تفصيل

  • الصفحات : 222 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2019،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-691-99-0.

يعد الإعلام جزء أساسيا من حياة الأفراد الذين أصبحوا مرتبطين بوسائله المختلفة، التي شهدت تطورات كبيرة أصبح العالم بموجبها قرية صغيرة ألغيت فيها المسافات الزمنية والجغرافية في عصر يطلق عليه عصر السرعة والمعلومات، لقد أصبح العالم اليوم يعيش ما يسمى بمجتمع المعلومات الذي يصاحبه الإنتاج الكبير للأفكار والخدمات في مختلف المجالات الاقتصادية، العلمية، الثقافية، إلخ. الأمر الذي حتّم إنشاء أوعية، وسائط ودعامات تكنولوجية قادرة على جمع المعلومات، تعديلها، تخزينها ونقلها إلى الأفراد،مما يساعدها على احتواء ومواكبة العصر الجديد.

وما عزّز هذه الثورة الرقمية ودعّم ركائزها في المجتمعات المعاصرة هو ظهور وانتشار الشبكة العالمية للمعلومات، التي أصبحت تتيح اليوم التبادل السريع للأفكار والمعارف في كل الاتجاهات وفي شتّى الميادين. وقد تفطن بسرعة المجتمع الإعلامي أفرادا ومؤسسات إلى الإمكانات الإعلامية غير المحدودة لشبكة الإنترنت، فراحوا يحاولون استغلالها بإنشاء مواقع إعلامية شخصية كانت أم مهنية، سواء كان ذلك من طرف مؤسسات إعلامية تنشط أصلا في الميدان الإعلامي، أو بظهور مؤسسات افتراضية أرادت خوض تجربة إعلام جديد استحدثته شبكة الإنترنت بإمكانياتها الاتصالية التي غيّرت المفاهيم والممارسات الإعلامية وبالتالي النظريات المفسّرة لهذه الظاهرة الحديثة.

وبهذا فقد دخلت الصحافة المكتوبة مرة أخرى في جو المنافسة المفروضة عليها من طرف الوسائل أو الأوعية الجديدة لبث المعلومات والاتصال بالجماهير، فبعدما استطاعت المحافظة على مكانتها بجدارة بعد ظهور كل من الإذاعة والتلفزيون كوسائل منافسة في نقل الأخبار والتأثير على الرأي العامخلال القرن الماضي، وذلك بفضل الخدمات والوظائف التي ضمنتها لجمهور القراء ما جعلها وسيلة إعلامية صعب الاستغناء عنها في المجتمع، ها هي تعايش حاليا ما يسمى بالثورة الرقمية والتي تعد أهم تحدﱟ واجهته الصحافة كوسيلة إعلامية في مسيرة تطورها،حتى أن معظم الباحثين في مجال الإعلام تنبؤوا بزوال الإعلام المكتوبوالصحافة الورقية وتعويضها بالإنترنت والصحافة الإلكترونية.، لكنها سرعان ما تأقلمت مع الوضع الجديد ساعية للوصول إلى قاعدة جماهيرية أوسع بطريقة أسهل ووقت أسرع، وكذلك الاستفادة من الإمكانيات المتاحة التي وفّرتها شبكة الإنترنت، فحاولت المؤسسات الصحفية إنشاء مواقع إلكترونية تمكّن جمهور الإنترنت من الاطلاع على مضامينها الإعلامية، والاستفادة مما تقدمه على مواقعها، وذلك بالتزامن مع تزايد أعداد المستخدمين لشبكة الإنترنت مما يمكّنها من اكتساب فئات جديدة من جمهور القراء، خاصة وأنه يمكن الاطلاع على مضمونها من أي مكان في العالم.

ولم يكن المشهد الإعلامي الجزائري بعيدا عن هذه الظاهرة، حيث تعيّن على المؤسسات الصحفية مواكبة التطور التكنولوجي للاستفادة من مزاياه، فلجأت الصحف الجزائرية إلى إنشاء طبعات إلكترونية لها قصد توسيع دائرة مقروئيتها، والمحافظة على جمهورها الذي قد تحتم عليه ظروفه العملية أو العلمية أو حتى خصائصه العمرية تفضيل النسخة الإلكترونية (على شبكة الإنترنت) على النسخة الورقية. ولقد كانت انطلاقة الصحافة الإلكترونية متأخرة نسبيا مقارنة بتاريخ ربط الجزائر بالإنترنت سنة 1994، حيث يرجع تاريخ أول مؤسسة صحفية أوجدت لها مكانا على الشبكة وهي جريدة الوطن ElWatan،إلى عام 1997، تلتها كل من جريدةLiberté، اليوم، الخبر، الشعب، ElMoujdahidوLeSoird’Algérie على التوالي عام 1998، ثم توالت باقي الجرائد.

وهكذا تغيّرت وتطوّرت الطبيعة الإعلامية للصحافة الجزائرية التي أخذت تحاول الاستفادة من الإمكانيات الاتصالية الهائلة التي توفرها شبكة الإنترنت، من آنية وإمكانية تحديث المحتوى، وتفاعلية، وإمكانية التواجد والتواصل مع الجمهور عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وتوفير كم هائل من الأخبار والمعلومات بأشكال مختلفة نصية، سمعية، وسمعية بصرية وبلغات متعددة. كما حاولت الصحافة الإلكترونية الجزائرية كذلك الاستفادة من الإمكانات التحريرية التي توفرها شبكة الإنترنت وأهمها التخلص من الكتابة الخطية وتعويضها بما يوفره النص الفائق من إمكانية انتقاء الأخبار وقراءة الملخصات ثم المرور إلى تفاصيل الخبر بما يتفق ورغبة القارئ، وحاجاته، هاته الأخيرة التي تحاول الصحافة الإلكترونية الجزائرية تلبيتها من خلال التأقلم مع التطورات الحديثة الحاصلة في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال من جهة، والتنافس فيما بينها من أجل المحافظة على مكانتها الإعلامية من جهة أخرى.

وفي هذا الصدد جاء هذا الكتاب بعنوان  “الصحافة الإلكترونية بين التحرير، التصميم والتفاعلية”، ليلقي الضوء على خصائص الصحافة الإلكترونية التي تعد إحدى مظاهر التكنولوجيات الحديثة للاتصال والإعلام التي بدأت تفرض نفسها على الساحة الإعلامية الجزائرية، والتي تعد مجالا خصبا يستدعي التدخل بالدراسة والبحث من أجل الكشف عن الظاهرة ذاتها من جهة والعناصر المرتبطة بها من جهة أخرى، خاصة وأن مفهوم الصحافة الإلكترونية يرتبط بعناصر حديثة لم تعرفها الوسائل الإعلامية من قبل كتحديث المضمون، والفورية، والتفاعلية، وهي أهم متطلبات الخدمة الإعلامية الحالية