تفصيل

  • الصفحات : 475 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2021،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-110-4.

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد،

تعد ظاهرة الجريمة من الظواهر الاجتماعية التي تهدد الأمن والاستقرار الاجتماعي، فهي تعكس مجموع الاختلالات التي تحدث على مستوى الأبنية والوظائف الاجتماعية.

وكما هو معروف في عالم الجريمة، فإن زيادة عدد السكان واختلاف البيئة الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية للمجتمعات المحلية، والحراك السكاني، وعمليات النمو والتحضر المتسارع،  كلها تؤثر في بروز الجريمة بمختلف أنماطها.

والمتفحص للمشهد الاجتماعي في المدينة الجزائرية، يخلص إلى أنّ الجريمة في مجتمعنا قد أخذت أبعادا خطيرة ببُلوغها معدلات قياسية تجاوزت الخطوط الحمراء لقواعد الضبط الاجتماعي، التّي وضعها المجتمع كصمام أمان لأمنه واستقراره؛ حيث تكشف لنا معطيات الواقع أنّ المجتمع الجزائري يشهد خللا في أنساق القيّم، مما أفضى إلى تفشي حالة من اللامعيارية، وأزمة قيمية حقيقية  فأصبحنا نرصد أنماطا من الجرائم لم تكن معهودة من قبل.

ومما زاد من تفشي هذه الظواهر، التقدم العلمي والتقني من جهة، وتزايد المراكز الحضرية وظهور المدن الجديدة كبدائل لمواجهة النمو الحضري المتسارع من جهة أخرى، حيث عرفت الجريمة كيف تتكيّف مع المعطيات الجديدة، مما أدى ذلك إلى دخول عدة فئات اجتماعية عالمها (الجريمة)، بحيث لم تعد  تقتصر على فئة بعينها. وأمام هذه المعطيات، بات من الضروري أن يفتح المختصون في العلوم الاجتماعية والإنسانية نقاشا يُمكِّن من فهم واقع الجريمة في المجتمع، وفي المدينة الجزائرية بشكل خاص، وسيساهم ذلك في تزويد المؤسسات الرسمية بمقترحات تسمح بتطوير التعامل مع هذه الظاهرة، والعمل على مُواجهتها. وسيتيح التطرق لهذا الموضوع  من إثارة بعض الجوانب المرتبطة بانتشار وتطور الجريمة في المدن الجزائرية والنظر في فعالية الجهود المبذولة من أجل الحد منها، إضافة إلى فحص كفاءة الطروحات النظرية في فهم الواقع الجزائري، مع العمل على تحقيق أهداف هذه التظاهرة العلمية آملين من خلال ذلك كبح جماح الجريمة وإعطاء الدعم اللازم للمجهودات القائمة ميدانيا مع اعتماد آلية استباقية للوقاية من حدوث الفعل الاجرامي المدمر من جهة، ولعلاج الجوانب المريضة في المجتمع جراء قساوة ظاهرة الجريمة على مكوناته وعلى المؤسسات.

هذه الظاهرة الدخيلة بأشكالها المتغيرة والمتعددة ازدادت حدة نتيجة للتحولات المترتبة عن الاستعمالات المفرطة للتكنولوجيات الحديثة في مجال الإعلام والاتصال.

وإذ تم التطرق إلى موضوع الجريمة من زواياها المختلفة مع التركيز على صوره الراهنة وأركانها المتجددة، فذلك يهدف إلى مواجهتها بآليات وأساليب أكثر تطورا، وهذا ما خلصت إليه مجمل المداخلات العلمية التي تقدم بها المشاركون من أساتذة وباحثين وطلبة دكتوراه من مختلف جامعات الوطن بمداخلات في شكل دراسات ميدانية وأوراق بحثية تم عرضها علنية على مستوى الجلسات والورشات على مدار يومين كاملين وبحضور ومشاركة ضباط الشرطة القضائية ممثلين عن المصالح الأمنية لشرق البلاد.

لقد تخلل العروض العلمية نقاش وحوار بناءين مما ساعد وبشكل فعال في إعداد جملة من التوصيات العلمية التي تستوجب على كل طرف وجهة العمل على تجسيدها ميدانيا. ومن جهتنا -كمنظمين- قمنا بالعمل على طبع أهم المشاركات كتجسيد لهذه التوصيات.

ولا يسعنا في الأخير إلا أن ننوه بالدور الفعال لعميد كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بجامعة عبد الحميد مهري قسنطينة 2، أ.د. حميد خروف، ولإدارة قسم علم الاجتماع واللجنة العلمية للملتقى ولكل من شارك في فعاليات هذا الملتقى الوطني، الذي يعتبر الطبعة الثالثة من سلسلة ملتقيات حول المدينة الجزائرية والتنمية المستدامة، كما لا يفوتني تقدير جهود المنظمين من مسؤولي قسم علم الاجتماع  ومخبر علم اجتماع الاتصال للبحث والترجمة ومخبر العلوم الاجتماعية وقضايا المجتمع ومخبر علم النفس، والله ولي التوفيق.

أ.د. عبد العزيز بوودن