسير اللغوي، وقد رجح الزركشي(ت: 794) أسبقية علم الصرف على علم النحو، لأنّ بالصرف يتم «حصول المعاني المختلفة المتشبعة عن معناً واحدا، فالعلم به أهم من معرفة النحو في تعرُّف اللغة، لأن التصريف نظرٌ في ذات الكلمة، والنحو نظر في عوارضها، وهو من العلوم التي يحتاج إليها المفسر». ومع صعوبة علمي الصرف والنحو ومشقة تبليغهما إلى كثير من عوام النَّاس، إلا أنَّ الشخ محمد متولي الشعراوي (1911- 1998م) استطاع أنْ يقدم خطابه التفسيري بطريقة سهلة وبصورة ممتعة شيقة جعلت بسطاء النَّاس يتعلقون بالنَّحو ومسائله والصرف وقضاياه، ونحن نريد في هذا المقام إظهار هذه المسائل وتبيان مدى تأثيرها في الجملة القرآنية وعلاقتها بالتفسير؛ إذْ كان ديدن الشعراوي جعل هذين العلمين في خدمة كتاب الله تعالى ولصيانة اللغة العربية، ونحن لا نبحث عن التقعيد النحوي بقصد ما نبحث عن كيفية التزام الشعراوي بالمنهج اللغوي وقضاياه في تأدية المعنى المراد من الآيات، والمقام لا يسعنا أنْ نذكر كل ما أورده من تعليقات وشروح، ولهذا اعتمدنا الاقتصار على بعضها وأهمها في إتيان المعنى.

ونحن نريد في هذا المقام أن نستظهر بعض المسائل الصرفية والنحوية ومدى اشتمالها على الإتساع الدلالي في الجملة القرآنية وعلاقة كل هذا بمسألة التأويل والتفسير، إذْ كان ديدن الشيخ محمد متولي الشعراوي جعل مسائل اللغة في خدمة كتاب الله وتعالى وصيانته، بترسيم حدوده من خلال الحرف القرآني، ونحن لا نبحث عن التقعيد الصرفي والنحوي بقدر ما نبحث عن كيفية التزام الشيخ الشعراوي بالمنهج اللغوي في تأدية المعنى المراد من الآيات، والمقام لا يسعنا أنْ نذكر كل ما أورده من تعليقات وشروح، ولهذا اعتمدنا الاقتصار على بعضها وأفضلها في إتيان المعنى من خلال مدونة تفسير محمد متولي الشعراوي.