تفصيل

  • الصفحات : 155 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2022،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-265-1.

تواترت الكثير من الآراء النقدية والدراسات الأكاديمية إزاء تقديمهم تقنيات وآليات توظيف الأسطورة في المقول الشعري العربي المعاصر، وإن كان جلها يصب في وعاء واحد يحوي مستويين من التعبير والإيحاء، فجليّ أن غاية الشاعر والمبدع إنما تؤوب بشكل أساسي إلى تقديم واقع مزيف تشوبه معالم السأم والقتامة نتيجة ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية فرضت عليه الهروب إلى عالم الخيال والأسطورة، مما فرض على القارئ أن يفك شفرات النص أو بالأحرى الحصن المنيع الذي يزداد قوة وصلابة كلما حاول أن يسبر أغواره ويفهم معانيه.

من هنا لنا أن نتساءل عن مفهوم الأسطورة وأهم تطوراتها لدى الفكر الغربي والعربي وأهم أنواعها التي تكررت وحملت عبء التجربة المعاصرة، وللتوسع أكثر أثرنا مسألة الحداثة وعلاقتها بالتراث عموما دون الغوص في تداعياتها أو حتى دواعيها، لنترك المجال لدراسات أكاديمية متأنية أخرى، ففي موضع حديثنا عن الإطار الثقافي العام الحضاري نلفي توجها حضاريا لا يتنكر للتراث بجميع أنواعه ولا ينغلق على الثقافات الغربية الواردة، وهو ما يعتمد على وعي المثقف بدوره التاريخي والحضاري في الفكر العربي المعاصر عموما.

علاقة الأسطورة والشعر علاقة قديمة جدا، ما جعلنا نخوض في التجربتين معا، بحثا عن مواضع التعالق التي ترجع بالقارئ إلى براءة الكون الأولى التي تتفق فيها اللحظات الشعورية المكثفة التي حاول الشاعر العربي امتلاكها وربطها بلحظات المغامرة الأسطورية، وهو ما يتطلب قارئا مثقفا واعيا بضروب التعبير الشعري مما يسهل عليه الغوص في عالم من الرموز الأسطورية المعقدة التي تخلق فضاء مغلقا يستحضر نصوص غائبة يعكس من خلالها أبعادا نفسية وسياسية تتعلق في أساسها بالكيان والقومية والهوية العربية فجرتها القضية الفلسطينية وما انجر عنها على الصعيدين المحلي والعالمي.

كان اعتمادنا في التطبيق منصبا على عدد من المقاطع الشعرية التي خدمت موضوع البحث بشكل كبير، خاصة فيما يتعلق بمجموعة من الأساطير –ألف ليلة وليلة، زرقاء اليمامة، تموز، أنات، السندباد، بعل، عشتار، بروميثيوس، سدوم، أنتيجونا، بنلوب، سيزيف، الفينيق، تموز…- العربية والغربية، وهو ما تغيته دراستنا استحضارا لها، محاورا  الشاعر إياها ومستدعيا لها بضمير الغائب أو متكلما بلسانها أو متخذا من جو الحكاية التراثية العام إطارا عاما لتجربته المعاصرة وذلك لما تحمله في ثناياها من مكتنزات جمة تتصل اتصالا وثيقا بالفكر الجمعي والذاكرة الجماعية.

وهكذا سعت هذه الدراسة إلى الإحاطة بجوانب تاريخية وفكرية وجمالية في آن معا، عكست اللاشعور الجمعي للإنسان في الحضارات الغابرة التي استمد منها الشاعر القيم والرؤى الروحية والفلسفية، وأدرك دوره التوعوي عل المستوى الحضاري والفني والجمالي، فإن أصبنا فمن الله وإن أخطأنا فمن أنفسنا، والله ولي التوفيق.

مهدان ليلى

خميس مليانة في 28/02/2021.