تفصيل

  • الصفحات : 124 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-474-7.

مقدمة

شهد مفهوم الأمن الوطني ومفهوم التدخل بعد نهاية الحرب الباردة تغيرات جوهرية جاءت نتيجة تحول المشهد في البيئة الداخلية والدولية، حيث ظهرت فواعل جديدة غير الدولة الوطنية أصبحت تمثل وحدة تحليل أساسية في العلاقات الدولية كالمنظمات الدولية الغير حكومية، والشركات المتعددة الجنسيات، والأفراد مما أدى إلى إفراز مفاهيم جديدة كالأمن الإنساني، والتدخل الإنساني، وهذا ما أدى بدوره إلى التأثير على أهم الدعائم الأساسية التي قامت عليها العلاقات الدولية منذ معاهدة ويستفاليا عام 1648 وهي السيادة ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحرية الدولة في إختيارها المطلق لنظامها السياسي والإقتصادي والإجتماعي.  وجاءت هجمات 11 سبتمبر 2001 لتكون نقطة تحول كبرى في العلاقات الدولية، حيث أعطت تبريرا لتشريع قوانين وإنتهاج سلوكات جديدة مبنية على مبدأ الحرب الوقائية والإستباقية،

وتكمن أهمية هذا الكتاب في أنه يتناول مفهوم أساسي في العلاقات الدولية وهو التدخل، الذي عرف تطورات على الساحة الدولية، فبعدما كان هذا السلوك مُسْتَهْجَن في العلاقات الدولية أصبح بعد نهاية الحرب الباردة يحظى بالقبول التدريجي من قبل المجتمع الدولي، وذلك بسبب بروز ظواهر جديدة، من أهمها : تزايد الصراعات الداخلية التي تعرف إنتهاكا جسيما لحقوق الإنسان.

وتبرز أهمية هذا الكتاب في محاولة الكشف عن موقع الدولة الوطنية ذات السيادة في ظل تنامي ظاهرة التدخل الخارجي.

أما الأهمية القصوى لهذا الكتاب فهي تتجلى في محاولة الربط بين متغير الأمن ومتغير التدخل، حيث نجد بأن المفهوم المُوسَّع للأمن والسلم الدوليين، والذي أقره بصفة رسيمة مجلس الأمن أدى إلى توسيع نطاق التدخلات على المستوى الدولي، فبروز مفهوم الأمن الإنساني أدى إلى وجود سلوك جديد على الساحة الدولية وهو التدخل الإنساني الذي جعل موضوع السيادة على المحك.

كما يهدف الكتاب إلى تسليط الضوء على ظاهرة أصبحت تميز السلوك في السياسة الخارجية للقوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وهو التدخل الخارجي بأشكاله المختلفة، والذي يعتبره البعض بأنه عبارة عن صورة جديدة للإستعمار تحت مسميات مختلفة : حماية حقوق الإنسان، نشر الديمقراطية، الإصلاح السياسي، ضمان حقوق الأقليات، محاربة الإرهاب والتطرف.

شهد النظام الدولي منذ بداية عقد التسعينات من القرن العشرين تغيرات جذرية أثرت على طبيعة العلاقات والتفاعلات بين أعضاء الجماعة الدولية، بالإضافة إلى القواعد والأعراف المميزة لهذه التفاعلات والمنظمة لها.

وقد كان لهذه التأثيرات الجديدة انعكاس واضح على دور الدولة على الساحة الوطنية والدولية، فعلى الصعيد الداخلي لم تعد الدولة تملك حرية الفصل والتصرف فيما يجري من أحداث وقضايا على ترابها لا سيما فيما يتعلق بمسائل حقوق الإنسان والأقليات والحريات الأساسية وقضايا التنمية والبيئة، حيث أصبح الفرد يحتل مكانة مرموقة على الساحة الدولية في ظل تزايد إهتمام المجتمع الدولي بالمسائل التي تمس الحياة اليومية للأفراد في كل مكان من العالم بغض النظر عن الحدود السياسية. أما على الصعيد الخارجي فأصبح هناك تراجع ملحوظ عن المفهوم الجامد للسيادة وما يرتبط به من مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول مع بداية عهد التقبل التدريجي لمفهوم التدخل في مسائل كانت حتى وقت قريب تندرج ضمن نطاق الإختصاص الداخلي أو المجال المحجوز للدولة، وهذا ما طرح العديد من الإشكاليات حول مدى مشروعية التدخل وموقع السيادة الوطنية من ذلك.