تفصيل

  • الصفحات : 481 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2021،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-004-6.

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، والصلاة والسلام على خير الآنام سيدنا محمد و على آله و صحبه الكرام.

بداية نود أن نقدم كلمة شكر لكل المساهمين الساعين والجاهدين لإنجاح هذه المؤلف العلمي ، الأساتذة أعضاء اللجنة العلمية للملتقى، و لأعضاء اللجنة التنظيمية أيضا ، والشكر موصول لكل الداعمين من الشركاء الإجتماعيين .و يسرنا أن نرحب أجمل الترحيب بكل المشاركين بأعمالهم العلمية ، حول الموضوع المطروح.و الموسوم بالعلوم الإجتماعية في الجامعة الجزائرية و دورها في التنمية المستدامة.

تشهد مختلف المجتمعات الدولية تحولات سياسية و اقتصادية و اجتماعية كبرى،ساهمت في خلق اضطرابات في مؤسساتها و هددت استقرارها.و كغيره من المجتمعات فان المجتمع الجزائري يتأثر بهذه التحولات ، و كان لزاما عليه ليس التوافق مع ما تفرزه هذه التحولات من آثار – فقط -، و انما تحقيق نوع من التنمية المستدامة  حتى يستطيع المحافظة على بقائه في اطار موروثه الحضاري و انتمائه الثقافي ، و يستوجب  هذا الأمر تظافر جهود مختلف  مؤسسات ومجالات التنمية في المجتمع.

وتسعى الأمم والمجتمعات دائما الى تحقيق الرقي في شتى مجالات الحياة الإجتماعية ، إعتمادا على قدراتها الطبيعية و ثروتها البشرية، حيث تلقىى هذه الأخيرة إهتماما بالغا، فهي تعتبر الأساس الذي تبنى عليه التنمية الشاملة بمختلف أبعادها ، والتي ينشدها كل مجتمع، والمجتمع الجزائري كغيره من المجتمعات يسعى الى تحقيق ديناميكية تنموية شاملة ، تطال كافة الجوانب الحيوية قصد مواكبة عمليتي التجديد و التحديث العالمي لمواجهة  متطلبات العصر الراهن ، ولن يتأتى ذلك الا بالإعتماد على الطاقة البشرية النشطة التي تساهم بفعالية في التنمية ، و ويرتبط مفهوم الطاقة البشرية لزاما  بمفهوم السياق الإجتماعي الذي يعيش فيه الأفراد ، فهو من نتاجهم و يتأثر بخصوصياتهم، ولذا فإننا بحاجة حقيقية الى فهم خصوصيتنا وعلاقتنا بمحيطنا الإجتماعي ومدى قدرتنا على التواصل و الانصهار الحقيقي بواقعنا الإجتماعي حتى نتمكن من تنمية أنفسنا والمساهمة الفعالة في التنمية الذاتية وصولا الى التنمية الشاملة.

و تعتبر الجامعة والتكوين بها خاصة في مجال العلوم الإجتماعية  أهم مجال لفهم العنصر البشري و إستغلال إمكانياته لفهم نفسه ومحيطه

و التأثير الإيجابي به ،من خلال مختلف المقرارت و المناهج الدراسية، و الابحاث او الدراسات العلمية  المفترض ارتباطها بالخلفية النظرية ذات الخصوصة الثقافية المجتمعية المحلية بشكل يؤدي الى صياغة واضحة و رؤية دقيقة لحياتنا الإجتماعية التفاعلية حتى نتمكن من التحكم في شروط الحياة و استغلالها بالشكل الذي ينفعنا ، محققين تنمية فردية ذاتية و كذا تنمية إجتماعية شاملة مستدامة.

نعتقد جازمين أن الإبداع قضية فردية تنتج في بيئة إجتماعية محددة ذات خصائص معينة، تتحول فيما بعد الى إنتاج فكري أو مادي في شكل وسائل و تقنيات تكنولوجية حديثة، تساهم بشكل فعال في رقي و تقدم  المجتمع ، ومنه فالإهتمام بالإنسان في حد ذاته و بيئته التي يعيش فيها يعد من سمات العصر الحديث ، حيث تقتضي منا متطلباته العلمية الواعية للتغيرات المتتالية والطارئة على الواقع الإجتماعي ، وما ينجر عنها من مفاهيم و تصورات تناقض أو توافق مصالح الإنسان و مجتمعه.

وتركيزا على العلاقة الموجودة بين العلوم الاجتماعية والمجتمع، سنحاول من خلال هذه التظاهرة العلمية  إبراز الدور الذي تقوم به هذه العلوم داخل الجامعة الجزائرية باعتبارها مؤسسة فاعلة ومن أولى المؤسسات تأثرا بما يحدث في المجتمع، حيث تمثل حلقة الوصل بينهما، لمعرفة نوعية العلاقة القائمة بينهما من حيث إنتاج وإعادة إنتاج العلاقات الاجتماعية الأساسية في المجتمع، من اجل الاندماج والتكيف الاجتماعي، وصولا إلى تحقيق التنمية المستدامة التي ينشدها المجتمع.

تشهد العلوم الاجتماعية تطورا متناميا  فهي تتجه نحو خلع ثوب  الأطر والنظريات و الأنماط والتفاسير وتتدرج الى دخول حيز التساؤل عن معارفها وتعمل على تطوير موضوعاتها وأدوات استدلالها وشروط إنتاجها فالعلوم الإجتماعية  الجديدة تعمل على التحرر من النظريات الكبرى. فالعلوم الاجتماعية في العالم العربي التي مر عليها حينا من الزمن ظلت طيلة هذه الفترة تقريبا تستهلك ما تنتجه الآلة الأجنبية من مفاهيم وتنظيرات اجتماعية. بل وحتى التفسيرات وتوظيفها لفهم واقعنا الاجتماعي وتفسير شبكة العلاقات الاجتماعية القائمة فيه .فهي أصبحت مطالبة باتجاه جديد يتبلور في تبني أطر وخلفية نظرية تبرز الخصوصية الثقافية و الواقعية المتأصلة في المجتمع المحلي ، وكذا ضرورة تطبيق المنهج العلمي الموضوعي لتعطي مصداقية لنتائج بحثها و تفرض مكانتها و تواكب مختلف الديناميكيات الواقعية الإجتماعية الجديدة.

بغية الإحاطة بالجونب السالفة الذكر جاء ملتقانا « العلوم الإجتماعية في الجامعة الجزائرية و دورها في التنمية المستدامة» ليفتح أبواب النقاش ببحوث و دراسات علمية تطرح مواضيع تهتم بالفرد و المجتمع في نسق تكاملي من خلال الحياة الإجتماعية التفاعلية ، قصد معالجة المشكلات التي تعترضه في سبيل تحقيق التقدم و الرقي .فالمعرفة العلمية هي أساس إتخاذ القرارات الصائبة لتحقيق الإستقرار الإجتماعي في شتى المجالات، و لأن هذا الأخير هو المنطلق و الغاية فإن الإهتمام بالدراسات الإجتماعية العلمية المتعلقة به يعد دون شك غاية لا يمكن التقليل من شأنها ، و حتى نتمكن من مواجهة متطلبات الانفتاح العالمي .

ونأمل من خلال النقاش الاكاديمي العلمي المفتوح أن نصل الى الإجابة عن مجموعة من التساؤلات بلورت أشكالية ملتقانا هذا تمحورت حول الدور الأساس الذي  تلعبه العلوم الاجتماعية عندنا و هل هذا المجال قادر على الاستجابة لما يتطلع اليه الفرد الجزائري من تنمية ؟

وهل تستنبط العلوم الإجتماعية برامجها و مناهجها من التراث الحضاري الجزائري؟وما هي النّماذج المعرفية خلف العلوم المتضمنة في بحوثنا العلمية؟هذه الأسئلة وغيرها هي مدار هذا الملتقى الذي ندعو الباحثين في مختلف التخصصات في العلوم الاجتماعية  للإسهام في الإجابة عليها في إطار المحاور المقترحة .

 

و أخيرا نأمل أن يساهم هذا المؤلف في إثراء البحث العلمي ببحوث ودراسات علمية استقطبت جهود باحثين من مختلف أنحاء الوطن.

و أخيرا نحن على يقين أن العمل الجاد مآله النجاح ، وهذا ما نتوسمه لهذه التظاهرة العلمية التي يشرف عليها قسم العلوم الإجتماعية بجامعتنا ( جامعة الجيلالي بونعمة بخميس مليانة)، و هذا ما يتفق مع مستوى طموحاتنا في ترقية العلم والبحث العلمي و إثرائه الذي وضعناه نصب أعيننا،وأخيرا تنمنى أن أن يكون هذا المنبر العلمي فرصة لكل الباحثين للإفادة و الإستفادة ، ونتقدم بالشكر مرة أخرى لكل من ساهم من قريب أو من بعيد في السعي لإنجاح هذا النشاط العلمي.

 

                                                                الدكتورة هبة مركون