تفصيل

  • الصفحات : 150 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-483-9.

يعتبر المجتمع من أبرز الحقول التفاعلية للفرد والجماعة، كونه يتميز بمجموعة المعايير التي تحدد إطار تشكل العلاقات الاجتماعية، فتعكس طبيعة ثقافة الفرد وتنشئته وخبراته الحياتية التي يحددها المجتمع التربوي؛ الذي ينادي بإعطاء الفرد مكانة توعوية كاستثمار للرأسمال البشري من خلال إعداده وتنمية قدراته، وأفكاره، وميوله، فلا تتحقق تلك العملية إلا من خلال الأخذ بعين الاعتبار المعطيات الثقافية والقيمية للتنشئة الاجتماعية وفاعليتها في تحديد موجهات الفعل التربوي في مجالات التفاعل الإنساني ( الأسرة، المدرسة، المجتمع المحلي، جماعة الرفاق، المسجد(…

ولتحقيق ذلك لابد من التوجه نحو إنتاج المجتمع التربوي كمجال يحظى بمكانة ثقافية على مستوى شبكة العلاقات الاجتماعية، كونه ليس مجرد مجال مؤقت ذا دلالة ظرفية بقدر ما يجب أن يشكل رمزا دائما، وإلا انسحب إلى مرض على مستوى الفكر الخاص بالإنسان والذي يحول دون تحقيق دينامكية الفعل التربوي.

غالبا ما يعبر المجتمع بما فيه المجتمع المحلي على الحقل الذي يوفر تلك المتطلبات الاجتماعية اللازمة لتحقيق الفاعلية، لا لتحقيق غايات فردية بقدر ما تعكس ضرورة تنشئة الفرد اجتماعيا ليصير فاعلا في حياته ومجتمعه وبيئته.

لهذا تشترك مؤسسات المجتمع مهما اختلفت طبيعتها ومكانتها ودورها في كونها مؤطرا للعملية التربوية من خلال إنتاج القيم الاجتماعية الهادفة، كمحاولة منها لتجاوز حتمية التغيرات الاجتماعية، فكما أشرنا سابقا أنها أحدثت نوعا من الخلل المعياري على مستوى شبكة العلاقات الاجتماعية المشكلة للحقل التفاعلي.

وعليه يعد غياب تلك المعاني المشكلة لفعل التربية والتعليم، وظهور مشكلات تربوية أحد عوامل تشكل الأزمات الاجتماعية؛ المعبرة عن أزمة ثقة على مستوى التفاعلات بين أفراد المجتمع، إن هذه الأزمة ليست بالمفهوم السوسيولوجي الموحد بقدر ما تعكس تشكل أنوميا على مستوى استقرار البناء الاجتماعي والحقل التفاعلي، وبذلك يجد الباحث نفسه في إطار البحث على المشكلات الاجتماعية والتربوية، الناتجة عن أزمة الثقة.

ومن هنا إن مواجهة هذه الأزمة لابد أن تنطوي على محاولات جادة للبحث عن حقيقة المشكل التربوي؛ أي لابد من محاولة تشكيل مجتمع حضاري تربوي وهو ما أطلق عليه مالك بن نبي “المشروع الحضاري”، الذي يعكس مدى نجاعة ومرونة المجتمع التربوي في محاولة لفهم أسباب المشكلات التربوية .

وعليه تكمن أهمية هذا الكتاب في:

– البحث عن مفهوم المجتمع التربوي والمرض الفكري، من خلال التعريف بمجمل المفاهيم التربوية والاجتماعية المشكلة للفعل التربوي.

– تحديد وفهم مفهوم أزمة الثقة؛ التي أدت إلى ظهور مشكلات تربوية عديدة تسببت في ظهور خلل معياري في المجتمع.

– تناول مفهوم المشروع التربوي وهذا من خلال فهم المشروع الحضاري عند “مالك بن نبي ” ومجموع الأفكار التربوية والاجتماعية؛ التي نستطيع من خلالها محاولة فهم الظاهرة التربوية، ووضعها في سياقها العلمي.

إشكالية الكتاب

يعتبر المجتمع حقلا واسعا من مجالات الحياة، كونه يؤطر تفاعلات الأفراد من خلال مجموع المعايير، والقيم والعادات المشكلة لمفهوم الثقافة كمعطى اجتماعي يعمل على  تحديد السياق التربوي للجماعات المكونة له.

وبالنظر إلى المجتمع؛ كمجتمع تربوي – التربية عملية غير محدودة – لا ترتبط بمجال أو مؤسسة واحدة، لذا وجب النظر إليها على أنها عملية مرنة تتماشى مع حياتنا اليومية في مجالات تفاعلنا، كما لابد وأن نعيد النظر في مفهومها الذي ارتبط غالبا بالأسرة أو المدرسة كونها تتيح لنا تقييم ذواتنا الفاعلة مع الآخر، وهو ما أشار إليه كل من ” مالك بن نبي وعبد الحميد بن باديس”.

المجتمع هو مجتمع حضاري قائم على فعل التربية والتنشئة بين الأفراد، لا يمكن تصور حياتنا دون قيم تربوية تحكم أفعالنا وتفاعلاتنا، فلا وجود لمشروع إنساني إلا اذ ارتبط بالمجتمع والجماعة؛ فالإنسان لا يمكن له أن يعيش بمعزل عن الآخر ولهذا أكد “مالك بن نبي” فكرة أن المشروع هو مشروع اجتماعي تتكافل فيه جهود الأفراد والجماعات ككل.

مشكلة الدراسة التي نبحث عليها هي تحديد المعنى من المشروع التربوي الحضاري وكيف يمكن لنا إعادة إنتاجه في ظل أزمة الثقة التي حدت من تفاعلاتنا الموضوعية والشفافة، واتجهت إلى تشكل توجهات لا تمت بصلة للواقع الحقيقي الذي نعيشه.

ومن هنا تكمن تساؤلات الدراسة في :

– ما هو المجتمع التربوي المرتبط بالمشروع الحضاري؟ وكيف يمكن إعطاء مفهوما سوسيوتربويا لأزمة الثقة وعلاقتها بظهور أنوميا اجتماعية على مستوى تفاعلانا وأفعالنا؟

– كيف يمكن طرح مفهوم علمي للمرض الفكري الاجتماعي؟

– كيف يمكن الاستفادة من المشروع الحضاري في فهم الظواهر التربوية؟