تفصيل

  • الصفحات : 176 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2018،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-484-95-0.

الحضارة العربية الإسلامية المتنوعة والمليئة بمختلف التيارات الفكرية، والخصبة بظواهرها التي امتدت في عالم واسع جدًا كانت إحدى الحضارات الإنسانية التي سادت خلال قرون عديدة من الزمن. وبرغم ما قيل في أصالتها، واتهامها بافتقاد الحيوية، أو ما نُسب إليها من التقدم الباهر، فإنها بدون شك أم من أمهات الحضارات، ومرحلة من مراحل التطور الإنساني. هذه الحضارة التي تعددت أصول نشأتها وتكاثرت تفرعاتها، اعتبرت الكتاب هاديًا لها وكنزًا، فاعتمدت عليه، واهتمت بنشره بشكل فاق بهذا المجال كل الحضارات السابقة، فلا تقاربها حضارة أخرى في عدد الكتب التي انتشرت في العالم زمن حكمها.

إن لكل نظام أو مشروع ينبغي تحقيقه وسائل وأدوات تلائمه وتحقق غاياته وأهدافه وتستوعب مستجداته، فإنشاء بناء كبير مثلاً يتطلَّب المهندسين والآليات والمواد الأولية والعمَّال لإتمام هذا البناء، وكذا التربية تمثل نظامًا أو مشروعًا يهدف إلى إعداد الجيل وتعهده وتوجيه نموه نحو الأفضل؛ وصولاً لتحقيق هدف الأمة الأسمى الذي ارتضاه الله لها لتكون خير أمةٍ أُخرجت للناس.

إذن فالتربية لها وسائل بشرية ومادية ذات طابع خاص وأثر بالغ في تحقيق أهداف التربية كالمسجد والمدرسة والمكتبة…إلخ، وهي تعتبر وسائط يظهر فيها ومنها مدى قدرة القائمين والمسئولين عن التربية على تحقيق الأهداف من خلال الإدارة والتنظيم والإشراف على عمليات التربية والتعليم التي تتم من خلال هذه الوسائط.

وقد ظهرت المكتبات في الإسلام وتطورت نتيجة لانتشار العلم والمعرفة وازدهار حركة التأليف والنقل والترجمة، وقد مرت هذه المكتبات كالمجتمع الإسلامي بعدة مراحل في أدوار نموها المختلفة، بدأت بذرتها المتواضعة وما لبثت أن ازدهرت ونضجت وأينعت، وقد واكبت الدولة الإسلامية والمجتمع الإسلامي في ازدهاره وتقهقره. وقد لعبت المكتبات الإسلامية دورًا هامًا ورائدًا في تطوير المجتمع ودفعه في الطريق والنجاح، وصارت المكتبة الإسلامية مرآة تعكس عليها حياة المسلمين وتظهر فيها الحياة الواضحة المشرقة في جميع جوانبها.

وقد لعب حب المسلمين للكتب والعلم دورًا أساسيًا في قيام تلك المكتبات، فشغف المسلمين بالكتب لم يكن وقفًا على فئة محددة من المواطنين، بل كان يشمل كل الطبقات من الخلفاء والملوك والعلماء وعامة الناس، حتى إن متوسط ما كانت تحتويه مكتبة خاصة لعربي مسلم في القرن العاشر الميلادي الرابع الهجري أكثر مما تحتويه كل مكتبات الغرب مجتمعة.

وموضوع هذا الكتاب، المكتبات الشخصية (الخاصة) في مِصْرَوالشام والأنْدَلُس، مع ذكر نماذج لتلك المكتبات على مستوى الأفراد البارزين أو عامة الناس، حيث أنها تعطي صورة صادقة لمدى اهتمام الخاصة والعامة في مِصْرَ والشام والأنْدَلُس بالفكر والعلم، مما يجعلها من أهم مقاييس تقدم ورقي الحضارة الإسلامية في تلك البلدان. وقد اعتمدنا في هذه الدراسة على منهج البحث التاريخي الذي يقوم أساسًا على جمع المعلومات والبيانات ذات الصلة بموضوع المكتبات الشخصية من مصادرها الأصلية التي أرخت للحضارة الإسلامية في مِصْرَوالشام والأنْدَلُس. وقد توصلت الدراسة إلى أن الاهتمام باقتناء الكتاب، حامل وناقل المعرفة، تأصل في نفوس أهلمِصْرَوالشام والأنْدَلُس، وهو ثمرة طبيعية وأصيلة حيث يكون الإسلام، فكون المِصْرَيون والشاميون والأنْدَلُسيون المكتبات الخاصة لفائدتهم ومصلحتهم الشخصية ولاستخدامهم الخاص، فانتشر هذا النوع من المكتبات في منازل مِصْرَومدن الشام وربوع الأنْدَلُس.