تفصيل

  • الصفحات : 93 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-571-3.

الأمثال الشّعبيّة خزّان معارف وتجارب قوم مرّت عليهم السّنون بألوان الفرح والألم، النّجاح والخسارة، هي مكتسبات، تجارب علّمتهم مقاومة المصائب والآفات مرّة، والتأقلم ثمّ التّماشي مع الظّروف العصيبة مرّة أخرى، إنّها خلاصة الفهم لهاته الحياة في مواقف ومقامات مختلفة، طريقة للتّعبير عن تجربة أفضت لنتيجة يأخذ منها السّامع عبرة، دلالة عميقة يتذكّرها فور الإنصات  لعبارة كرّرتها الألسن جيلا عن جيل، وحفظتها في ذاكرتها الجماعيّة كونها جزءً من ثقافتنا  الجزائريّة العميقة، الممثّلة فعلا لشخصيّة الفرد في منطقته، في محيطه، ثمّ ميزة خاصّة به إذا ما قورن بآخرين من بلدان أخرى، إنّها بطاقة تعريف تكشف مدى تقدير الشّخص هذا وإدراكه لواقعه المعيش.

منذ الأزل ونحن نتناقل هاته الأمثال أبا عن جدّ، ولربّما ظهرت للوجود غيرها في الأزمنة المتأخّرة بحسب الموجودات الجديدة والحوادث الآنيّة المتعلّقة بأعمال ونشاطات لم توجد سابقا، فأنجبت التّجربة المعيشة لهاته الظّروف الحاليّة والتي لم تكن آنفا أمثالا شعبيّة أخرى لم  يعرفها السّابقون، ذلك لأنّ الأمثال هاته لها روح، تعيش بين النّاس وتتوالد بأفهامهم المختلفة لتجاربهم المتعدّدة، مختصرة حديث ساعة او ساعتين في جملة لها من التّأثير العميق وحسن اختصار المدلول ما يجعلها محطّ إعجاب فيتمّ تداولها من شخص إلى شخصين ثمّ تهبّ على الجميع هبّ الرّياح متى تكرّر موقف مشابه لمرمى المثل، وهكذا تكبر رويدا رويدا بالتّداول والتّناقل بفعل الإعجاب وكثرة التّوظيف والاستخدام، وحتّى وإن فارق موجدها الحياة هي تبقى لتعيش متى استمرّ ذكرها وتداولها، ربّما باختلاف طفيف في الألفاظ والكلمات، بين المستخدمين، غير أنّ جوهرها – مدلولها – قائم مفهوم.

نعم هي جزء من التّاريخ والثّقافة، اختصار ذكيّ لشرح طويل، حكمة مستقاة من تجربة حياتيّة، بصمة فارقة ومميّزة لأصل وانتماء صاحبها، غير أنّ استعمال الأمثال هاته يمكن أن يكون في غير موضعها حين ذكرها في مواقف ومقامات لا تلائمها في المعنى والمقصود، فيتمّ ربطها بقصد آخر غير الذي وُّظفت له في الأوّل، بل أكثر من ذلك، بعضها قيل بألفاظ وكلمات لو دقّقنا فيها لوجدناها مخالفة للمنطق السّليم والعقل القويم، وحتّى مجانبة لما حثّنا إليه ديننا وشريعتنا السّمحة، تساهلا من النّاس وتعوّدا عليها دون انتباه وتفطّن لحقيقة معاني بعضها، ربّما تُركت كذلك كونها إرثا تاريخيّا وثقافيّا من العيب نقده، والعيب الأكبر هو غظّ النّظر عن هاته الشّوائب دون غربلة وتمحيص مهما بلغت هاته الأمثال من أثر من النّفوس وآفاق في الأمصار، وربّما وبكلّ بساطة، لم يجد السّامعون وقبلهم المتداولون لها عيبا أو نقصا أو خطأً فيها والحقّ أنّ الحقّ غير ذلك.

اخترنا مائة من الأمثال الشّعبيّة الجزائريّة المشهورة، ودرسناها دراسة دلاليّة مختصرة غير أنّها دقيقة، تفي بتمييز الخطأ من الصّواب، كما ثمّنّا التي أصابت المعنى والمقصود دون إخلال أو تقصير، وفي ذلك اعتمدنا مرجعا واحدا للأمثال الشّعبيّة وهو “موسوعة الأمثال الشّعبيّة” للأستاذ ” رابح خدوسي”، وكم كنّا متأسّفين حين الشّروع في بحثنا ودراستنا للنّقص الفادح لمثل هاته المراجع والتي لا تقلّ أهميّة عن كتب الدّين والتّاريخ والأدب كونها الكنز الذي يحوي تجارب وحكم الأوّلين من أجدادنا، غير أنّ الأستاذ “رابح خدوسي” أورد معظمها شرحا وليس دراسة ونقدا دلاليّا، مع ذلك هو مشكور على جهد الجمع والتّرتيب في هاته الموسوعة المباركة، فقد حفظ جزءً  من ذاكرة أجيال سبقت فعاشت تجارب نفعتنا ولا زلنا نتعلّم ونأخذ العبر ممّا صلُح منها.

نأمل فعلا أن يراعى هذا الجانب من ثقافتنا وحضارتنا، فهو جزء لا يتجزّأ منّا، من ماضينا، حاضرنا ومستقبلنا.