تفصيل

  • الصفحات : 109 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2020،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-728-11-5.

كثرت الدّراسات التي أولتْ الشّعر بعامة، وَالشّعر الأردنِيّ بخاصة عناية في العصر الحَدِيث، لَكِن العَدِيد مِن هذِه الدّراسات الأردنيّة ما زالتْ غير كافية، وَمنها دِرَاسَة نِهَايَة القَصيدة فِي الشِّعرِ الأرْدُنِيّ،فَهَذِه زاوية لَمْ يَلْتَفِتْ إليها البَاحِثونَ إلاَّ قليلاً، لَمْ تتجاوز ـ في رأيي ـ التّوصيف والتأمّل والإجمال.

وتنبغي الإشارة هنا إلى أنّ هناك دراسات تتمحور حول هذا الموضوع، نذكر على سبيل المثال الدّراسة المعنونة بـ “الخَاتِمَة فِي شِعرِ المُتَنبي”لقحطان رشِيد صالح،إذْ دَرَسَ فِيها أهمّ أنْمَاطالنّهَايَة في شعر المُتَنَبِي، التي بَلَغَتْ سِتة أنْمَاط،مَعْ دِرَاسَةِ وَسَائل التّعبير كَـ(الدّعاء،والاستفهام،والنّداء،…) ودورهَا في بِنَاء النّهَايَة الشّعريّة شَكْلاً وَمَوضُوعًا.

أمّا الدّراسّة الثانِيةفَتَتمَثّل في دراسَةِ الدّكتُور هاشم حافِظ رزوقيوعنوانهَا “الخَاتِمَة فِي قَصِيدَة عَصر مَا قَبْلَ الإسلام”،وَقَد تَنَاول البَاحثُ مُصْطَلحَ الخَاتِمَة لُغَة وَنقدًا،ثُم رَبَطَ بَينَ الخَاتِمة وَالغَرض الشعريّ مِن القَصيدة،ثُمّ تَطرّقَ لِنَوعَينِ مِن النّهَايّة، وَتتمثّل بـ النّهايةُ المُغلَقَة وَالنهاية المفتوحة.

وفي مقابل ذلك نجد هناك دراسة وتبدو أهميتها في أنّها يمكن أن تلقي الأضواء على الموضوع الذي نحن بصدده  وهي “بَرَاعَة الاسْتهلال وَحُسن الخَاتِمَة فِي شِعْر زُهَير بِنْ أبِي سُلْمَى”(3) للباحثينِ الدّكتُورة راجحة عبد السّادة سَلمَان،وَالدكتُور أكْرَم عَبدالله، فقد تَناولا في هَذِه الدّراسَة الجَانِب النّظرِي،فَأفاضَا فِي الحَديثِ عَنْ نِهَايَةِ القَصِيدَة كإيرادِ تَعْرِيفها لُغةً وَاصْطِلاحًا مَعْ إيراد آراء النقَاد والبلاغِيينَ القُدَامَى.

وَأمّا الدّراسَة الرّابعة فَهِي للدكتور إبراهِيم الكُوفَحيالمُعنونة بـ “شِعْرِيّةِ المَقْطَع فِي نَمَاذج مِن قَصَائدعُمرأبو ريشة”(1)،وَقدْ تَطرقَ إلَى نِهَايةِ القصيدة بوصفها البَيت الأخير فِي القَصيدة مِنْ خِلال الوقوفِ عِنْدَ تَجربةِ الشّاعِرِ السّوري عُمر أبُو رِيشَةَ.

ولعلّ السّؤال الذي يثور الآن، لماذا اتخذت من الشّعرِ الأُرْدُنِيّ موضوعًا للدّراسة؟ غير أنّ السّؤال الأهم هو: لماذا اتخذت من نهاية القصيدة موضوعًا للبحث؟

لعلي أفسّر السّبب في ذلك؛رغبةً منّي فِي إضاءةِ الشّعر الأردني مِنْ هَذِه الزاوية، وَلأنّهُ لَمْ يحظَ بدراساتٍ وَافية مِن هَذا المَنظور؛ لِذلِك كانَ اخْتيار موضوع (نِهاية القصيدة في الشعر الأردني) مُحاولة لِتقديم رؤية جَديدة تخدمُ النص الشعري الأردنيّ، وتسهمُ في سبر أغواره، لِذلِك كَانتْ “نِهاية القصيدة” المحور الذي ركزتْ عليه الدّراسة.

ولمّا كانت نِهاية القصيدةِ آخر ما يُودعهُ الشّاعِر في نصِّهِ مِن الرؤى والدّلالات، وآخر ما يسكبهُ من روحهِ الأحاسيس والمشاعر؛ فإنّ ذلك يَعني أنّها تتسمُّ بخصوصيّة ما في القصيدةِ، لِتغدو ملمحًا أسلوبيًا لافتًا وقفلاً ذا سمات خاصّة تُقفل به القصيدة، فضلاً على أنّ لها وقع مهم للغاية بالإضافة إلى أنّها تترك أثرًا في نفس المتلقي، وعلاوة على هذا كلّه إغفال الدّارسين الأردنيين تحديدًا لهذا الجزء من القصيدة الأردنيّة.

وعلى ضوءِ ذلك أستطيع أنْ أقول: إن رحلتي مَعْ نِهَايَة القَصِيدَة في الشّعرِ الأُرْدُنِيّ طَوِيلَة،وَشاقّة، وَشَائكَة، وَمُمتِعَة فِي الوقتِ نفسه،فَقبل الشّروع فِي تَحدِيدِ المَوضُوع الدّرَاسِيّ،حَاولتُ الوقُوف عَمّا كُتِبَ عن نِهَايَةِ القَصيدَة فِي الدورِياتِ وَالكُتبِ التّراثيّة وَالكُتب المُعاصِرة، فوجدتها قَليلة غير مستوفية،وَبعدَ أنْ وَطدّتُ العَزَمَ عَلَى الدّرَاسّةِ وَالبَحث، اعْتَمَدتُ عَلَى الشّعرِ الأُردُنِي المَطْبُوع فِي دَوَاوين شِعريّة،وَقَد اقْتَضَى الأمر منّي تَجْمِيع هَذِهِ المَادَة وَحصرها،وَبعدَ مُدّة لَيسَتْ بالقَصيرَة اكْتَمَلتْ المَادَة الدّراسيّة،وَاتضحَتْ الرّؤيّة لَدَي.

وَقَبلَ أنْ أُشيرَ إلى مَنْهَجِ الدّراسةِ وَخُطتها، لابُد مِنْ ذِكر قَضيّة،تتعلقُ بالشّعراءِ الأردنِيين الذينَ تمّ اخْتِيَارهم لدراسةنهايةقصائدهم، إذْإنني دَرسَتُ الشّعراءَ الذينَ وَجَدتُ لَهُم دَواوين أوْالشّعراء الذين حُقِّقَ شِعرهم فِي مَجَامِيع شِعريّة؛ إذْ إنَّ الدّواوينَ تُعطِينَا القَصِيدَةَ كَاملةً،لِذَلِك يُمكننا أنْ نثقَ بَأنّ نِهايَة القَصِيدة مَوجُودَة فِيهَا، عَلَى عَكسِ القَصَائد التي تُوجد فِي المَجَلات وَالجَرائد وَالصّحف اليَوميّة؛ فَإنَّ الإلمَامَ بالشّعرِ وَالشّعرَاء الأُرْدنيين يَحْتَاجُ إلَى عَشراتِ المؤلّفات،ناهيك عن أنّه إنْتَاجٌ غزيرٌ لذلك لا يُمكِن إيفاؤه حَقّه في هذا البَحث المحدود.

لِذَلِكَاعتمدتُ فِي هَذِهِ الدّرَاسَة عَلَى مَنْهَجِ الاختيارِ وَالانتقَاء مِنْ هَذَا النِتاج الغَزِير، وَلَمْ يَكن هَذَا الاخْتِيار اعْتِبَاطيًّا،بَلْ لَقَد كَانتْ جُمْلَة مِن الشّروطِ وَراء اخْتِيَارِ قَصِيدَة بِعَينِهَا نَذكرُ مِنهَا: القِيمَة الفنيّة وَالجَمَاليّة،وَالشّمُول،وَالتّنوع.

وَفِيمَا يَخصُّ منهج الدرَاسَةِ،فَقد ارتَضيتُ لِنفسي فِي هَذِهِ الدّرَاسَة المَنْهَج الأُسلُوبِي مِن حيثُ الوَصف والتّفسير والاحصَاء؛ لِظَني أنّهُ الأصلَحُ لتحقيق هدف هَذِه الدّراسَة،رَابِطًا بَينَ التشكيلِ الفني لِنَهَايَة القَصِيدَة وَرؤية الشّاعِر.

ولذلك نؤكّد للقارئ الكريم أنّنا جاهدنا ما وسعنا الجهد وحاولنا ما أمكننا الحول أن يكون هذا العمل دقيقًا في عرض التصورات، والله أسألُ أنْ أكونَ قَد وفقتُ لِخدمةِ هَذا المَوضوع الذي نهضتُ لِدِرَاسَتِهَ وَبحثِهِ مُتَوخِيًّا الإصَابَة وَالحق، وإنْ كَانَ هُنَاكَ خَطأ قدْ وَقع أوْ قُصُور قَدْ بَدَا فَحسبِي أنّني لَمْ أعْمَدْ إليه وَلَمْ أغضّ الطرفَ عَنهُ، وَلَكِنْ مِنْ قبيلِ السّهو وَالنسيان فآفة العِلم النّسيان، وَالكَمَال للهِ وَحْدهُ.

الباحث              

أحمد البزور