تفصيل

  • الصفحات : 144 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2019،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-691-37-2.

المنظمة كيان اجتماعي مهيمن على كافة مناحي الحياة، ذلك لأن الخدمات التي يستفيد منها الأفراد لم تكن لتكون إلا من خلال وبواسطة هذه المنظمات. فالإنسان فيها يعد أهم الموارد وهو الذي يتوقف عليه نجاحها، ويعد المحور الأساسي الذي تدور حوله الأهداف، فهو إما عامل بها أو مستهدف بما تقدمه من خدمات وسلع وعليه فإن نجاح أي منظمة يتوقف على مدى اهتمامها بهذا العنصر الحيوي، وهذا ما يفسر البحث المستمر والدؤوب الذي قام ويقوم به العلماء والباحثون منذ عشرينيات القرن الماضي إلى يومنا هذا، الأمر الذي أوجد علم قائم بذاته يسمى علم السلوك التنظيمي هذا الذي يرمي إلى تفسير السلوك الإنساني داخل المنظمات المختلفة ومحاولة ضبطه والتحكم فيه والتنبؤ به، بغرض تحسين مستوى الأداء ومنه زيادة إنتاجية المنظمات. إلا أنه وبسبب الكثير من العوامل  يتعرض  العاملون للعديد من الضغوط التي تولد لديهم حالات عدم الاتزان النفسي والجسمي مما يؤثر على مستوى أدائهم داخل المنظمة، الأمر الذي يستدعي التوقف عندها والاهتمام بها ودراستها خاصة وأنها مكلفة جدا سواء بالنسبة للأفراد أو بالنسبة للمنظمة؛ مما يستوجب على المنظمات تبنى المنظور الجديد للإدارة، هذا الذي يتميز بكونه قادرا على تفهم وتنظيم السلوك الإنساني داخل النسق التنظيمي، كما أنه يهتم بكيفية حل المشاكل التي يتعرض لها الفرد داخل المنظمة، فضلا عن قدرته على اختيار أفضل الوسائل والبدائل التي تحقق التحفيز وتزيد من دافعية الأفراد والتي بها تتحقق جودة الأداء والزيادة في الإنتاجية، ومنه يتحقق ما يسمى بالرضى الوظيفي، فالموارد البشرية بما تمتلك من قدرات ومهارات تعد الثروة الحقيقية التي تمتلكها أي منظمة مهما كان حجمها وطبيعة نشاطها، وعليه فإن مفهوم تمكين العاملين يعتبر من المفاهيم التي صاحبت تطور الفكر الإداري في السنوات الأخيرة، من خلال منحهم السلطة، وتوثيق العلاقات بينهم وبين المنظمة في كل المستويات الإدارية، بما يحفزهم على تقديم أفكارهم وتنمية مساهماتهم الابتكارية لخدمة منظمتهم كما يعد استراتيجية ومهارة جديدة ومدخل فعال للتطوير والتحسين الإداري المستمر والمتواصل وهو الأسلوب الأفضل الذي يلائم التطورات المذهلة في ميادين العلم والمعرفة، والثروة المعلوماتية؛ فهو يعتمد على الرقابة الذاتية وهو مرتبط بالعديد من الأساليب والمفاهيم المهمة على رأسها اللامركزية الإدارية، الجودة الشاملة، وإعادة الهندسة، والعمل الجماعي، والمنظمة الأفقية، والمتعلمة وغيرها من القضايا التي تتعلق بنجاح المنظمة وتفوقها.

والمنظمات التي تولي العنصر البشري أهمية، تتجه نحو تبني تطبيق هذه المفاهيم وكنتيجة لما تواجهه من زيادة المنافسة، الرغبة في خفض التكاليف وزيادة الأداء، والاتجاه نحو استخدام استراتيجية تمكين العاملين لتحسين أدائها(Lawler et Al2001) وبالرغم من ظهور التمكين كأسلوب إداري في أواخر الثمانينات الا أن الحديث عنه لا يشمل فقط المنظمات الانتاجية بل وحتي الخدماتية، وتطبيقه أدى الى التغلب على عدم الرضى الوظيفي للفرد، وخفض تكلفة الغياب ودوران العمل، وكذلك زيادة جودة الاداء(Klein et Al 1998)، كما أنه يهدف الي التغلب علي مساوئ البيروقراطية من خلال ايجاد الاندماج الوظيفي المرتفع وهذا يتأتى من خلال أبعاده المتمثلة في: تفويض السلطة، العمل الجماعي، الدافعية، التحفيز، المشاركة في صنع القرارات، وضوح الهدف، انسياب المعلومات، الاتصالات الفعالة، الاحترام والتقدير، التطوير والابداع ؛ وأول تحدي يواجه التمكين التنظيمي هو فهم الإدارة لهذه الأبعاد لأن التمكين يدعم المرؤوسين، ويجعل الرؤساء يتفرغون لعملية التخطيط لاتخاذ القرارات الرئيسية لعملية التطوير، ومن إيجابياته أيضا ضمان مشاركة الجميع لإيصال القرار الي أفضل درجاته من التميز، وقد أشارت (Spreitzer2007/2  )أن أكثر من 70%من المنظمات قد تبنت بعض الانواع من مبادرات التمكين على الأقل في جزء من أعمالها. وإن كانت بعض الدراسات أقرت بأنه ليست كل الضغوط بالضرورة جميعها ضارة وسيئة للفرد والمنظمة ، بل ويحثون على وجوب تعرض الفرد لقدر مناسب من الضغوط التي تستثير حماسه ودافعيته ونشاطه، لكن شدة الضغوط وزيادتها عن قدرة تحمل الفرد يؤدي بالتأكيد إلى نتائج ضارة تعود بالسلب على الفرد والمنظمة على حد السواء، و يعتبر كل من عبء الدور، صراع الدور، غموض الدور، وقلة فرص التقدم  والنمو الوظيفي، طبيعة العمل والتوتر في العلاقات، والمضايقات المهنية، غياب التحفيزات المادية والمعنوية، الرقابة الصارمة، المركزية المفرطة، الخلافات المستمرة مع الزملاء والمسؤولين في أماكن العمل، ضغط القواعد الرسمية، سوء الاتصال، غياب الشفافية، وجود صراع بين متطلبات الحياة المهنية والحياة الشخصية، عدم المشاركة في اتخاذ القرار، غياب الثقة،…من أهم مصادر ضغوط العمل حسب أغلب الدراسات والتي كانت سببا في عدم تحقيق المستوى المطلوب من الأداء.

وإن كان التمكين كأسلوب اداري يعد كنتيجة لجهود المفكرين والمنظرين وللتراكم المعرفي والعلمي الذي عني بتحسين الانتاجية وتحقيق أكبر الفوائد في ظل ظروف عمل أكثر موائمة، الا أن القرآن الكريم كانت له الأسبقية حيث وردت كلمة التمكين بمشتقاتها في أكثر من آية وهي تأخذ معنى التوطئة والتمهيد والتسخير،السلطان، التصرف بحرية، التقوية والتثبيت، المكانة العالية، نافذ القول والمؤتمن على كل شيء.

من هذا المنطلق جاء هذا الكتاببهدف التعرف على واقع التمكين التنظيمي للعاملين في المنظمة ومدى مساهمة هذا الأسلوب في التخفيف من ضغوط العمل وجعلها بالقدر الذي يزيد من تحفيز العاملين لزيادة مستوى أدائهم، وتحقيق الرضى الوظيفي المطلوب كما قسم إلى أربعة فصول تم التطرق فيها لمتغيرات موضوع البحث الرئيسية وهي على التوالي تطبيقات الدافعية كمدخل لتمكين العاملين داخل المنظمة، ضغوط العمل وعلاقتها بالأداء، التمكين التنظيمي للعاملين داخل المنظمة، والثقافة التنظيمية وتأثيرها على تمكين العاملين، ثم خاتمة.