تفصيل

  • الصفحات : 111 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2021،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-081-7.

هذا الكتيب في الأصل ثلاث دراسات مستقلة، أنجزت خلال فترات متقاربة، ينظم مادتها اهتمامها بالملمح الساخر في نتاجات جزائرية، اشتغلنا في الدراسة الأولى على مجموعة قصصية للمبدع السعيد بوطاجين عنوانها (جلالة عبد الجيب)، وفي الثانية ركزنا اهتمامنا على مقولة النكتة الإثنية، أما الدراسة الثالثة فحاولنا من خلالها رصد الاستحضار الساخر لخطابات سابقة في عينات من شعارات الحراك الشعبي الجزائري.

يَظلُّ التخييل النسغ الأساس للمقول الأدبي، ولكنّ هذا الأخير ورغم تأثيث عوالمه بكلّ ما يمكن اعتباره محاكاة للواقع لا ردّ صدى، إلّا أنّه يُتّهم في كلّ مرّة من لدُن حرّاس النوايا. لأجل ذلك ورغم انبناء النص الأدبي على التخييل فإنّه يحاول التسلّح بتقانات المواربة والتخفي درءا للمتابعة والمساءلة، حتى النصّ الساخر لم يسلم، ولعلّ هذا النص (نقصد النص الساخر) أكثر ألوان الكتابة الأدبية إعمالا لتلك التقانات، خاصة وأنّه يستهدف معالجة المعيش بِنَفَسٍ ساخر قوامه الهزل.

نحاول من خلال الدراسة الأولى الاقتراب إلى نص جزائري ساخر، وهو نص (جلالة عبد الجيب)، للكاتب السعيد بوطاجين، فما الموضوعات الّتي اجتذبت بوطاجين؟، وما الآليات الّتي اعتمدها في حياكة نص ساخر موارب؟، وهل ركّز على قضايا دون غيرها؟، هذه بعض التساؤلات الّتي حرّكت هذا البحث، والأكيد أنّه مجرّد محاولة لتقديم قراءة لا تدّعي البتة تفوّقا نهائيا في فهم آليات تشكّل الكتابة الساخرة، فالتخييل ومن خلاله الأدب، عصيّ على النتائج النهائية، قريب دوما إلى الاستنتاجات غير المنغلقة.

أمّا الدراسة الثانية فنروم من خلالها وضع اليد على مسمّى النكتة الإثنية، وننطلق من قناعة أنّ مجموعة من الأفكار النمطية تؤدي إلى تواتر إنتاج نكت موضوعها مجموعات إثنية دون غيرها، مع ضرورة تِبيان أنّنا نتبنى الطرح الّذي ينزاح أصحابه بمفهوم الإثنية من دلالاتها الضيقة والتي تخص الأقليات العرقية والدينية على وجه الخصوص، إلى فضاء رحب يجعل كلّ مجموعة لها ما يميّزها مقارنة بمجموعات مجاورة، إثنية قد تكون ثقافية أو لغوية أو مهنية أو غيرها، ولعلّ ذلك هو ما أدّى بنا إلى الجمع بين مصطلح النكتة الإثنية ومصطلح المضحك الفئوي في عنوان الدراسة.

ندين في اشتغالنا على النكتة الإثنية لدراسة جدّ مهمّة للباحث المغربي أحمد شايب عنوانها (الضحك الإثني)، منشورة ضمن كتابه (أبحاث في الضحك والمضحك)، وهي الدراسة الّتي حفزتنا للاشتغال على موضوع لم يسبق أن بحثنا فيه وهو موضوع المتداول النكتي الإثني الجزائري، دون زعم تقديم بحث مفصل، فهذا البحث مجرّد محاولة أولية اخترنا فيها مناقشة عيّنة جدّ محدودة من النكت الإثنية، محاولين تبيان أنماطها وبعض صيغ اشتغالها

في حين أننا في الدراسة الثالثة حاولنا الاقتراب إلى محمولات أكثر الأحداث تميّزا في تاريخ الجزائر المستقلة، نقصد هنا الحراك الشعبي الجزائري، الّذي تمّ التواضع على أنّ انطلاقاته كانت بتاريخ 22 فيفري 2019، وإن كنا نعتقد أنّ إرهاصاته سبقت ذلك التاريخ، هذا الحراك الذّي يمكن عَدُّه نتيجة منطقية لاحتقانات سياسية واجتماعية واقتصادية كثيرة.

ووجب القول إنّ الخيط الناظم للدراسة الثالثة ليس النظر للحراك في بعده السياسي والاجتماعي والاقتصادي، لأنّنا وبحكم التّخصّص اخترنا الاشتغال على حُمولة الشعارات المكتوبة الّتي رفعها المتظاهرون طيلة أكثر من سنة من التظاهر المستمرّ، تلك الشعارات الّتي تضمّنت منذ بداية الحراك نَفَساً ساخرا، عبّر من خلاله الجزائريّ عن امتعاضه الشديد من خطاب السلطة طيلة عقود، من سياسات ميّعت كلّ شيء إلى الحدّ الّذي أصبحت فيه كلّ ممارسات تلك السلطة عبثية، ولا أدلّ على ذلك من إصرارها على ترشيح رئيس مُقْعَد لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا.

ولعلّ أبرز ما أثار انتباهنا طيلة أسابيع من المشاركة الفعليّة في مظاهرات (الجمعة)، ومن المتابعة المستمرة لفعاليات الحراك ومخاضاته ومآلاته، هو ذلك الاستحضار الساخر لخطابات سابقة، حاورها الجزائري من خلال لافتات مكتوبة واستثمر مضامينها للتعبير عن الراهن بكلّ تلويناته، مع ضرورة الإشارة إلى استحالة الاشتغال على جميع شعارات الحراك الأمر الذي دفعنا إلى اختيار عيّنة تخدم مبتغى البحث.

 

                                                             تيسمسيلت: أفريل/ماي 2020