تفصيل

  • الصفحات : 286 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2021،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-024-4.

يحتل موضوع التنمية الإدارية حيزاً هاماً لدى الكثير من الدراسيين والمختصين امتد هذا الاهتمام إلى السياسيين والإداريين، ولعلّ ما ولد هذا الاهتمام هو إيمان  كل من الدولة والمواطن بأهمية إحداث التنمية وانعكاساتها على مختلف المجالات المحيطة بالمواطن، على اعتبار أنّ هذا الأخير هو المستفيد الأول والأخير من آثار التنمية.

من ذلك تظهر أهمية الإدارة المنفذة للتنمية، وتزداد هذه الأخيرة كلما اتجهت نحو الإدارة العامة على اعتبارها إدارة تهدف إلى تنفيذ السياسة العامة للدولة وتتوجه إلى تحقيق الصالح العام.

ظهرت مع مطلع الألفية الجديدة وسائل وسبل حديثة لتفعيل ودفع عجلة التنمية الإدارية، فالحديث اليوم لا يتمحور حول الإصلاح الإداري وإنما حول الهندرة أو إعادة البناء الهيكلي للإدارة العامة، وهي عملية شاملة تتضمن إعادة هيكلية جميع العناصر المكونة للإدارة العامة في إطار رؤية جديدة للإدارة العامة في العمل الوطني والأهداف الإستراتيجية المراد تحقيقها.

من هنا تكمن أهمية موضوع التنمية الإدارية أساساً في كونها جزءاً من التنمية الشاملة التي تسعى مختلف الدول والأنظمة على اختلافها إلى تحقيقها، ولو أنَّ هناك تفاوتاً في درجة الاهتمام واختلاف في وسائل التنفيذ، فلا يمكن تصور تحقيق تنمية اقتصادية مع وجود جهاز إداري متخلف، إضافة إلى تخلف سياسي، اجتماعي أو ثقافي، ونفس الأمر في حالة تصورنا لوجود تنمية إدارية في ظل تخلف اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي، لذلك فالتنمية تتمثل في مجموعة من الروابط أو نسيج من عوامل سياسية واقتصادية وإدارية وثقافية واجتماعية.

فالتنمية الإدارية تقوم بوظائف من عمليات تطوير وتحديث وإصلاح في الأجهزة الحكومية لعمليات مخططة تسبق خطط التنمية، وبالتالي فهي تمثل القاعدة العملية التي تقف عليها مشروعات إدارة التنمية وخططها وأهدافها، تلك التي تعتمد أساساً على مقدار التقدم الحاصل في الأجهزة والمؤسسات الإدارية، والتنمية الإدارية يمكن اعتبارها أيضاً الجهاز المسؤول عن النجاح الإداري لدى مختلف الأجهزة والمؤسسات الحكومية من خلال الدور الأساسي الذي تقوم به و الذي يتحدد في ضوئها نجاح المنظمة أو فشلها في تحقيق أهدافها، وذلك من خلال مشاركة الأجهزة الإدارية في تحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية من خلال إتباع سياسات وإجراءات عمل ومستوى تكنولوجي عالي بما يتلاءم مع ظروف البيئة المحيطة، بحيث لا يمكن النظر إلى التنمية الإدارية بشكل مستقل بل يجب النظر إليها من خلال علاقتها وتداخلها وترابطها مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية و السياسية و الثقافية بحيث تتداخل وتتشابك مع بعضها البعض وتعتبر ذات تأثير مباشر على التنمية الشاملة.

ومن هنا فإن المؤسسات العامة مطالبه أكثر من أي وقت مضى للاهتمام في التنمية الإدارية ووضع الأطر التنظيمية والقانونية وممارساتها وتوفير سبل تطويرها والارتقاء بها لتحقيق التنمية الشاملة.

لقد وضع الكاتب إصبعه على الجرح الذي تعاني منه الإدارة في جل المؤسسات فالإدارة جسد واحد إذا تداعى له عضو تتداعى له سائر الأعضاء فلا استقرار ولا عدالة ولا تنمية ولا تقدم ولا ازدهار مهما كانت قوة الاقتصاد إذا ما فسدت الإدارة وهذا ما أكده الكاتب إدريس ولد القابلة في الحوار المتمدن العدد 1318 وهو بعنوان ( لا تنمية ولا ديمقراطية  بدون إدارة نزيهة).

فكتب يقول:

” لقد قال قائل …لا توجد في العالم أنظمة ناجحة وأخرى فاشلة بل توجد إدارات ناجحة وإدارات فاشلة والإدارة هي الأساس في استثمار الموارد لأنها تربط وتنسق بين عوامل الإنتاج بهدف ضمان تحقيق أعلى كفاءة ممكنة تساهم في رفع معدلات النمو والتطور وتعمل على رفع المستوى المعيشي لجميع أفراد المجتمع.

فهنالك مجتمعات وشعوب كثيرة تملك ثروات هائلة ورغم ذلك لا يزال الفقر والجهل والمرض يفتك بشعوبها لافتقارها إلى الإدارة الجيدة القادرة على استثمار ثرواتها لمصلحة شعوبها وكثير من الدول العربية خير مثال على ذلك.

في حين أن ثمة شعوبا ومجتمعات أخرى لا تملك إلا موارد نادرة ومحددة لكنها تمكنت بفضل الإدارة من تحقيق وتيرة نمو عالية وارتقت إلى أعلى درجات سلم التطور والحضارة وخير مثال على ذلك اليابان وهولندا وسويسرا وماليزيا وغيرها.

من هنا نرى أننا بأمس الحاجة إلى إصلاح إداري أو تنمية إدارية تكون أساساً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة لأن العناصر الإدارية هي الأداة والوسيلة لاستثمار الموارد وتوجيهها لمصلحة البلد.

يكفي دلالة على أهمية الإدارة ودورها في عملية التنمية ما قاله مدير إحدى كبريات الشركات “…….خذوا منا كل أموالنا وتجهيزاتنا وممتلكاتنا واتركوا لنا إدارتنا سنعيد كل ذلك خلال بضع سنوات……”.

وبهذا العمل المتواضع أسأل الله أن أكون قد وفقت في تقديم هذا الكتاب ليكون بمثابة نبراساً يضيء الطريق إلى كل محبي المعرفة والعلم .

والله ولي التوفيق

                                                                                                        د. مصطفى يوسف كافي