تفصيل

  • الصفحات : 190 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-561-4.

مقدمة:

وجد البعض من علماء النفس أن العديد من الاضطرابات والأضرار متجذرة عند الأفراد في عدم كفاءتهم في تحليل أنفسهم وظروفهم وذلك مع تغير المجتمع ومضاعفاته، وتطور التفاعل الفردي والاجتماعي الذي لا يمكن تغييره وإيقافه، ولكن قام علماء النفس في جميع أنحاء العالم، وبدعم من المؤتمر الوطني والدولي للطب النفسي والانحرافات الاجتماعية (NICPM)، بدأت في التعرف على الناس وتعليمهم المهارات الحياتية، وإعدادهم، وخاصة جيل الشباب، لمواجهة التحديات في الحياة فيما يتعلق بأنفسهم والآخرين والمجتمع. & al,2011 )   Teymor)، بحيث اهتم علم النفس مند القدم بالجوانب السلبية والمرضية والمشكلات السلوكية والنفسية عند الأفراد ومساعدتهم في التخلص منها إلى أن ظهر ما يعرف بعلم النفس الايجابي الذي يدرس الجوانب الايجابية والتعرف على نقاط القوة عند الأفراد حتى ينميها ويعالج  نقاط الضعف والاضطرابات المختلفة المصاحبة لها. في هذا الخصوص تؤيد سلاف مشري (2014)  هذه الفكرة حيث ذكرت نقلا عن عراقي وآخرون بان “علماء النفس أغفلوا ولفترة طويلة الجوانب الايجابية في الشخصية، وكان كل الاهتمام بالجوانب السلبية، إلى أن ظهر مؤخرا في مجال  علم النفس الإيجابي الاهتمام بدراسة جودة الحياة وما يرتبط بها من أبعاد ومتغيرات وبرامج تدريبية”، في هذا الصدد يشير سجلمان واخرون Seligman&Csikszentnihaly بأن  “هناك الكثير من علماء النفس اهتموا بدراسة الخبرات الذاتية الإيجابية والسمات الشخصية؛ لأنها تؤدي إلى جودة الحياة، وتجعل للحياة قيمة، وتحول دون الأعراض المرضية التي تنشأ عندما لا يكون للحياة معنى”(نعيسة،2010). ويذكر كل من محمدي وبوعيشة (2013) أن “مفهوم جودة الحياة مجال من مجالات علم النفس، ولعلم النفس دوره المهم في دراسة السلوك الإنساني وتنميته وتحسينه، والسلوك الإنساني هو الذي يسهم في تحقيق أو عدم تحقيق جودة البيئة المحيطة بالإنسان والخدمات التي تقدم له؛ أي أن  Quality of life جودة السلوك الإنساني تسهم بدرجة كبيرة في تحقيق جودة الحياة” . وفي هذا الصدد يشير أبو حلاوة (2010) أن “مصطلح جودة الحياة يعد من المصطلحات الحديثة في مجال علم النفس، والذي يمثل بؤرة اهتمام ما يعرف بعلم النفس الإيجابي والذي لم يدخل المسار الأكاديمي لمجال علم النفس إلا في سنة 1998. وهو الدراسة العلمية للانفعالات وسمات الشخصية الايجابية للأفراد والمؤسسات التي تسهم في الوصول إلى الرفاهية والسعادة والتنعم بالحياة”. يعني  أرقى درجة التي يصل إليها الفرد هي الرضا عن الحياة ومنها بلوغ السعادة ليصل إلى جودة الحياة والتي تعرفها منظمة الصحة العالمية ((WHO, 1994  “على أنها إدراك الفرد لوضعه في الحياة في سياق الثقافة وأنساق القيم التي يعيش فيها ومدى تطابق أو عدم تطابق ذلك مع: أهدافه، توقعاته، قيمه، واهتماماته المتعلقة بصحته البدنية، حالته النفسية، مستوى استقلاليته، علاقاته الاجتماعية، اعتقاداته الشخصية، وعلاقته بالبيئة بصفة عامة، وبالتالي فإن جودة الحياة بهذا المعنى تشير إلى تقييمات الفرد الذاتية لظروف حياته”.(كاظم ومنسي، 2006؛ أبو حلاوة،  2010).

فهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بالفرد من حيث كيانه الشخصي وذاته الداخلية التي تنسخ في سلوكه الظاهر الذي نقوم بالحكم عليه. هنا يمكن أن نربط بين شخصية الإنسان ونظرته لأمور الحياة التي يعيشها وردود أفعاله للمواقف الحياتية سواء بالإيجاب أو السلب وهذا انطلاقا من معتقداته وأفكاره وتركيبه الثقافي العقائدي، فإننا كثيرا ما نلاحظ مواقف متباينة حول قضية واحدة واضحة المعالم بين الأشخاص، هذا التباين بين الأشخاص مرده إلى نظرتهم لهذا الشيء من جهة ومن جهة أخرى لتكوينه الشخصي والثقافي والعقائدي. ولهذا لا بد أن تكون مواقفنا تتسم بالمرونة في الطرح وسيء من التوازن في تحليل القضايا حتى وإن اختلفنا مع الغير فإن هذا الاختلاف يكون من باب احترام أراء الآخرين وأفكارهم ووجهات نظرهم. هذا ينطبق على كل شخص يعيش في المجتمع وأكثرهم الأشخاص المتعلمين الذين يخضعون لتكوين يعتمد على مناهج وبرامج لها أهداف وغايات، لا بد أن تتجسد هذه الغايات من خلال خطة محكمة مبنية بناء منهجي يراعي هذه العناصر التي ذكرناها. هذه البرامج التكوينية تنطبق على التكوين الجامعي والذي يكون فيه الطالب في مرحلة نهائية لولوج عالم الشغل. فلابد أن نربي فيه روح المبادرة ولإقدام والروح الايجابية، بمعنى أن يتمتع الطالب بجودة حياة تلبي احتياجاتهم النفسية والروحية والعقلية والبيئية والاجتماعية من خلال إكسابهم المعارف، وغرس الاتجاهات الإيجابية، وتنمية المهارات الحياتية، والاستمتاع بها داخل الجامعة وخارجها في حاضرها ومستقبلها، وذلك بتوظيف إمكانات المؤسسة الجامعية والأسرة والمجتمع. وفي هذا السياق يذكر أنه “تتأثر جودة حياة المتعلمين بعدة مجالات، من خلال جودة البيئة المدرسية وجودة التعليم، وجودة الحياة الأسرية، وجودة الرعاية الصحية، وجودة حياة المجتمع، كما أن الذكاءات تستخدم في حل مشكلات الحياة اليومية، وفي المجال الأكاديمي، وأن هذه الذكاءات المتعددة ذات صلة بجودة الحياة، فيمكن أن تساعد الفرد على التعامل مع المواقف الحياتية، وفهمها من وجهات نظر متعددة”. (سمية طه وعبد الوهاب، 2012). وجودة الحياة كما ذكرنا تتغير بتغير الأفراد والمواقف التي يعيشونها، فهي التمتع بالحياة وهذا بشعور الفرد بالرضا والسعادة والرفاهة، وعيش حياة خالية من الاضطرابات السلوكية والنفسية والصحية تعود عليه بالأمن والاستقرار والارتياح حتى يخدم نفسه والمجتمع الذي يعيش فيه.

لقد تم تناول مصطلح جودة الحياة من جوانب مختلفة ومتعددة منها الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والأكاديمية والدينية وغيرها من المجالات، أما من جانب البحث العلمي فيعد من المفاهيم الحديثة نسبياً،  حيث أجريت دراسات عديدة تهتم بجودة الحياة واختلفت من حيث أهميتها وهدفها والأعمار والظروف المتعلقة بالإفراد، منها الصحة الجسمية والعقلية والنفسية وغيرها ومستويات الدراسية فركز بعضها على معرفة مستوى جودة الحياة عند الطلبة الجامعيين كدراسة (كاظم والبهادلي، منسي وكاظم،2006؛ رغداء نعيسة،2012؛ الحمزة حـردان،2011؛ والفرا وزهير،2012؛ وبحرة كريمة،2013؛ بسماء والجاجان،2014؛ رفعان العجمي،2015) والتي اتفقت على وجود اختلاف في مستويات جودة الحياة عند عينة الدراسة وتباين بين أبعادها. وهناك من ربطتها بمتغيرات أخرى، منها دراسة الهادي أحمد وآخرون (2012) التي اشاروا فيها بأنه بالنسبة لجودة حياة الطلبة في مجال التعليم لابد من الإشارة لمجموعة من المعايير والمؤشرات التي تصب فيها فعاليات الأنشطة والإجراءات التي تهدف إلى تطوير وتنمية الجانب التعليمي ومن هنا لابد من معرفة عدد من العوامل المؤثرة في العملية التعليمة بالنسبة للطلبة الجامعيين المتمثلة في (القدرات الذهنية والعقلية، الإمكانيات الجسمية، الإمكانيات المهارية، التوجهات والطموح، كذلك الدوافع والشخصية…الخ).

يرتبط قياس جودة الحياة على المعرفة الدقيقة لمتغيرات التي تكونها، هذا يتوقف على مجال الشخص واهتماماته وكذا على متطلبات المهنة التي يمارسها أو المجال الذي يشغله، نؤكد هذا بقول أن “القياس الجيد لجودة الحياة يتوقف على الوصف الدقيق للحياة الجيدة، ومن ثم فإن نظرة الطلبة لجودة الحياة تؤثر في أدائهم الدراسي، وفي دافعيتهم  للإنجاز وتحقيق الأهداف الذاتية والموضوعية لهم، وتعد هذه المرحلة من أهم المراحل التعليمية التي تؤثر في مدركات الطلبة لجودة الحياة، حيث يستعدون للالتحاق بالمهن المختلفة، والزواج والاستقرار الأسري”.(أدم بسام، 2014). وبهذا يمكننا نقول أن الخوض في أي ميدان أو مجال هو خسارة مؤكدة إن لم نقوم بمعرفة هذا الميدان ودراسته دراسة معمقة لوضع الترتيبات المناسبة للخوض فيه وهذا ينطبق على ميدان البحث في جودة الحياة في مرحلة الجامعية أو التكوين الجامعي، الذي يتميز بخصوصية تختلف عن ما سبقها لان الطالب في هذه المرحلة يصل لمرحلة البلوغ كما أننا نقوم بإعداده لعالم الشغل، فلابد علينا أن نعرف متغيرات التكوين ومتغيرات المحيط ومتغيرات عالم الشغل (المهنة) حتى نحضره من جميع الجوانب. فعندما يستطيع الفرد من حل موقف حياتي يشعر لا محالة بالسعادة والراحة النفسية وبالتالي فان التغلب على مشكل حياتي أعطته الشعور بالراحة وقوة الشخصية وبالتالي السعادة الايجابية.

من خلال كل ما تقدم يمكننا القول بأن معايير التقدم لكل أمة أو شعب تقاس بحضارتها وما تقدمه للإنسان والإنسانية، والجامعة الجزائرية تحاول الآن اللحاق بالركب العالمي، وتعويض ما فاتها، إيمانا بقدرتها ودورها في بناء مجد لوطننا ولأمتنا، وذلك بإعداد شباب قادرين على حمايته وحماية أنفسهم أي تنمية بعض المهارات الحياتية لديهم ليصلوا إلى الرقى في الحياة وجودتها.

من هذا المنطلق جاءت فكرة هذا الكتاب الذي نحاول من خلاله التعريف بجودة الحياة بصفة عامة وجودة حياة الطالب الجامعي بصفة خاصة وعلى هذا الأساس قمنا بوضع خطة عمل اشتملت على تقسيمه إلى سبعة فصول(ستة فصول نظرية وفصل تطبيقي).

تناولنا في الفصول النظرية ما يلي:

الفصل الأول: مدخل جودة الحياة، الصعوبات التي تواجه، تعريف جودة الحياة، تعريفها اللغوي والاصطلاحي.

الفصل الثاني: الاتجاهات النظرية والمفسرة لجودة الحياة.

فصل الثالث:  مقومات ومعوقات جودة الحياة، الخطوات التي تساعد في جودة الحياة.

الفصل الرابع: العوامل المؤثرة على إكساب جودة الحياة ومبادئ وقياس جودة الحياة.

الفصل الخامس: تصنيف جودة الحياة. ومؤشراتها حسب تصنيف الباحثين وبعض المنظمات.

الفصل السادس: خصص لعلم النفس وعلم النفس الايجابي يشمل تعريف علم النفس لغة واصطلاحا، سبب تعدد ميادينه، ميادين علم النفس (مجالات)، علم النفس الايجابي نشأته، تعريفه، أهدافه، مجالاته، اهتمامات البحوث في مجال علم النفس الايجابي، خصائصه، قياس متغيراته، الهدف من عملية التكوين في علم النفس.

أما الفصل السابع والأخير خصص لمقياس جودة حياة الطالب الجامعي وخطوات تصميمه وبنائه. وعرض مقياس جودة حياة الطالب الجامعي.