تفصيل

  • الصفحات : 304 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2017،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-484-31-8.

تأسس الجبر الحديث في القرن السابع عشر بعد الجهود التي بذلت من طرف فرنسوا فييت(François viète)،وديكارت(Descartes) وفرمات Fermat)) …، وتوالت الأبحاث في القرنين السابع والثامن عشر مع ديزارغ (Desargues)وباسكال BlaisePascal) )وليبنز (Leibniz)وغيرهم من الرياضيين الذين كانت لهم إسهامات في تطوير الرياضيات،والتي بلغت ذروتها في القرن التاسع عشر مع اكتشافات ديدكند وكانتور للامتناهي والمجموعات اللامتناهية، واكتشاف الأعداد الحقيقية والأعداد الخيالية والمركبة،فتطور علم الجبر وعلم الحساب وعلم التحليل، أما في الهندسة فقد تمّ إعادة النظر في النسق الإقليدي وخاصة مسلمات إقليدس.

لقد أدت هذه الاكتشافات بما فيها المفارقات التي وٌجدت في مختلف الفروع الرياضية إلى ظهور “أزمة في الرياضيات” عٌرفت بأزمة الأسس، وترتب على ذلك ضرورة إعادة النظر في هذه الأسس التي يجب الاعتماد عليها لتأسيس رياضيات قوية متناسقة وغير متناقضة، رياضيات خصبة ويقينية ، ولم تعد الإشكالية تخص الرياضيين فقط بل كل العلماء على اختلاف تخصصاتهم (وهذا نتيجة تأثير الرياضيات في علومهم)فلاسفة ومناطقة ورياضيين ،وهو ما يبرر شرعية وجود فلسفة الرياضيات التي اهتمت وما زالت تهتم بهذه الإشكالية الفلسفية الرياضية، ونجم عن ذلك ظهور اتجاهات عديدة كالاتجاه الحدسي والاتجاه الصوري والاتجاه اللوجستيقي، فأي اتجاه يجب أن تعتمد عليه الرياضيات لإعادة بناء صرحها الشامخ ؟

كما تزامن ظهور هذه الأزمة في الرياضيات إعلان بلانك عن نظرية الكوانتوم سنة 1900، وانشتين عن النظرية النسبية سنة 1905وهي النظرية التي أطاحت بالنموذج النيوتيني، كما شهدت سنة 1916 توسع المجال الثوري للنظرية النسبية الخاصة أي ميلاد النظرية النسبية العامة. إنها انجازات غيّرت مسار وملامح العلم الفيزيائي وعملت على ترسيخ ملامح الثورة الفيزيائية وجعلها محور نظرية المعرفة العلمية .

ولهذا تميز الربع الأول من القرن العشرين بظهور ثورات معرفية أثرت بدورها على الفلسفة الفرنسية التي عرفت أزمة في العقلانية، مما أدى إلى بناء العقلانية العلمية عند باشلار والعقلانية الرياضية عند برنشفيك و بعده روبير بلانشي، وتأسيسا على هذا تطورت الابستيمولوجيا وفلسفة العلوم بفضل اسهامات كويري(Koyré)، وديزنتي (Desanti)، وكونغيلمCanguilhem)) وغيرهم.

وفي هذا الإطار المعرفي تندرج فلسفة جان كفاييس وابستيمولوجيته الرياضية، إذ يعتبر كفاييس من أهم ممثلي الفلسفة الفرنسية في الفترة السائدة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، حيث في هذه الحقبة الزمنية شهدت الفلسفة عموما في فرنسا يقظة على غرار ما كان سائدا في ألمانيا، وكان هناك اهتمام بمختلف المجالات الفلسفية سواء في المنطق أو في الرياضيات أو في  العلوم المادية.وقد كان كفاييس من بين الداعين إلى ضرورة النهوض بالفلسفة ولكونه رياضيا انصب اهتمامه على الرياضيات لا من الناحية الرياضية البحتة فحسب وإنما من الناحية الفلسفية أيضا.