تفصيل

  • الصفحات : 191 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2021،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-191-3.

يعد النص السردي من بين أكثر النصوص التي جذبت اهتمام النقاد والباحثين المشتغلين بالحقل النقدي عامة والسيميائي خاصة، على اعتبار أنه يضم مكونات سردية فاعلة تؤدي وظائف متعددة، لتحتل بذلك الرواية مكانتها ضمن هذه النصوص، وحتى بين الأجناس الأدبية الحديثة كمّا ونوعًا.

وبم أنَّ الرواية شكل وافد فهذا معناه أن كثيرا من قضاياها النقدية وافدة أيضا، لذلك كثرت وتعددت الدراسات التي تناولتها تنظيرا وإجراءً، ليكون عنصرُ الشخصية أحد جزئيات هذه الدراسة، لما يُضفيه على الأحداث من حركية (ديناميكية) وسيطرة في الآن نفسه، لتخضع بذلك معهُ الدراسات الأدبية المرتبطة به إلى تحولات عميقة وجذرية، ارتبطت بفلسفات وتوجهات مختلفة؛ أي من الاهتمام بها كجوهر (النقد السياقي) إلى الاهتمام بها كبنية لغوية مكتفية بذاتها (النقد النصَّاني)، وهو ما بدأ مع الشكلانية الروسية، كون دراسة النصوص الروائية متفاوت من منهج أو مدرسة لآخر، وربما هذا الوضعُ دليلٌ على أنّ الإبداعية القائمة في النصوص السردية عامة والروائية خاصة لم تُستخرج كُليةً كما يُفترض مع المناهج التقليديةِ، فكانت تبدو كالمتاهات العميقة والبعيدة كل البعد عن الموضوعية، التي لم يُكتشف منها إلاَّ بعض النواحي، خاصة فيما يتعلق بالشخصية الروائية التي دُرست بطريقة إسقاطية سياقية لا تمت للموضوعية بصلة، وأبقت مفهومها مُنغلقا، لقصور الآليات الإجرائية والوسائل النقدية في الوصول بها إلى المبتغى.

بقيت هذه النصوص السردية منطوية على أسرارها بانتظار من يحسن استدراجها ويكشف مكنوناتها، ذلك أنها لا تبوح بها إلاَّ بمن أحسن استنطاقها، لتنجح بذلك مدرسة تعدُّ أولى إرهاصات ظهور البنيوية وهي الشكلانية الروسية في الخروج بالدراسات الأدبية من السياقية إلى المحايثة، محاولة التأسيس لدراسة هي أقرب إليها من العلمية المُؤسَّسَة في تحليل النصوص الحكائية والسردية، لتتبعها مدرسة باريس السيميائية في نفس نهج التعامل مع النصوص السردية، إذ دعا رائدها “ج. غريماس” إلى ضرورة التعامل مع الشخصية الروائية كوحدة نصية لا امتداد لها خارج بنية النص، وهذا يتنافى مع ما جاء به النقد السياقي، ليخرج بمفهوم جديد للشخصية لم يكن معروفا قبله وهو الشخصية المجردة، لتصبح بذلك الشخصية الروائية عنده مجرد دور في الحكي، بغض النظر عما تؤديه.

وقد بدأت كتابي هذا بفصلٍ نظري، عنونته بـ “الشخصية الروائية: ماهيتها، أنواعها، علاقاتها” وضَّحتُ فيه مفهوم الشخصية وفق المنظور الحداثي وأنواعها لأهميتها في بناء المعمار الروائي، كونه يجب التفرقة بينها وبين الشخصية الإنسانية، فهي ليست وجودا واقعيا، بل هي مفهوم تخييلي، كما تطرقت إلى علاقاتها المتشعبة مع الراوي و فضاء الزمان والمكان، ليكونَ التوزيعُ الهيكلي لعناصرِ الفصلِ الأولِ كالآتي: (مدخلٌ حول مفهوم الشخصية) – (أنواعها) –  (علاقاتها بالراوي والزمان والمكان).

ثم انتقلت إلى الفصل الثاني التطبيقي، عنونته بـ”تحفيز الأنماط التشكيلية للشخصية: مقاربة نقدية في نصي: راس المحنة والرماد الذي غسل الماء”، ركزتُ فيه على مفهوم التحفيز، وآليةُ اشتغالهِ إجرائيا على نصي الروايتينِ، لما يمثله من بعدٍ حيٍ لمختلف الدعائم الحية للحوافز التشكيليةِ عامةً، لذلك حاولنا تطبيق ما أمكننا من آليات تحفيز الشخصية وفق تصور الناقد الشكلاني “توماشفسكي”، كتحفيز الأنماط الفعلية التشكيلية بشقيها الإيجابي، كالرغبة والتواصل والمشاركة، والسلبي كالكراهية والانفصال والإعاقة؛ لأن الشخصيات عندما تقوم بوظائفٍ ما وعندما تُنشئ علاقات فيما بينها فذلك يقوم بناءً على حوافزٍ تدفعُها لفعل ما تفعل، لتتموقع بذلك هذه العلاقات إمَّا في خانة الإيجابية أو السلبية، إضافة إلى تحفيز الأنماط التشكيلية من مرسل سواء مركزي أو فرعي وفاعل وموضوع (الرسالة) ومساعد ومضاد ومرسل إليه، لما تحققه هذه الأنماط من تكاملية مع الأنماط الفعلية والأنماط التبادلية بين الشخصيات،  وهو ما وجدَ بكثرةٍ في هذين النصينِ التطبيقيينِ، ليكونَ التوزيعُ الهيكلي لعناصرِ الفصلِ الثاني كالآتي: (مدرسة الشكلانيين الروس: التحفيز أنموذجا) – (التحفيز) – (تحفيز الأنماط التشكيلية للشخصية في روايتي راس المحنة والرماد الذي غسل الماء).

أما الفصل الثالث والمعنون بـ ” آلياتُ اشتغالِ النص السردي سيميائيا: مقاربةٌ نقدية في نصي: راس المحنة والرماد الذي غسل الماء”، تناول البُنى العاملية في الروايتين بالتحليل، كون الدراسة اقتصرت على مستوى السطح، وبالضبط تناولُ المكونِ السردي لكلا الروايتين بالتحليل؛ لأنه يقودنا إلى عملية تشريح البنيات السردية، آخذين بذلك جملة الحالات والتحويلات التي ميزت شخصيات الروايتين، من خلال الأدوار التي يؤدوها أثناء إجراء عملية التحويل، لذا كان اختيارنا للذوات الكبرى المهيمنة بعد ربطهما بالبرامج السردية، وذلك نظرا لتعددها وتنوع رغباتها، كون كل حكاية تحمل بين طياتها حبكةً تُشكّلُ مزيجًا من التواصل والصراع في علاقات شخصياتها، ليكونَ التوزيعُ الهيكلي لعناصرِ الفصلِ الثالث كالآتي: (النصانية كمُنطلق إجرائي في تحليل النصوص) – (الشخصيةُ بوصفها اختزالاً تجريديا لمجموعِ الأدوار التي تؤديها) – (مكونُ السردِ في رواية راس المحنة 1+1=0  لعز الدين جلاوجي) – (الأنموذج العاملي كإجراء في رواية راس المحنة) – (سيمياءُ الشخصيةِ في رواية الرماد الذي غسل الماء لعز الدين جلاوجي).

ولما كان المنهج هو الطريق والدليل في رحلة البحث، التي من خلالها يحدّدُ الدارس عناصر بحثه  جاء اعتمادي على آليات المدرسة الشكلانية، وبالضبط على تحفيز الشخصية وفق رؤيةِ رائدها توماشفسكي، بتطبيقها على النصين الروائيين، حيث حاول هذا الناقد تحديد وإعطاء مفهوم علمي للشخصية الروائية، كما اعتمدت على آليات المنهج السيميائي وبالضبط لسيميائية غريماس، من خلال تناولي لبنية السطح، مُركزًا في تحليلي على المكون السردي في الروايتين.