تفصيل

  • الصفحات : 347 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2019،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-691-10-5.

تعرضت الأراضي الفلسطينية في العصور الوسطي مع الشام ومصر للعدوان الصليبي القادم من أوربا تحت مظلة الدين، وذلك في صورة حملات يقودها ملوك وأمراء أوربا لتخليص المقدسات المسيحية من شرور المسلمين. وقد اتخذت هذه الحملات من الصليب شعارًا لها ليوهمون به الجميع أنهم جاءوا لنصرة المسيحية، بيد أن الحقيقة كانت عكس ذلك، لأن هذه الحركة الصليبية كانت لها دوافع حقيقية عديدة جاءت مستترة تحت الدافع الديني الظاهري المعلن.

وخلال هذه الحركة العدوانية الاستيطانية التي عرفها المؤرخون المسلمون باسم «حركة الإفرنج»، تعرف العرب على «الفرنجى» الذي لم يكونوا على دراية به من قبل على نطاق واسع، ولم تكن الصورة التي خلفتها الحروب الصليبية عن الفرنجى طيبة بأي حال من الأحوال. وعلى الجانب الآخر، أي على الجانب الأوربي، كانت الدعاية البابوية قد نجحت في رسم صورة استفزازية للمسلمين في أوربا القرن الحادي عشر، بحيث جعلت آلاف الأوربيين يتوقون شوقًا لقتل المسلمين قبل أن يرى أحدهم مسلمًا واحدًا على الطبيعة، فكان الجهل بالآخر مبررًا لمعاداته.

لقد أطلق المؤرخون مصطلح “الحروب الصليبية” على تلك الحملات التي شنها الإفرنج في القرون الوسطى على بلاد الشام وفلسطين خلال الفترة (1095-1290م)، والحق أن “الصليبيات” من نتاج الغرب الأوربي الذي نضجت فيه فكرة الحرب المقدسة بصورة رشحته ليكون الرحم التاريخي الذي خرجت منه “الصليبيات”، التي اقترنت بأخريات القرن (الحادي عشر الميلادي/ الخامس الهجري)، فإذا أضفنا إلى ذلك ارتباطها بالغفران الكنسي من الآثام والذنوب، أدركنا بالفعل مكان وزمان ميلاد تلك الظاهرة التاريخية الكبرى في تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب في العصور الوسطى.

وترجع أهمية تاريخ الحروب الصليبية إلى أنها تمثل تجربة من تجارب العروبة والإسلام سواء في المشرق أو في المغرب، وهي تجربة متعددة الجوانب، خطيرة، مليئة بالدروس والعظات مما يتطلب منا أن نتفحصها ونقلب صفحاتها من وقت لآخر لنستفيد من نتائج أخطاء الماضي، ولنواجه أخطار الحاضر ونتغلب عليها، ولنتفهم أخطار المستقبل ونعمل على تجنبها.

من هذا المنطلق، يقدم الكتاب الذي يعلو راحة اليد الآن مجموعة من البحوث والدراسات المتخصصة في تاريخ الحروب الصليبية، تناول المدخل ظاهرة الحج إلى الأراضي المقدسة التي انتشرت بقوة هائلة خلال القرن الحادي عشر، ثم تلقي الضوء على المقدسات المكانية المسيحية في القدس، وأحوال المشرق العربي الإسلامي قبيل الحروب الصليبية.

أما دور البابوية في إزجاء نار الحركة الصليبية فهو محور الدراسة الأولى في الحديث عن حياة أدهيمار دى مونتيل قبل انطلاق الحملة الصليبية الأولى والوقوف على المحطات الهامة في حياته، والتي انعكست بعد ذلك على عمله في قيادته للحملة الأولى، وكذلك بيان دور أدهيمار في الدعوة للحركة الصليبية، واشتراكه مع البابا أوربان الثاني في الإعداد لمؤتمر كليرمونت، وحضوره هذا المؤتمر، والذي انتهت أعماله بقرار تعيينه مندوبًا بابويًا للحملة الصليبية الأولى وبيان الأسباب التي دعت البابا أوربان الثاني لاختياره لهذا المنصب.

تستعرض الدراسة الثانية واجبات الكنيسة في مملكة بيت المقدس اللاتينية منذ قيام المملكة 1099م وحتى استرداد بيت المقدس على يد صلاح الدين الأيوبي 1187م، وذلك للتعرف على دور الكنيسة وطبيعته، وأهدافه، حتى يمكن تقدير حجمه، ومعرفة أثره، مع تناول التواجد الكنسي اللاتيني في الأرض المقدسة، حيث أن الفترة التي تعرض لها الدراسة تمثل المرحلة الهامة في تاريخ الكنيسة اللاتينية فقد كانت مرحلة خصبة تعددت فيها أعمال وأنشطة وعلاقات الكنيسة.

تساهم الدراسة الثالثة في التعريف بدور العلماء في المجتمع الإسلامي، وإبراز أهميتهم وتفاعلهم مع الأحداث السياسية والعسكرية خلال الفترة (1079 – 1171م)، والكشف عن مواقفهم المؤثرة في مقاومة الغزو الصليبي، والتي لا تقل شأنًا عن دور القادة العسكريين في الدفاع عن المدن الإسلامية وبث الروح القتالية في الجنود، وإنهاء الانقسامات السياسية، ونبذ الخلافات المذهبية، وتطهير المجتمع الإسلامي من الفساد. وتهدف الدراسة الرابعة إلى تحليل الدور السياسي في تشكيل العلاقات مع الآخر في العصور الوسطى، لا سيما العلاقات الصليبية مع صلاح الدين، من خلال إلقاء الضوء بشكل مركز على فن التفاوض الأيوبي ودبلوماسية الصليبيين خلال عام كامل (1191 – 1192م).

وأخيرًا؛ تبحث الدراسة الخامسة قضية الأسرى المسلمين في الإمارات الصليبية، فقد ذكر فيها كيف استطاع الصليبيون تأسيس إماراتهم في بلاد الشام، ودوافعهم في الإبقاء على بعض السكان وجنود الحرب كأسرى لاستغلالهم في الأعمال المدنية، وكذلك بيان أعداد هؤلاء الأسرى وفئاتهم النوعية والوظيفية، وكيف كان يتم اعتقال هؤلاء الأسرى وتقييدهم بالأغلال، والأماكن التي كان يتم تجميعهم فيها داخل الإمارات الصليبية، كما كان يتم استجواب الأسرى بغية الحصول على معلومات عن المعسكر الإسلامي المعادي للصليبيين.