تفصيل

  • سنة الطباعة : 412،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-335-1.

يشهد العالم منذ بداية جائحة كورونا أزمة مالية أشد وطأة من أزمة عام 2008، ففي ظل جائحة كورونا حدث انخفاض جاء في إنفاق المستهلكين في جميع أنحاء العالم، إذ توقف السفر وقطاع السياحة بشكل عام، وتباطأت الصناعة بسبب القيود التي فرضت على الحركة، وأدى انخفاض الاستهلاك إلى انخفاض الطلب.

ففي الولايات المتحدة الأميركية إلى أن نحو 22 مليون شخص فقدوا وظائفهم، وفي الصين تراجع الاقتصاد بنسبة 6.8% في الربع الأول من سنة 2020، ويتوقع الخبراء أن ينمو اقتصاد الصين خلال هذا العام بنسبة هامشية لا تتعدى 1.2% وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، بيد أن الصين ليست معياراً لباقي دول العالم.

ويتوقع البحث الذي أجرته شركة أوكسفورت إيكونوميكس تخفيف القيود في الربع الثاني، وبدء الانتعاش في الربع الثالث وفقاً لهذا يتوقع أن يؤدى الانتعاش إلى طفرة حادة تظهر على شكل الحرف V في الرسوم البيانية، فضلاً عن تخفيض القيود التي لها تأثير مباشر على الاستهلاك في الأسواق.

كما يتوقع صندوق النقد الدولي انكماش دخل الفرد في أكثر من 170 دولة حول العالم مع انخفاض الناتج المحلى الإجمالي العالمي بنسبة 3% مع استمرار الركود العالمي خلال العام 2020.

ومن المتوقع أن يأتي الانتعاش الاقتصادي في العام 2021 بشكل جزئي فقط، وما زال الخبراء غير متيقنين من قدرتنا على خوض مواجهة ثانية أو موجات لاحقة من الفيروس يمكنها أن تسبب ركوداً طويلاً أو حتى كساداً، وسوف تستمر هذه الحال حتى اكتشاف اللقاح الذي تشير التقارير إلى توافره في ربيع العام2021.

ويرى البعض أن أزمة كورونا تشكل مصرعاً حقيقيا لأزمات ذاتية موجودة بالأصل في النظام الاقتصادي، ولذلك يعتقد البعض أن صناعة القرارات المتعلقة بالسياسات هي السبيل إلى الحد من المخاطر.

وقد سارعت الحكومات في جميع أنحاء العالم للإستجابة لآثار الوباء ونفذت تدابير مثل زيادة الإنفاق على قطاع الصحة والدعم المباشر لتغطية الخسائر في الدخل والإيرادات، وهذه الجهود يمكن أن تخفف من تأثير كوفيد19 الاقتصادى بما يتراوح بين 30% إلى 40%، وهذا يمكن أن يقلل الخسائر الاقتصادية العالمية بسبب الوباء بما يتراوح بين 4.1 تريليون إلى 5.4 تريليون دولار.

ويرى نيلسون أنطوان، وشاتر ستوك أن جائحة كورونا ستخلف ندوبا اقتصادية دائمة في أنحاء العالم، وقد وجهت هذه الجائحة ضربة موجعة إلى اقتصاد عالمي يعاني بالفعل من الهشاشة، وإن الخسائر البشرية والاقتصادية ستكون كبيرة، وتجعل مواطن الضعف القائمة بالفعل على صعيد الاقتصاد الكلى بلدان الأسواق الصاعدة والبلدان النامية عرضه لاضطرابات اقتصادية ومالية، ومن المتوقع أن تكون التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا طويلة الأمد.

ومن المتوقع أن تشهد اقتصاديات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية ارتفاع مستويات ديونها عما كانت عليه قبل الأزمة المالية العالمية وهو ما يجعلها أكثر عرضه للضغوط المالية. وتخلف الأضرار طويلة الآجل وحالات الركود الحاد مما يؤدى إلى تداعيات مستديمة على الناتج المحتمل من خلال تقليص معدلات الاستثمار والابتكار وتآكل رأس المال العشرى للعاطلين، والانسحاب من دائرة التجارة العالمية، وانقطاع الصلة بسلاسل التوريد.

ومن الضروري أن يعتمد واضعو السياسات برامج إصلاح شامل لتحسين المؤسسات وأمر العمل التي تكفل العودة في نهاية المطاف إلى تحقيق نمو قوى بعد انحصار جائحة كورونا.

وفي ظل هذا الوباء تعيش مجتمعاتنا العربية خللاً أخلاقياً، وفراغا روحيا، تمّ رصده في جائحة وباء كورونا، التي ضربت العالم بأسره، وقد خلق هذا فاعلان اجتماعيان، بعضها عبث بفلسفة التغيير المراد العمل عليها، ظهر في خطابات اجتماعية وثقافية، بحجة الإبداع وحرية التعبير، فأغرقنا في التخبط والوهم الهوياتي، وخلق هويات متعددة، وإحداث تجريف ثقافي وتشوه إبداعي يظهر في كثير من التجارب، والسلوكيات، نتيجة: غياب ثقافة الوعي، ناهيك عن استغلال الخطاب الديني، ومحاولات ربطه بالوباء المتفشي بصورة تنأى عن العقل والمنطق.

لنرصد-هنا- حالاً من التخبط والإحساس بالضياع بين تصديق وتكذيب يشوه البنية النفسية للإنسان، والمكون العقلي الجمعي في مجتمع ما، لتصبح عملية الخروج من التخبط والتضليل شبه مستحيلة، مالم تتأسس على أرضية متينة داخليا وخارجيا.

ومعاناة المجتمع تحت وطأة هذه المشكلات كانت نتاجاً لأنظمة أقامت أساس وجودها وانتشارها على مبدأ محاربة القيم وفطرة الأديان واللعب على البدائل وأسلمة المعرفة، بعد ما كانت القيم الدينية هي مصدر إنتاجها، وسؤالنا (هل اللجوء إلى الدين هو الحل؟؟) سؤال يجب أن يقوم على عقلانية منطقية بعيدا عن أي خلل، تسببه النزعات والذهنيات المختلفة، لنتساءل:

وهنا يجب أن نقف لنطرح على أنفسنا فكرة حتمية التغيير، وأثر جائحة كورونا في إحداث خلخلة في بنى المجتمع المختلفة تؤدي إلى التغيير المأمول.

إذا أردنا أن نضع خطة منهجية للتعامل مع هذه الأزمة المعقدة، فيجب أن نلتزم عوامل الثقة بالنفس بعد الله، والفعل والتعاون، والعلم، على مستوى القواعد الآتية: الأسرة، الدين والأخلاق..

فالإنسان وما يملكه من رؤى وقدرات عقلية، نجده يتطلع إلى التغيير والتجديد، من أجل بناء حضارة يسمو فيها الفكر، ويستقيم فيها السلوك وقد لا يتأتى هذا إلا بالتعلم والمعرفة في ظل الوعي التام بأهمية البحث العلمي في المجتمع؛ وعلى هذا نظل في حاجة ماسة خاصة في ظل هذه الأزمة إلى مشروع مجتمعي، نراه مشروع حياة أمة، متكامل الجوانب اجتماعياً فكريًا ثقافيًا اقتصاديًا.

وعلينا أن ندرك أن معركتنا مع كورونا معركة وعي ووقاية وتحضر، وهذا وعي نتج عن قوة إلزام وإحساس بالمسؤولية، نحاول تفعيلها ببحث الفراغ والوهم الأخلاقيين المسيطرين مع تفشي الوباء، إذ يتحول الفرد من الشخصية إلى نقيضها، ثم يرتد إلى صورتها الأولى، نتيجة سيطرة فوضى التغيير، فالفاعل الاجتماعي غير ثابت في مجتمعنا العربي، ما أدى إلى ظهور حركة مضادة في السياق ذاته.

نهدف بهذه المحاولة إلى تشريح بعض الخطابات الكورونية ومقاربتها، ومحاولة ربطها بأصل النص القرآني، في محاولة لبعث الفاعل الاجتماعي الجديد، لضمان الاستمرار الفعلي، ومحاورة المعنى في هذه الخطابات الثقافية والاجتماعية المروج لها، من أجل تعرية (المعنى)، وبحث سياقات توظيف أزمة الوباء، في هكذا خطابات، تجاوزت العقل والمنطق أحيانا، وجعل بعضها خطابات قابلة للانفتاح على مستجدات العصر، بما يمتلكه منطق النص الديني، وكذلك بما نمتلك من قدرة على تفعيل التحكم في المنهج العلمي- وصفا وتحليلا- بحيث يقوم على الاستقصاء والتأمل وطرح الفرضيات وإجراء التجارب على خطابات روج لها في ظل هذه الجائحة، ونقض هذا المنجز الموجود، لتأسيس منجز بديل.

وتأسيساً على ما سبق سنحاول الوقوف على النقاط البحثية الآتية: الخلل الأخلاقي – العلاقات الاجتماعية وثقافة الوعي- وسياقات توظيف وباء كورونا: الإعلام –وسائل التواصل الاجتماعي.. وغيرها.

في كتاب عنوانه الخلل الأخلاقي في ظل وباء كورونا  -أزمة في زمن الأزمة-* عبر بسط  فكرة كورونا وسؤال الأخلاق لجديد الميثاق داخل مجتمع إنساني .

نحن نستطيع بما حبانا الله به من ملكات وبصيرة تهتدي بنوره تعالى أن نميز بين الغث والثمين.. فنأخذ ما ينفعنا وندع ما دون ذلك.. ونحظر من لا نحترمه ونتجاهل من يستحق ذلك.. ونصادق ونتعامل مع أولئك الطيبين الصالحين المخلصين الذين حسنت نواياهم.. فطبيعة العصر ومقتضيات الحياة الحديثة ومتغيراتها توجب علينا أن نكون متوازنين.. آخذين من مظاهر الحضارة ما يلزمنا ونفي ما لا يصلح لنا لممارسة الحياة بشكل صحيح .

* هذا الكتاب أصله ندوات افتراضية بتقنية الزووم،  ألقتها  الباحثة، في صالونات افتراضية مختلفة في السعودية والعراق وتركيا،  في صيف 2020 م. مع بداية الجائحة، أي بين ماي وأوت 2020.