تفصيل

  • الصفحات : 706 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2021،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-079-4.

يعدّ المعمار منظومة معرفية متكاملة تجمع اللغة والفكر والعقائد بحيث تكون فيها البناءات والانشاءات مادة ملموسة قابلة للتعامل معها كظواهر تمثل مؤشرات تحمل في طياتها أفكارا وقيما ومعايير ثقافية تعبّر عن تطلّعات صانعيها وتمكّنهم من الحفاظ على ذاكرتهم. تتحرّك هذه المنظومة وفق نُظم شرّعها المجتمع وقوانين ثابتة منظمة حسب منهج موحّد ومحكم في آن. ولا تكون قيمة دلالته فاعلة إلاّ في مجال المنظومة التي تنتمي إليها طبقا لمعجم رموز موحّد تضمن درجة الادراك المطلوب لهذه الدلالات المرئية والثابتة.

لعلّه من الصعب الفصل بين العمل المعماري ووظيفته العملية والرمزية. فالإنسان يتعامل مع العمارة على أنها وسيلة اتصال فالمسكن مثلا لا يمكن أن يكون مجرد مأوى للحماية من العوامل البيئية التي لا يقوى على مقاومتها بل هو ” المسكن ” أيضاً يحتوي على جملة من التعبيرات الرمزية المعقدة التي تسدّ عددا من الاحتياجات النفسية للإنسان.

لقد طُوّعَت العمارة لما يمكن أن تحمله هذه الرموز في توفير العديد من حاجياته وتأكيد هويته. فاختلاف المدن خاصة منها التقليدية نتج من اختلاف الرموز التي تحتضنها هذه التجمعات ليكون المبنى بغلافه الخارجي وفراغاته الداخلية وسيلة مهمة لإشباع حاجة الإنسان في التواصل مع الغير ونقل المعلومات. فباستثمار مدوّنة من الرموز والعلامات الشعبية ماثلة في فضاءاتنا المعمارية التقليدية نكون قد أدركنا ماهية الدلالات المرئية والثابتة. كما تسمح هذه الشواهد بقراءات متماسكة ومتعدّدة بين المادي واللاّمادّي.

أفضية سكنية قادرة على اختزال الرّموز الثقافية للمجموعات البشرية وتقاليدها ومهاراتها المعرفية في لغة مشفرة تعتمد المجاز والتجريد. ويحمل الجانب المادي من هذه المنشآت أفكارا ورموزا متعارف عليها تتناقلها المجتمعات تباعا فتكوّن مخزونها الثقافي.

إن العمل على محمل العمارة من شأنه أن يفتح باب القول للعناصر الانشائية والبنائية والتشكيلية لاستيعاب التحليل والتأويل والأكثر من قراءة، فنكون إزاء المعنى قبل المبنى والمدلول قبل الدال، بحيث يؤلّف الصرح المعماري -بغضّ النظر عن طبيعته-صورة لعلاقة التّمفصل بين الحاويات ومحتوياتها الرمزية. فلا معنى هنا للمقابلة بين العمارة بوصفها تجسدا ماديا قائما على تحوّل هندسي وظيفي للمكان وذات العمارة باعتبارها معيشا ومتخيلا مشحونا بالتمثلات والرموز لأن عملية التحويل ثم الاستغلال تتم وفق نماذج ثقافية مستمدة. ولعلّ الكيفية التي نعيد بها انتاج وعينا بالمكان تتمّ عبر التحولات التي تحصل في مكونات الحيّز المكاني ووفق ما يحدث من تغيرات تكون بموجبها الاشارات والرموز والابتكارات تحت سقف التجربة والادراك والتخيل.

فهل يمكن للرمز أن يكون ذا معان محددة وثابتة في نفس البيئة؟

رحلة الدليل أو الرمز من مكانه إلى مرتحل أجدّ، هل باستطاعته المحافظة على مكتسباته وخصوصياته شكلا ومضمونا؟

وهل يمكن إيجاد تصنيف مخصوص للمفردات المعمارية الرمزية؟

وقد تناول الكتاب المحاور التالية:

المحور الأول: العمارة والحيز الإنساني؛ علاقة تفاعلية.

المحور الثاني: الاعتبارات الإنسانية كمؤشر تصميمي.

المحور الثالث: إشكالية العمارة والتنظير البنيوي.

المحور الرابع: جدليّة المبنى والمعنى في التصوّر المعماري.

وفي الأخير نتقدّم بعبارات الشكر والامتنان لكل من ساهم في هذا الكتاب من اللجنة العلمية والأساتذة المشاركين ببحوث ودراسات ضمن هذا الكتاب.

د. زينب قندوز غربال.