تفصيل

  • الصفحات : 287 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2021،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-127-2.

تجسد التنمية المستدامة أرقى ما توصل إليه الفكر الاقتصادي الحديث، حيث تمثل فلسفة قامت على أنقاض نماذج التنمية التقليدية، وتنصرف التنمية المستدامة تبعا لما جاء في تقرير برونتدلاند تحت عنوان “مستقبلنا المشترك”إلى أنها التنمية التي تلبي احتياجات الأجيال الحالية دون تضييق دائرة الخيار على الأجيال المستقبلية، واُعتبر هذا التعريف للتنمية المستدامة بمثابة أول تعريف يقدم للمجتمع الدولي، بعد أن كانت مجرد طرح يُعالج ضمن طاولات حوار حول مستقبل البيئة العالمية، بعد الهدر والاستنزاف الذي خلفته نماذج التنمية التقليدية، وذلك منذ الكتابات الصادرة في الستينات مثل  كتاب “سايلنت سبرينغ”. وعلى الرغم من أن التنمية المستدامة مشروع عالمي، يعتمد على تضافر كل جهودالدول، تحت شعار أرض واحدة ومستقبل واحد، إلا أن الإسقاط الواقعي ونقل فلسفة التنمية المستدامة من التنظير إلى الجانب العملي يتميز بالمرونة الشديدة ذلك أنها نمط تنموي ينطلق من الإمكانات المتاحة لتحقيق رغبات الأفراد. وفي إطار هذه الفلسفة لنموذج التنمية المستدامة فإن قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يشكل أحد المحاور الإستراتيجية ضمن أجندة إرسائه.

وتعد المشروعات الاقتصادية المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر ذات أهمية كبيرة في أي اقتصاد؛ باعتبارها تكمل المشاريع الكبرى، هذا فضلا عن دورها التنموي من خلال خلق فرص عمل والمساهمة في خلق الدخل عبر سلسلة القيمة،من خلال التكامل القطاعي،وعبر بعث مشاريع صناعية وكذا تحسين المنتوج الزراعي، والمساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي وبالتالي المساهمة في الحد من الاستيراد إلى جانب ما تنطوي عليه هذه المشروعات من ابتكار وإبداع فني وتقني. كما أثبتت هذه المشروعات صمودها في وجه الأزمات والتقلبات الاقتصادية أكثر من المشروعات الكبيرة، نظرا لما تتمتع به من مرونة.

وقد أبانت أزمة فيروس كوفيد 19 الأخيرة قصور الاقتصاديات العالمية أمام خطرالأزمات الناجمةعن أسباب غير اقتصادية، حيث ألقت الجائحة  بضلالها على مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية عبر مختلف دول العالم، حيث كانت الشركات الكبرى الأكثرتضررا من الجائحة.

وبالحديث عن مصادر التمويل الذي يعد أهم عامل لانطلاق المشاريع وتوسيعها أوإعادة هيكلتها، تحتاج المشاريع الصغيرة للتمويل كباقي المشاريع الاقتصاديةالأخرى، غير أن المشروعات الصغيرة لا تتطلب الكثير من الأموال لمزاولة نشاطها فهي تعتمد على موارد تمويل بسيطة ومحدودة. بالتالي فالتمويل الأصغر يعد أحد الحلول لتمويل هذه المشاريع التي وبالرغم من صغرها من حيث النشاط والموارد، إلا أنها تبقى مهمة في الحد من ظاهرتي الفقر والبطالة  لاسيما في الظروف الراهنة.ومن هذا المنطلق تتضح حتمية الاهتمام أكثر بهذا النوع من المشروعات عن طريق اعتماد التمويل الأصغر وهذا للمساهمة في تحقيق التنمية بمفهومها الشامل أي التنمية المستدامة.

  1. إشكالية الدراسة

من خلال ما سبق تتبلور معالم الإشكالية الرئيسية للبحث والتي يمكن صياغتها على النحو التالي:

كيف يمكن أنتساهم آلية التمويل الأصغر في تحقيق التنمية المستدامة ؟

  1. التساؤلات الفرعية

انطلاقا من الإشكالية الرئيسية يمكن طرح التساؤلات الفرعية التالية:

– ما مضمون التنمية المستدامة في الأدبيات الاقتصادية؟وما المقصود بالتمويل الأصغر وما هي أهم أهدافه؟

– ما هي أهم أهداف وأبعاد التنمية المستدامة ؟

– ما هي أهم مؤشرات التنمية المستدامة وكيف يتم قياسها؟

– كيف يتم تمويل متطلبات التنمية المستدامة في الدول النامية؟

– ما هي أهمية التمويل عموما والتمويل الأصغر خصوصا بالنسبة للمشاريع الصغرى؟ وما العلاقة الفنية والعملية بين التمويل الأصغر والتنمية المستدامة ؟ وما دلالة ذلك في الاقتصاد الجزائري؟

– هل بإمكان التمويل الأصغر أن يكون مدخلا استراتيجيا لتحقيق التنمية المستدامة؟

– ما هي أهم البلدان الرائدة في تجربة التمويل الأصغر؟

– ما مدى نجاح التمويل الأصغر في الجزائر كأحد المداخل والمحاور الأساسية ضمن أجندة تحقيق التنمية المستدامة؟

– ما هي البدائل الممكنة للتطوير آلية التمويل الأصغر في الجزائر؟

  1. فرضية الدراسة

يمكن للتمويل الأصغر أن يكون مدخلا استراتيجيا لتحقيق التنمية المستدامة في الجزائر.

  1. أهداف الدراسة

تتمثل أهداف البحثفي تسليط الضوء على التمويل الأصغر من خلال توضيح أهميته كآلية فعالةلإطلاق عدة مشاريع في مختلف المجالات تساهم في تحقيق التنمية الاقتصاديةوالاجتماعية والبيئية، وبالتالي المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة.

  1. أهمية الدراسة

تكمن أهمية الدراسة في ما يلي:

تم تقديم التمويل الأصغر كمدخل استراتيجي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وليس في محاربة الفقر والمساهمة في التنمية المحلية وتخفيف البطالة فحسب كما هو موجود في الدراسات السابقة، وذلك من خلال الأخذ بالمحاور التالية:

تبيين أنتمويل المشروعات الصغيرة ليس لهدف التمويل؛ بل بهدف بقاء واستمرار هذه المشروعات مبدئيا، ومن ثم تطويرها بالمتابعة والمرافقة المتخصصة؛ وبالتالي ضمان مناصب شغل والمساهمة في خلق القيمة المضافة؛

محاربة الفقر من خلال خلق لمناصب شغل دائمة للفئات الفقيرة وضعيفة الدخل عبر التمويل الأصغروبالتالي الوصول لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ كهدف “محاربة الفقر”؛

-تمكين المرأة اجتماعيا واقتصاديا؛

مراعاة الاعتبار البيئي في تحقيق الأهداف الاقتصادية؛

إقبال الجزائر على أزمة فعلية إثر انهيار أسعار البترول؛ والذي يشكل المورد الرئيسي لمداخليها هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقدان الدينار لجزء كبير من قيمته، وبالتالي تبرز الحاجة الملحة للبحث عن سبل جديدة لخلق الإنتاج الداخلي وهذا يمكن تحقيقه من خلال آلية التمويل الأصغر، إذا ما تم وضعه في إطاره الصحيح؛

بعث وتنويع قطاعي اعتمادا على آلية التمويل الأصغر ضمن إستراتيجية بعث التنويع القطاعي خارج قطاع المحروقات مثل: بعث مشاريع ضمن قطاع السياحة، الزراعة، الصناعة الخضراء…؛

تحويل العاطلين عن العمل من عناصر مستهلكة وتبحث عن الإعانة إلى عناصر منتجة وتخلق قيم مضافة وتساهم في الدخل الإجمالي الخام للبلاد، وذلك بتشجيع المشاريع الصغيرة لهذه الفئة ومحاربة ثقافة الريع السلبية.

تحقيق التنمية في الأرياف وتطوير القطاع ألفلاحي وزيادة الإنتاج الزراعي الذي يعتبر هاجس الدولة للحد من الاستيراد للمواد الزراعية التي تستنزف أمول طائلة من الخزينة، فضلا عن المواد الغذائية المدعمة.

  1. منهج الدراسة وأدواتها

معالجة إشكالية الدراسة تتطلب استخدام المنهج الوصفي والمنهج التحليلي؛ للإحاطة بالجانب النظري للموضوع، وتوضيح العلاقة بين التمويل الأصغر والتنمية المستدامة، وكذا استخدام وتحليل المعلومات الكمية من خلال الدراسة التطبيقية للوقوف على مدى نجاح التمويل الأصغر في الجزائر.

وفيما يخص أدوات الدراسة المعتمدة فيكمن الإشارةإليها من خلال ما يلي:

  • المراجع العلمية المرتبطة بالموضوع لاسيما ما يتعلق بالتنمية المستدامة والتمويل الأصغر؛
  • المواقع الرسمية للمنظمات والهيئات العالمية على الشبكة العنكبوتية الإنترنات؛
  • الرسوم البيانية والمخططات والجداول الإحصائية والتقارير الرسمية.

7.حدود الدراسة

الإطار ألزماني: تتمحور الدراسة حول بداية نشأت مفهوم التنمية المستدامة وتطور هذا المفهوم وصولا إلى تبني الأمم المتحدة للتنمية المستدامة كنموذج متكامل مع وضع أهداف مستقبلية حتى سنة2030 وكذا ظهور التمويل الأصغر كآلية جديدة لمحاربة الفقروأثر التمويل الأصغر في الجزائر خلال السنوات من:2005 إلى غاية سنة 2019  (سنوات مختارة ) وكذا الوقوف على الرؤية المستقبلية لهذا النوع من التمويل وآثره على سيناريوهات إرساء التنمية المستدامة.

الإطار المكاني: دراسة تطبيقية حول التمويل الأصغر في الجزائر من خلال اختيار وكالة مختصة في هذا النوع من التمويل في الجزائر، وهي الوكالة الوطنيةلتسيير القرض المصغرENGEM، وطرح اقتراحات لإثراء هذا النوع من المشاريعوكذلك اقتراح نموذج للتمويل الأصغر في ولاية جزائرية تقع في الشرق الجزائري”ولاية تبسة”، بتقديم مقاربة جديدة باستغلال الموارد البشرية والفنية لتعزيز وتسويق الهوية الثقافية الوطنية انطلاقا من آلية التمويل الأصغر، من أجل المساهمة في تفعيل الحراك الاجتماعي والاقتصادي وبعث الفعالية البيئية من اجل إرساء التنمية المستدامة في المنطقة.

 

 

8.دوافع اختيار الموضوع

يعد موضوع التنمية المستدامة احد أهم المواضيع المطروحة ضمن طاولات الحوار على الساحة الدولية؛ ويعتبر موضوع علمي شيق في شقه النظري ومجال بحث واسعوتحدي كبير للحكومات والمؤسسات وكذا الأفراد على مستوى العالم وبالإمكان تحقيقه في الواقع بتكثيف الجهود والعمل سويا، كما يعد الموضوع في مجال التمويل إحدى أهم الإشكاليات لإطلاق المشاريع، فالتمويل الأصغر عملية غير معقدة بقدر ما يتطلب تنظيم ومتابعة، ووسيلة من وسائل تمويل المؤسسات الصغيرة والمصغرة للوصول لأهداف التنمية المستدامة، التمويل الذي يعتبر إشكاليةكبيرة لاسيما على مستوى الاقتصاديات النامية التي تعاني من ثقل المديونية وقلة الموارد المالية،.

9.أقسام الدراسة ( البناء الموضوعي والمنهجي للدراسة)

للإحاطة بإشكالية الدراسة  ضمن بناء موضوعي رصين ومنهج أكاديمي، فسيتم تقسيم  الدراسة إلى ثلاثة فصول ومقدمة لوضع تصور عام عن الموضوع، وخاتمة تنطوي على أهم النتائج والآفاق. أما فيما يخص عرض الدراسة فسيكون  وفقا لمايلي:

الفصل الأول: سيتم التطرق ضمن الفصل الأول إلى عرض مفصل للتنمية المستدامة، من تاريخ ظهورها كفكرة ثم وضع مفهوم لها، إلى تبلور التنمية المستدامة كفكر اقتصادي، ونموذج مميز للتنمية الشاملة في مبحثين، ثم سيتم التطرق لإشكالية تمويل التنمية المستدامة لاسيما في الدول النامية في المبحث الثالث.

أما الفصل الثاني: فسيتم تناول الإطار النظري للتمويل الأصغر في المبحث الأول، أما المبحث الثاني فسيعالج دور التمويل الأصغر في إرساء أبعاد التنمية المستدامة، في حين سيخصص المبحث الثالث لعرض تجارب دولية ناجحة في مجال التمويل الأصغر، وما حققه التمويل الأصغر من أهداف مرتبطة أساسا بأهداف التنمية المستدامة.

وأخيرا، الفصل الثالث: سيتم التركيز في هذا الفصل على دراسة المشهد العام للتنمية المستدامة في الجزائر من خلال دراسة إحصائية للمؤشرات الكلية، وتشخيص آلية التمويل الأصغر المتبعة في الجزائر، وصولا إلى تقديم اقتراحات لتدعيم المشاريع الصغيرة من حيث التمويل والتنظيم وكذااقتراح لنموذج تمويل أصغر بغية بعث التنمية المستدامة.