تفصيل

  • الصفحات : 266 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2020،
  • الغلاف : مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 9789931728702.

تحتل سوريا مكانة بالغة بالنسبة للسياسة والإستراتيجية الأمريكية ولمصالحها في منطقة الشرق الأوسط، لأسباب عدة، منها الموقع الاستراتيجي، فهي تشرف على الممرات الشمالية الشرقية الموصلة الى مصر وعلى الطريق البري ما بين العراق والبحر المتوسط وعلى شمال الجزيرة العربية والحدود الشمالية للعالم العربي، فضلاً عن النفط الذي يعد من العوامل الإستراتيجية المهمة التي دفعت الولايات المتحدة الأمريكية الى الاهتمام بسوريا مع مطلع القرن العشرين، حتى وصفت بأنها مرآة المصالح المتنافسة على المستوى الدولي.

ازدادت أهمية سوريا الإستراتيجية بالنسبة للإدارات الأمريكية المتعاقبة لا سيما بعد حصول سوريا على استقلالها عام 1946، وبروز القطبية الثنائية في إطار الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، وسعي الولايات المتحدة الأمريكية الى إدخال المنطقة العربية في إطار المشاريع الدفاعية الغربية لاحتواء النفوذ السوفيتي المتصاعد، فضلاً عن ما تقدم فقد اتجهت السياسة الأمريكية نحو التشدد في تطبيق إستراتيجيتها لا سيما بعد قيام دولة إسرائيل، الذي كان السبب الأبرز في إحداث توتر واضح في العلاقات السورية – الأمريكية.

بعد فشل الولايات المتحدة الأمريكية في ربط منطقة الشرق الأوسط بمنظومة المشاريع والأحلاف الغربية خلال خمسينات القرن العشرين، سعت الى تدعيم نفوذها وتحقيق سياسة توازن قوى إقليمي عن طريق إقامة علاقات صداقة مع بعض الدول العربية مثل العراق ولبنان والأردن والسعودية من أجل ممارسة الضغوط على سوريا لحملها على القبول بالسياسة الأمريكية الموجهة الى احتواء النفوذ السوفيتي في المنطقة، لذا كان المشروع الذي أعلنته إدارة الرئيس الأمريكي إيزنهاور في مطلع عام 1957، الذي عُرف بمبدأ إيزنهاور، هو لتطبيق الإستراتيجية الأمريكية السالفة الذكر، واتجهت السياسة الأمريكية نحو ممارسة الضغوط داخل سوريا عن طريق تشجيع المؤامرات للإطاحة بنظام الحكم في سوريا.

يتناول الكتاب فترة تاريخية مهمة، إذ لجأت الولايات المتحدة الأمريكية الى إتباع سياسة مركزة في التعامل مع سوريا بدءاً من عام 1955، لا سيما بعدما لمست رفضاً سورياً واضحاً للسياسة الأمريكية في المنطقة العربية خلال فترة الرئيس الأمريكي دوايت إيزنهاور 1953-1961، مروراً بعهدي الرئيسين جون كنيدي وليندون جونسون، وتتوقف الدراسة عام 1967 وهو العام الذي بدأت فيه الحرب العربية – الإسرائيلية الثانية المعروفة بحرب حزيران أو حرب الأيام الستة.

تم تقسيم الكتاب الى أربعة فصول، فقد تناول الفصل الأول موضوع تطور المصالح الأمريكية في سوريا حتى عام 1954، وهو عرضاً تاريخياً عن تطور النشاط التبشيري والإرساليات الأمريكية في بلاد الشام خلال القرن التاسع عشر، مروراً بتطور المصالح التجارية والاقتصادية والدبلوماسية الأمريكية في سوريا حتى عودة الحياة الديمقراطية بعد فترة الانقلابات العسكرية التي شهدتها سوريا خلال المدة 1949-1954.

وجاء عنوان ( سوريا في مخططات السياسة الأمريكية 1955-1956) موضوعاً للفصل الثاني، إذ تناول الجهود الأمريكية مع حلفائها الى ربط منطقة الشرق الأوسط بسلسلة الأحلاف والمشاريع الغربية في إطار سياسة احتواء النفوذ السوفيتي وأبرز تلك الأحلاف هو حلف بغداد عام 1955. أما الفصل الثالث فقد تضمن: السياسة الأمريكية والتدخلات في الشؤون الداخلية لسوريا 1956-1958، إذ تضمن عرضاً موسعاً حول تطبيق الإدارة الأمريكية سياسة مشددة تجاه سوريا عن طريق تدبير المؤامرات من أجل الإطاحة بنظام الحكم في سوريا والمجيء بحكومة مالية للسياسة الأمريكية. وأخيراً تطرق الفصل الرابع الى موضوع السياسة الأمريكية تجاه التطورات السياسية في سوريا 1958-1967، وتناول فيه الموقف الأمريكي من قيام الوحدة السورية-المصرية عام 1958-1961، فضلاً عن السياسة الأمريكية تجاه الانقلابات العسكرية المتوالية بدءاً بانقلاب أيلول 1961 وانتهاءاً بانقلاب شباط 1966.

اعتمد الكتاب على مصادر منوعة يأتي في مقدمتها الوثائق السورية غير المنشورة، المحفوظة في (المديرية العامة للوثائق التاريخية) بدمشق، التي تعد المادة الأساسية التي اعتمدت عليها الكتاب، كان من أبرزها (وثائق الدولة – وثائق وزارة الخارجية السورية) التي احتوت على معلومات على قدر كبير من الأهمية لمتابعتها الأحداث السياسية في سوريا وبعض القضايا العربية والدولية، فضلاً عن الوثائق العراقية المحفوظة في دار الكتب والوثائق في بغداد، وهي وثائق البلاط الملكي التي احتوت على معلومات في غاية الاهمية عن التطورات السياسية في سوريا.

أفاد الكتاب أيضاً من مجموعة الوثائق الأمريكية المنشورة تحت عنوان: (Foreign Relations of the (United States   أي العلاقات الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية على شكل مجموعات وثائقية تبدأ من عام 1946 وحتى عام 1967، التي غطت فترة الدراسة، وهي عبارة عن المراسلات الدبلوماسية بين مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية والسفراء في دول العالم المختلفة تضمنت موقف الولايات المتحدة تجاه التطورات والأحداث التي شهدتها سوريا خلال تلك المدة، كما بينت تلك الوثائق السياسة التي اتبعتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة تجاه سوريا منذ عهد إدارة ترومان وحتى إدارة جونسون، فضلاً عن وثائق السياسة الخارجية الأمريكية بدءاً من عام 1957 والتي تُعرف بـ :

American Foreign Policy Current Documents 1957.

وإضافة لما تقدم اعتمد الكتاب على مصادر أخرى مثل الكتب والرسائل الجامعية والبحوث المنشورة في المجلات العلمية يمكن الاطلاع في قائمة المصادر.