تفصيل

  • الصفحات : 240 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2018،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-484-89-9.

تحتل المسألة الكردية أولوية عليا في الحياة السياسية التركية ، كونها تمس بالدرجة الأولى إستقرار الدولة وأمنها القومي ، وقد زاد الإهتمام بالمسألة الكردية منذ إعلان حزب العمال الكردستاني العمل المسلح ضد الدولة التركية سنة 1984 ، ليصبح هذا الملف المحدد الرئيسي لتحركات تركيا الداخلية والخارجية ، وقد عرفت تركيا خلال الفترة الممتدة بين 1984 و 1999 (تاريخ القبض على عبدالله أوجلان زعيم الحزب المسلح) موجة عنف غير مسبوقة كادت أن تعصف باستقرار الدولة والمجتمع .

إلا أن اعتقال عبد الله أوجلان سنة 1999 ، أدى إلى التقليل من تهديد حزبه ، لتدخل المسألة الكردية مرحلة جديدة مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا سنة 2002، حيث زادت محاولات رجب الطيب أردوغان ورفقائه في إيجاد حلول لمشاكل تركيا الداخلية والخارجية .

وتندرج السياسة الحكومية الجديدة تجاه المسألة الكردية في إطار التحولات التي تعرفها تركيا منذ خريف 2002 ، والتي مست الجوانب السياسية ، الإقتصادية ، الإجتماعية والعسكرية، ضمن رؤية جديدة جاء بها وزير الخارجية التركية  أحمد داوود أوغلو حول موقع تركيا ودورها في النظام الدولي ، فحسبه ؛ لايمكن لتركيا أن تتبوأ مكانة في محيطها الإقليمي والنظام العالمي دون تصفير  مشكلاتها الداخلية ومع دول الجوار، وخاصة المسألة الكردية ذات الأبعاد الداخلية والإقليمية والدولية المتشابكة . ومن هنا ، ارتسمت سياسة أمنية تركية جديدة تجاه المسألة الكردية منظرها أحمد داوود أوغلو[1]، ومطبقها رجب الطيب أردوغان.

إن دراسة السياسة الأمنية التركية تجاه المسألة الكردية بعد 2002 ، لها أهمية علمية تتمثل فيأنها تنتمي إلى واحد من أهم مجالات حقل العلاقات الدولية ، وهو مجال الدراسات الأمنية ، حيث سيتم الإستفادة من المفهوم الموسع للأمن في تحليل السياسة الأمنية الجديدة للحكومة التركية تجاه المسألة الكردية وبقية القضايا الأخرى . والموضوع يلبي حاجة معرفية علمية تتمثل في معرفة حقيقة المسألة الكردية في تركيا وواقع السياسة الأمنية التركية تجاهها ، وتأثير ذلك على الأمن القومي التركي .

كما يكتسي موضوع الدراسة أهمية عملية بالغة ، لأنه مرتبط بالدرجة الأولى بأحد أكثر الجوانب حساسية بالنسبة للفرد والمجتمع والدولة ، ألا وهو الجانب الأمني ـ

ويمكن لهذه الدراسة أن تشكل محطة لتقويم الواقع الإثني للدول العربية ، وزيادة الوعي بحساسية هذه المسألة ومخاطرها على الأمن القومي لهذه الدول ، خاصة وأن التباينات العرقية والمذهبية والدينية ظاهرة فيها ، وما يشكله ذلك من تهديد للوحدة الوطنية .

إضافة إلى الأهمية الإنسانية؛ فهذه الدراسة تعالج موضوعا إنسانيا ، قبل أن يكون علميا ، فالأكراد في تركيا وبقية الدول المجاورة ، عانوا من ويلات الإضطهاد والحرمان لمدة زمنية طويلة ، وتؤكد الدراسات أن لهم هوية مختلفة عن هوية المجتمعات التي يتواجدون فيها ، لذلك فإنه من حقهم التمتع بحقوقهم ، بوصفهم قومية متميزة ، ويبدو أن السياسة الأمنية الجديدة التي تنتهجها حكومة العدالة والتنمية في تركيا منذ 2002 ، تصب في هذا الهدف الأمني ـ الإنساني .

فأهمية الدراسة تكمن في التوفيق بين التطرق لمعاناة الشعب الكردي في تركيا من جهة ، ومعضلة الساسة الأتراك في حل المسألة الكردية دون المساس بالوحدة الوطنية لدولتهم من جهة أخرى .

تدور إشكالية الدراسة حول دور حكومة حزب العدالة والتنمية في صنع السياسة الأمنية التركية تجاه المسألة الكردية ، وكيفية تأثير الرؤية الإستراتيجية الجديدة للحزب الحاكم على التعامل مع الأكراد في تركيا منذ 2002 ، وعليه يمكن صياغة هذه الإشكالية على النحو التالي : كيف أثر وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا سنة 2002 ، على صياغة وتوجيه سياستها الأمنية إزاء المسألة الكردية ؟

هذه الإشكالية ، تم تفكيكها إلى الأسئلة الفرعية التالية :

هل تغيرت السياسة الأمنية التركية بصفة عامة، وتجاه المسألة الكردية على وجه الخصوص بعد 2002 ؟إذا كان هناك تغير في السياسة الأمنية التركية إزاء المسألة الكردية بعد 2002 ، فهل هذا التغير يشمل الجوانب الأساسية للسياسة الأمنية التركية من حيث الأهداف ، الوسائل والمخرجات ، أم أنه يتعلق بتحويرات طفيفة وخطابات جديدة لا تمس بجوهر هذه السياسة الأمنية ؟ما هي أهم إنجازات هذه السياسة الأمنية ؟ وماهي التحديات الآنية والمستقبلية التي يواجهها حزب العدالة والتنمية ـخاصة في ظل التحولات الإقليمية الراهنة ـ في تعامله مع المسألة الكردية ؟