تفصيل

  • الصفحات : 248 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2020،
  • الغلاف : قوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 9789931728467.

إن كل تأليف يخلق مجالاً للنقد فور إنتاجه وعرضه للقراء والمهتمين، ويكون صوت الناقد مسموعا في بيان قيمة الأثر المدوَّن، وبين كشف لمواطن الجمال أو القبح، تختلف الرؤى وتتنوع حسب الخلفيات الثقافية وحسب الأداة الإجرائية المتبعة لتحليل المدونة.

حينها، يكون الناقد همزة وصل بين العمل المطروح والقارئ – العادي والمتخصص-، يترسَّم العمل ويتوسَّمه، يقلِّب فيه النظر ويسبر غوره ليظهر مكنونه.

وقد عرف العربي النقد منذ عصر ما قبل الإسلام، حيث كان النقد مجرد انطباع كلي، يعبِّر عن أحكام جزئية، وكان الرواة يتناقلون هذه الأحكام مشافهة أو يردِّدونها في المجالس الأدبية.

إلى أن ازدهرت الحركة النقدية مع ابن سلام الجمحي(ت:231هـ)في طبقاته دانية القطوف،وابن قتيبة (ت: 276هـ) في”الشعر والشعراء”وما احتواه من لطائف الإشارات النقدية، إلى أبي هلال العسكري(ت: 395هـ)في كتابه الفريد في فنه:”الصناعتين”، وابن رشيق القيرواني (ت: 463هـ) في “العمدة” الذي طُوي على فصول دقيقة البحث، وغيرها من الكتب النقدية الأصيلة التي حفلت بها المكتبة العربية.

وعلى هذه الأصول النقدية التراثية، بنى النقد الأدبي العربي الحديث أسسه، فكانت: مدرسة البعث والإحياء وجماعة الديوان وغير ذلك، ثم استلهم النقاد ما أنتجه الغرب عبر طريقة المناهج النقدية المعاصرة،فتنوعتطرائق الوعي بالنصوص المختلفة، وذلك تماشيًا مع تنوع مدارس النقد الغربي الحديث كـ(البنيوية والتفكيكية والأسلوبية والتداولية)وغير ذلك مما أنتج الغرب من محكَّات الإبداع الأدبي.

وفي هذا المؤلف الجماعي، نلفي مجموعة من الطروحات المتميزة، التي تعْبر بالقارئ فضاء الإبداع الأدبي والفكري، داخل سياقات إنتاج المعرفة، والرابط المشترك هو النقد وتجلياته على مختلف المستويات، فبين مسارات التنظير وتمثلات التطبيق نتتبع:

ملامح الفكر النقدي بين طيات كتاب”إعجاز القرآن”للباقلاني(ت:403هـ)إذ نجد إن هذا العالم الفذ قد ألم بقضايا النقد في عصره وذكر الجهود النقدية السابقة له، وجال في عالم روائع الشعر العربي القديم ناقدا بغية خدمة فكرته حول إثبات إعجاز القرآن الكريم.

ونلفي حديثًا عن النقد السوسيولوجي الذي حاول تأسيس جمالية تقوم على المضمون الاجتماعي للعمل الأدبي الناجح، بحيث تخلق الاتزان بين مضمون وشكل العمل الأدبي.

ونجد تأصيلا للمصطلح النقدي عند رشيد بن مالك باعتباره أحد أهم النقاد العرب الأكثر عنايةً بالمنهج السيميائي وسعيه إلى ترسيخ الدور اللساني السيميائي في التجربة النقدية الجزائرية والمغاربية والعربية.

ناهيك عن إطلالة على الحركات النقدية إبان الحداثة وما بعد الحداثة وذلك بالتركيز على النقد الثقافي الذي يكشف عن الأنساق الفكرية المضمرة وتجلياتها.

ودوما مع الحداثة، إذ ستستوقفنا قراءة جادة لكتاب تعليم ما بعد الحداثة – المتخيل والنظرية – لبرنادا مارشال(Brenda Marshall)الذي تناول مجموعة من المسائل النقدية المهمة كقضية تعدد المفاهيم وعن لحظة ما بعد الحداثة، لنجد مجموعة من الأسئلة عملت المؤلفة على ايجاد أجوبة لها خلال صفحات كتابها.

ولأن ما بعد الحداثة، هو حديث عن الاستشراق أيضا، ففي الكتاب وقفة مع إدوارد سعيد، وكيفية قراءة إنتاجاته الفكرية-ولا سيما كتابه: “الاستشراق”-خارج النسق الثقافي الأوروبي، وتحليل لنظرته إلى النقد العربي المعاصر.

وللجزائر أعلامها أيضا،إذ نجد فسحة في الكتاب للحديث عن المفكر مالك بن نبي ومفهومه للدورة الحضارية الذي بنى فكرته على ثقافة السنن الكونية واستقراء تاريخ المجتمعات وتطور الحضارات وأدرك شروط النهضة والتحضر.

ولأنَّ عالم النص اليوم متسع فسيح، ففي هذا الكتاب كلام عن العتبات، هذا النص الموازي الذي يشمل جملة من المكونات على غرار العناوين والمقدمات والخواتم، لكن الحديث عن هذا العنصر الفعال سيكون من وجهة نظر تراثية، وذلك بالإشارة إلى الإرهاصات الأولى للعتبات النصية التيتجلت في التراث العربي القديم.

وأخيرًا، أسجل شكري المقرون بالأحترام، لكل من ساهم في إنتاج هذا المولود العلمي الذي رأى النور بمجهودات السادة الأساتذة الأفاضل الذين شاركوا بمقارباتهم الواعية والرصينة في إثراء المشهد النقدي العربي.

والله تبارك وتعالى نسأل، أن يجعل هذا العمل عنده في حرز القبول، والله من وراء القصد.                                               ? – د.شميسة خلوي

 

د.شميسة خلوي

جامعة الجزائر02،أبوالقاسم سعد الله،الجزائر.