تفصيل

  • الصفحات : 682 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2020،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-728-13-9.

حقوق الانسان –  هي ضمانات قانونية عالمية تحمي الأفراد والمجموعات من اجراءات الحكومات التي تتدخل في الحريات الأساسية والكرامة الانسانية.

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن حقوق الانسان في المحيط الدولي والوطن العربي، وقد غدا هذا الاهتمام واضحا من خلال عقد المؤتمرات والندوات وابرام المواثيق والاتفاقيات على المستويين الاقليمي والدولي ، وذلك من أجل معالجة جميع الجوانب والظروف التي تساهم في تعزيز حقوق الانسان وتهيئ السبل الكفيلة بحمايتها .

ومن المعروف أن الاهتمام قد تضاعف في السنوات الاخيرة من القرن العشرين وبداية القرن الحالي، الا أن مسألة الاهتمام هذه لم تكن جديدة، فقد ساهمت الأديان والفلسفات والحركات الاجتماعية والسياسية في بلورة حقوق الانسان.

أكدت الدول المشاركة في تأسيس الأمم المتحدة عام 1945 على ايمانها بالحقوق اللأساسية للأنسان وفي الحفاظ على كرامته ومنزلته وفي ضمان حقوق متساوية للنساء والرجال على حد سواء. كما عبروا عن عزمهم على خلق عالم يحترم حقوق الانسان والحريات الأساسية للناس جميعآ دون التميز بين جنس أو عرق أو دين أو الغة .

يجسد الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اعتمد عام 1948 عزم الدول على تحقيق هذا العالم، حيث شهد التاريخ لأول مرة الاتفاق على مجموعة من الحريات والحقوق الأساسية على المستوى الدولي، وتم الاعتراف بنصوص الاعلان كمقياس عام لانجازات جميع الشعوب والدول في مجال الحفاظ على حقوق الانسان.

أصبح الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والذي ترجم الى ما يزيد عن 300 لغة، مصدر الهام للعديد من الدول عند وضع قوانينها ودساتيرها، وأحد أكثر الأدوات انتشارآ في حماية ونشر هذه الحقوق.

ولقد تم شرح الحقوق المذكورة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان عند تبني العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام 1966، حيث أصبحت هذه الحقوق مقياسآ ملزمآ على المستوى العالمي.

ولقد وسعت اتفاقيات أخرى مثل الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التميز العنصري، والاتفاقية والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة، والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب،والاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم نطاق قانون حقوق الانسان، ووضعت معايير جديدة في هذا المجال. ولقد ساهمت جميع هذه الاتفاقيات في خلق آليات لمراقبة مدى تقيد الدول بالتزاماتها في هذا المجال، من ضمنها تقديم تقارير منتظمة عن الاجراءات التي تتخذها الدولة لتطبيق نصوص هذه المعاهدات. كما يحق للأفراد في بعض الحالات أن يتقدموا بشكوى ضد الدولة اذا شعروا بأن حقوقهم منتهكة، ولقد تم تبني العديد من الأدوات الاقليمية والدولية لنشر وحماية حقوق الانسان كالمواثيق والقرارات والتوصيات.

وتعمل العديد من الهيئات والبرامج والوكالات المختصة داخل الأمم المتحدة على تطوير حقوق الانسان، حيث تتولى كل من هذه الجهات دورآ ومسؤلية معنية تحت اشراف وتنسيق المفوض الأعلى لحقوق الانسان في الأمم المتحدة. فمثلآ يدافع صندوق الأمم المتحدة للأطفال (اليونسيف) عن حقوق الطفل، بينما تحمي منظمة العمل الدولية حقوق العمال. وتساهم منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) في تحقيق الأمن والسلام عن طريق نشر مفهوم التعاون بين الشعوب من خلال التربية والثقافة والعلوم، وزيادة احترام العدل، وحكم القانون،وحقوق الانسان، والحريات الأساسية في العالم. وتعمل اليونسكو بشكل أساسي على نشر الحق في التعليم، والحق في حرية الرأي والتعبير، والمشاركة في الحياة الثقافية،وأيضآ حق الاستفادة من التطور العلمي وتطبيقاته. ولقد تبنت اليونسكو في تشرين أول 2003 استراتيجية خاصة بحقوق الانسان واستراتيجية مدمجة لمكافحة التميز والعنصرية والتعصب والعداء اتجاه الغرباء. وتؤكد هذه الاستراتيجية المرتبطة على كون حقوق الانسان من صلب نظامها الداخلي لدى اليونسكو. كما أنها تهدف الى تعزيز مساهمة المنظمة في الدفاع عن حقوق الانسان والصراع ضد أشكال التميز القديمة والحديثة. وتحقق أهداف الاستراتيجيتين أعلاه عن طريق البحث ونشر المعلومات.

وتنشط أيضآ العديد من المؤسسات المتعددة الجنسيات في مجال حقوق الانسان، ومن الأمثلة على هذه المؤسسات: المجلس الأوربي، والاتحاد الافريقي،ومنظمة الولايات المتحدة الأمريكية، ومنظمة الأمن والتعاون الأوربية.

كما تنشط العديد من المنظمات الغير حكومية في هذا المجال، حيث تعمل كمراقب يرصد أي تجاهل أو عدم تطبيق لأدوات حقوق الانسان وكعامل محفز للتنمية المتقدمة لقوانين حقوق الانسان.

ولقد تقدم مفهوم الدفاع عن حقوق الانسان بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة بفضل جهود المجتمع الدولي والناشطين في هذا المجال.  وغدا احترام كرامة الانسان وعدم التمييز، والذي يعني بدوره فرصآ متساوية للجميع، من المبادئ الأساسية المحفورة في أذهان الناس. وأصبحت حقوق الانسان جزء لا يتجزأ من الأجندة السياسية القومية والدولية، كما ترسخت القناعة بأن انتهاكات حقوق الانسان التي لازالت تحصل في مناطق مختلفة من العالم يجب ألاتمر من غير عقاب.

ولكن لايزال الوضع الحالي لحقوق الانسان بعيدآ عن الوضع النموذجي الذي نص عليه الاعلان العالمي للحقوق. فلا يزال العديد من الأطفال غير قادرين على الذهاب الى المدارس، ولاتمتلك العديد من العائلات مكانآ لائقآ للعيش، ويعاني  آخرون من الجوع والحرمان من المرافق الصحية. ولازلنا نشهد العديد من مظاهر التمييز والاضطهاد على أساس القناعات والمعتقدات.

ظهرت مؤخرآ العديد من التحديات التي تهدد التطبيق الكامل لحقوق الانسان،حيث تتسبب العمليات الارهابية في خسائر فادحة في الأرواح والمعاناة الانسانية، وتهدد السلام والاستقرار في مناطق عديدة من العالم. الا أن العديد من الاجراءات المتخذة لمواجهة هذه الممارسات تتعارض في بعض الحالات مع الحريات الأساسية. وتبرز عدم امكانية الحصول على مياه صالحة للشرب كمشكلة ملحة في العديد من الدول والمناطق، خاصة وأنها مسألة ترتبط ارتباطآ وثيقآ بالحق في الحياة والصحة والغذاء. كما تشمل هذه التحديات الأمراض الوبائية وتدهور البيئة التي تهديدآ كبيرآ للجنس البشري. بالاضافة الى ظاهرة العولمة التي حققت ثروة غير مسبوقة للبعض، الاأنها كانت مصحوبة بازدياد في نسبة الفقر وعدم المساواة والاستبعاد للعديد من الدول والمجموعات والأفراد. ولا يمكن التغاضي عن حقيقة أن ثلث سكان الأرض في العالم يزدهر اليوم أكثر من أي وقت مضى، محكوم عليهم العيش في ظروف لا تحقق كرامة الانسان.

اعترفت الدول في قمة الألفية (الأمم المتحدة، نيويورك،6-8 أيلول 2000 ) بحقوق الانسان كأساس لايمكن استثناؤه لايجاد عالم يسوده السلام والازدهار والعدل، وأكدوا على مسؤليتهم المشتركة في دعم حقوق الانسان على المستوى العالمي. كما ألزموا أنفسهم بخلق مستقبل مشترك لجميع شعوب الأرض بناء على وحدة الانسانية بجميع اختلافاتها. ولقد تبنى اعلان الأمم المتحدة للألفية أهدافآ راسخة لارشاد وتشجيع الحكومات على توظيف جهودها في ايجاد وجه انساني للعولمة.

وبينما تحتفظ الحكومات ومنظماتها بالمسؤلية الرئيسية في تثبيت معايير حقوق الانسان والتأكد من تنفيذها، تلعب جهات أخرى دورآ مؤثرآ في نشر وحماية هذه الحقوق . حيث يجب أن يعمل المجتمع الأكاديمي ومجتمع الأعمال والاعلام بالتعاون مع الحكومات ومؤسسات الدولة والمنظمات الدولية المتعددة الجنسيات والمنظمات الغير حكومية على تحقيق الأهداف التي أعلنت قبل ستين عامآ في ميثاق الأمم المتحدة،ودستور اليونسكو، والاعلان العالمي لحقوق الانسان.

تتطلب التحديات والعوائق التي تقف في وجه تنفيذ حقوق الانسان تحليلا مستفيضآ، كما تتوجب زيادة الوعي لدى جميع الأطراف لايجاد حلول جذرية للمشاكل الموجودة حاليآ وتلك الآخذة في الظهور. يعتبر التعليم في مجال حقوق الانسان من الوسائل المهمة التي تعمل على زيادة حساسية المجتمعات بشكل عام اتجاه القضايا المتعلقة بهذه الحقوق، كما يلعب التعليم دورآ مهمآ في خلق بيئة تساعد على تطبيق حقوق الانسان ومنع انتهاكاتها. حيث لايستطيع البشر التمتع بحقوق الانسان والمحاربة من أجل تطبيقها الا أذا كان لديهم المعرفة الكافية بمضمونها والاجراءات المتخذة لحمايتها. ويفترض أن يكون للتعليم في مجال حقوق الاننسان دور في نشر المبادئ الأساسية مثل الأهمية المتساوية لكافة حقوق الانسان سواء كانت المدنية أو الثقافية أو الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية،  وضرورتها للحفاظ على كرامة وتحقيق الرفاهية للجميع. ولا يقتصر التعليم في مجال حقوق الانسان على التدريب ونشر المعلومات، حيث يمتد الهدف منه لبناء ثقافة عالمية تشمل المعرفة والمهارات، بالاضافة الى الأنماط  السلوكية المبنية على مبادئ العدل العالمية وحكم القانون وعدم التميز.

عليه، يتضمن هذا الكتاب للمعاهدات والصكوك الدولية لحقوق الانسان.

يهدف هذا الكتاب: الى المعرفة الثقافية الموجه للمهتمين بقضايا حقوق الانسان، للطلبة والعامة، بالاضافة الى المنظمات الحكومية وغير الحكومية ( منظمات المجتمع المدني) والى الناشطين في مجال حقوق الانسان.