تفصيل

  • الصفحات : 246 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2018،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-484-91-2.

استطاعت الرّواية الجزائرية- وهي الحديثة العهد بالنّشوء مقارنة بنطيرتها العربية- أن ترسي معالم وجودها ،وتؤكد حضورها في السّاحة الأدبية ،أين أقامت لنفسها كيانا وعالما منفردا بخصائصه الفنية والشّكلية المميزة،ومما لاشك فيه أن المتتبع للفن الرّوائي الجزائري سيجد أن هذا الأخير قد مر بعدة مراحل عبرت عن زمن وجودها وطرائق كتابتها ؛إذ لكل مرحلة تقاليدها المعروفة ،وبين كل جيل وجيل روائي فوارق ومميزات فنية أرخت لتاريخ الرّواية الجزائرية ،ويبدو أن وجود هذه الفوارق إن دل على شيء فهو يدل على تعدد الرّؤى واختلاف التّوجهات الفنية التّي تشهدها تحولات الحدث الرّوائي.

هذا الحدث الذّي حتم على الرّوائي أن يبقى حاضرا –دوما- بقلمه وأفكاره ليساير تطورات الفن الرّوائي ؛إذ مع بروز مفهوم الرّواية الجديدة في النّقد الغربي بات لزاما على الكاتب البحث عن إعادة بناء كيان نصه من جديد وبطرق تستوعب أسئلة الكتابة الجديدة هذه التّي أصبحت تؤمن أن النّص الرّوائي لم يعد يندرج ضمن تلك الكتابة التّي تستنسخ الواقع وتسرد مشاهده،وتحتفي به وبصوره الموغلة في منطق الأحداث وعقلانية التّركيب،بل باتت كتابة تتوق إلى معانقة الجديد،وتجريب كل ما يمكن أن يصف الخطاب الرّوائي بسمة تنافي القديم،وهي إذ ذاك ما فتئت تجرب الحداثي وتنزع إلى الخوض في مغامرة البحث عن الجديد والمختلف عن سابقه،جديد ينثر عن الفن الرّوائي غبار الإفراط في قول الواقع،ويعيد للغة الرّوائية إحساسها بقيمتها وبوظيفتها داخل العمل الأدبي .

وبطبيعة الحال،فإن التّحولات الكبيرة التّي عرفها الجنس الرّوائي قد أوجبت على  الكاتب الجزائري تشكيل نظرة جديدة في تعامله مع لغة نصه؛لأنه أصبح يدرك أن لكل مرحلة زمنية سماتها الخاصة والمميزة ،والتّي لا يمكن لها إلا أن تمثل عصرها حيث يجد القارئ ثراءوتنوع  السّاحة الأدبية بتجارب روائية مميزة عبرت عن نظرة جديدة و مختلفة في الكتابة ،الأمر الذّي جعل الرّواية  الجزائرية تحقق تراكما نوعيا وكميا أفضى إلى انفراد كل روائي بنظرته وطريقته،وأسلوبه الخاص في الكتابة وفي تجسيد مقتضيات التّجديد الرّوائي .

يولي هذا الكتاب أهمية بتقديم رؤية شاملة لقضايا التّجديد في المشهد الرّوائي الجزائري محاولة إلى التّوصل لقراءة وصفية تحليلية واستنباط آليات تعامل الكاتب الجزائري مع المعطيات النّظرية للتجديد،ومدى قدرته على إسقاط هذه المفاهيم على نصه،ومن ثمة فإننا نسعى إلى طرح إشكاليات عدة منها:فيما تجلت تحولات البناء واللّغة في الرّواية الجزائرية ؟إلى أي مدى كانت اللّغة الرّوائية محط اهتمام الرّوائي الجزائري؟.

وحتى يتسنى لنا الإجابة على هذه الإشكاليات جاء الكتاب مقسم وفق خطة منهجية تعتمد على مدخل نظري حاول التّعريف بالرّواية بالخوض في الإشكالية التّي تعتريها في البداية ألا وهي إشكالية التّسمية ومرورا بالبحث في مفاهيمها وأسسها في النّقد الغربي باعتبارها هو المنبع الأول لوجودها ،ثم الوقوف على سبل تلقي الأدب العربي للرواية الجديدة.

الفصل الأول كان عبارة عن دراسة لخصوصية التّجديد في الرّواية الجزائرية من خلال التّطرق لجملة من الخصائص التّجديدية التّي عرفت بها السّاحة الرّوائية الجزائرية ،ثم عرجنا لتقديم تحليل لنماذج روائية من خلال الوقوف على مميزاتها المضمونية وكذا الشّكلية.

أما الفصل الثّاني فقد دراسة للبنية اللّغوية داخل الرّواية الجزائرية ،وهذا بداية من الحديث عن تحولات اللّغة داخل الرّواية الجزائرية ومرورا بالحديث عن واقعية اللّغة السّردية بشتى تجلياتها ،ثم عرجنا للحديث عن مستويات الاستعمال الجمالي والشّعري للغة .

في حين كان الفصل الثّالثّ حديثا عن خاصية جديدة ترتبط وتتعلق بالتّجديد ألا وهي التّجريب ،إذ قمنا بالحديث عن التّجريب بوصفه سمة من سمات التّجديد الرّوائي ،ثم تطرقنا للمميزات أو الآليات التّي وظفها  الرّوائي الجزائري من أجل الوصول بنصه إلى صفة التّجريب الرّوائي.

ولما كانت صفة (الجِّدة) لا تتعلق بالزّمن ،بل بجملة من المفاهيم الفلسفية غير ثابتة تكاد تكون غامضة ،وتعتمد على الخروج عن السّائد والمألوف لتحقيق مواصفات فنية وتشكلات جمالية تقرب النّص الرّوائي إلى مفهوم الكتابة الأدبية ،فإننا نحسب أن هذا الكتاب ما هو إلا محاولة تكاد تكون مغامرة غير محسوبة العواقب ؛لأنها إن لم تجب بشكل كافي عن تساؤلات كثيرة ،فهي لا بد أنها ستدفع إلى البحث والتّأمل أكثر من أجل قراءات متعددة ومستفيضة للمشهد الرّوائي الجزائري.

واللّه من وراء القصد.