تفصيل

  • الصفحات : 333 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-482-2.

إن الشفعة نظام إسلامي أصيل، امتازت به الشريعة الإسلامية على غيرها من الشرائع السماوية والنظم الوضعية، وقد دعت الحاجة إلى هذا النظام لإيجاد حل للمشاكل التي يثيرها الشيوع أو الجوار، وذلك بتمكين الشريك في المال الشائع أو الجار- لدى بعض الأنظمة والمذاهب – بأخذ حصة شريكه أو جاره المباعة لأجنبي، كي يدفع عن نفسه ضرر مشاركة أو مجاورة الأجنبي، هذا بالإضافة إلى ما للشفعة من فوائد اقتصادية تتمثل في وضع حد لحالة الشيوع، وتجميع ما تفرق من حق الملكية، فتجتمع للمالك سلطاته على العين .

ولازالت الشفعة من المواضيع التي تثير شكا حول ملائمة الأخذ بها في القوانين الحديثة، فهي بما تمثله من قيد على حرية التعامل، وبما تؤدي إليه من تكتل للملكية، تبدو كوسيلة شاذة من وسائل اكتساب الحقوق، ولعله السبب الذي دفع بعض القوانين العربية، كالقانون السوري استبعادها، وعدم العمل بها [1]، فالأصل أن لا يخرج ملك أحد إلا برضاه، وأن من اشترى شيئا، فلا يخرج من يده إلا برضاه حتى يدل الدليل على التخصيص[2].

فالشفعة مؤسسة إسلامية تهدف إلى المحافظة على عنصر القرابة والجوار وجمع الملكية، وإن عرف العرب هذه المؤسسة قبل الإسلام، فقد أفاض الفقهاء الإسلاميون في ذلك حديثا [3]، ورغم ما تحققه الشفعة من فوائد اجتماعية واقتصادية، إلا أنها شرعت على خلاف الأصل العام في التملك[4]، إذ أن التملك يستند إلى الرضا والاتفاق، بينما الأحكام المنظمة للشفعة جعلت منها وسيلة جبرية لكسب الملكية بالإرادة المنفردة للشفيع[5]، ومن ثم فهي تمثل قيدا خطيرا على حرية التصرف، وحرية التملك، وحرية التعاقد، فبمقتضاها يجد المشتري نفسه مجبرا على التخلي عن المال الذي اشتراه لشخص قد لا يعرفه من قبل، ويجد البائع نفسه طرفا في عقد لم يناقش شروطه ولم يشترك في انعقاده. [6]

ولم تكن المحاذير التي تحيط بالشفعة بخافية عن رجال الفقه الإسلامي، فقد ناقشوا تلك المحاذير بكثير من التعمق والموضوعية، وأبدوا في الكثير مما كتبوا ميلا واضحا لحصر نطاق الشفعة والتضييق من حالاتها، بل إنهم جهدوا أمام نصوص قاطعة تدل على مشروعيتها – في الكشف عن وسائل مختلفة[7]، يكون من شأنها إغلاق هذا الباب وترك المجال لإرادة الأفراد للعمل دون اعتراض.

كما أنه ليس من قبيل الصدفة أن نرى جمهرة الفقهاء المسلمين، لا تجيز الشفعة إلا في حالة واحدة هي حالة الشيوع، وإذا كان الأحناف من جانبهم، قد خرجوا عن هذا الإطار، وأجازوا الشفعة في حالات أخرى، إلا أن حرصهم على التضييق من مكنتها بدا واضحا فيما رسموا لها من إجراءات حريصة ودقيقة، كما أن الأحناف قد قرروا في أكثر من مناسبة أن الشفعة حق ضعيف، وأن الهدف من مشروعيتها هو دفع ضرر أكبر يتأتى للشفيع من شركة أو خلطة أو جوار غير ملائم، بضرر أقل، يتمثل في إجبار المشتري على التخلي عن البيع[8]، وهذه الناحية بلا شك مضافة إلى ما تحققه الشفعة من الفوائد المذكورة، وأيضا إلى الرغبة الواضحة في مسايرة أحكام الفقه الإسلامي المستمدة من الشريعة الإسلامية الغراء ذات الكمال، وهو ما دفع بمختلف المشرعين إلى التمسك بالشفعة كنظام قانوني مستقل أفرد له العديد من النصوص التشريعية التي اقتدت في أكثر أحكامها بالمصدر التاريخي والأصيل للشفعة.

و تأصيل حق الشفعة  كما هو متداول على مستوى المنهج، تتناول مدلول الشفعة وأساسها القانوني ومميزاتها وطبيعتها، وهي على المستوى النظري عملية ربط أحكام الشفعة في وحدة متماسكة متشابكة، تشكل إطارا عاما، وهي بناء عام يتكون من ضوابط وقواعد عامة يشد ويشتد بالعموم والشمول، تندرج تحته بالضرورة القواعد والأحكام التي تدخل في هذا العموم، لا تتجزأ، تنطلق منه، وتعود إليه، وتتجلى في مدلوله، مميزاته، أساسه، أركانه …

بالنظر لما يشتمل عليه البحث من مواضيع ومسائل متفرعة ومتفاوتة في البيان فقد احتوى الموضوع على ثلاثة فصول, وذلك على الشكل التالي:

  • الفصل الأول: أساس الشفعة، وفيه ثلاثة مباحث هي على التوالي:
  • المبحث الأول: أصل الشفعة في الشريعة الإسلامية.
  • المبحث الثاني: الأصل التاريخي للشفعة في القوانين المعاصرة.
  • المبحث الثالث: الأساس القانوني لحق الدولة في الأخذ بالشفعة.
  • الفصل الثاني: مفهوم الشفعة، وتضمن على مدى ثلاثة مباحث ما يلي:
  • المبحث الأول: تعريف الشفعة وحكمة تقريرها وتشريعها.
  • المبحث الثاني: طبيعة الشفعة في الفقه الإسلامي وتكييفها القانوني.
  • المبحث الثالث: خصائص الشفعة.
  • الفصل الثالث: نطاق الشفعة، وبين خلال ثلاثة مباحث أيضا النطاقات الآتية:
  • المبحث الأول: نطاق الأشخاص في كل من الفكر الإسلامي، وكذا الفكر القانوني .
  • المبحث الثاني: نطاق الأموال في الفكرين الإسلامي والقانوني.
  • المبحث الثالث: نطاق التصرفات أيضا في الفكرين الإسلامي والقانوني.

 

 

[1] محمد الجندي، “الشفعة في القانون المدني الأردني ومشروع المعاملات المدنية لدولة الإمارات العربية المتحدة”، (دراسة مقارنة مع القانونين المصري والعراقي)، (القسم الأول)، مقال منشور في مجلة الحقوق الصادرة عن كلية الحقوق جامعة الكويت، السنة التاسعة، العدد الأول، جمادي الثانية، (1405 ه-1985م)، ص 171.

[2] محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، بيروت، دار المعرفة للطباعة والنشر، الجزء الثاني، الطبعة التاسعة، (1409 ه-1988م)، ص 257.

[3] علي كحلون، القانون العقاري الخاص، (المبادئ العامة، نظام العقارات المسجلة، نظام العقارات غير المسجلة)، تونس، مركز النشر الجامعي، 2009، ص 289.

[4] موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، المغني على مختصر الخرقي، بيروت، لبنان، دار الفكر، الجزء الخامس، (1412ه۔ 1992م)، ص 461.

[5] شهاب الدين أحمد الشلبي، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق، (وهي مطبوعة بهامش كتاب تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للإمام فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي الحنفي)، بيروت، لبنان، دار المعرفة للطباعة والنشر، الجزء الخامس، الطبعة الأولى، 1315ه، ص 239.

2 نبيل إبراهيم سعد، الشفعة علما وعملا، مصر، الإسكندرية، منشأة المعارف، 1997، ص 5.

3 موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، المرجع السابق، ص 353-355.

4 كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام الحنفي، شرح فتح القدير، بيروت، لبنان، دار الكتب العلمية، الجزء التاسع، الطبعة الأولى، (1424ه-2003م)، ص 375.