تفصيل

  • الصفحات : 131 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-545-4.

مقدمة:

يعد الحفاظ عل الموروث الثقافي من الاستراتيجيات المعتمدة من طرف المجتمعات التي تنعم بتاريخ طويل وممتد لحضارات عريقة ذات المكانة السامية والمجسدة في شواهدها وأماكنها الأثرية شامخة والمعبرة عن التراث المحلي للمجتمع، كالأضرحة والمقامات التي ساهمت بشكل متميز في الحفاظ على التصوف والهندسة المعمارية والزخرفة الإسلامية، فالأضرحة تحمل في طياتها القيم الثقافية والاجتماعية والدينية للمنطقة المتواجد فيها، لأن المجتمع الجزائري من أحد المجتمعات العربية التي مازالت محافظة على هذا الموروث الثقافي منذ فجر الإسلام، من خلال استمراره في زيارة أضرحة أولياء الله الصالحين التي تمثل امتداداً تاريخياً وثقافياً واجتماعياً لما توارثه الأحفاد عن الأجدادهم، فلا يوجد بلد عربي إسلامي يخلو من هذه المقامات الإسلامية التي توجد فيها أضرحة أولياء الله الصالحين، والتي تعبر عن جزء من الثقافة الشعبية العربية الحاملة في كيانها العديد من الرموز والمعتقدات والقيم والمعايير والتقاليد المتوارثة عبر الأجيال، ومازال وجودها مستمر في المجتمع الجزائري بحكم تكيفها مع الأوضاع الجديدة واستمرار وظائفها وخدماتها القديمة.

ان أساس المخيال الاجتماعي الشعبي الذي يختلط به الواقع بالخيال والأسطورة والحكايات الإلهامية والأقاويل المُشَكلةُ لخطوط التواصل في الموروث الثقافي للأسرة، الذي تعززه وتقويه الزيارات المتواصلة لأضرحة الأولياء الله الصالحين، فأصبحت من العادات الثقافية الراسخة والمتأصلة في الموروث الثقافي للأسرة والمجتمع، حيث يرجع ظهور أولياء الله الصالحين بعد فتوحات الإسلامية خلال القرن السابع ميلادي، بالنظر إلى  التقديس الذي حظيت به القيادات الدينية آنذاك نحوها، وأصولها تعود إلى  ظهور الفرق الدينية الأولى كالشيعة والخوارج والمعتزلة والحشاشية في المجتمعات الإسلامية، التي احتضنتها وزادت من توجه الناس نحوها، ولا تزال تفرض نفسها إلى  يومنا هذا عبر مختلف الجوانب الثقافية والفكرية والفنية خاصة في المجتمع الجزائري، عن طريق الممارسات المرتبطة بالزيارة أو التوافد من طرف الأفراد، وعلى مختلف المستويات والفئات والوضعيات الاجتماعية، التي تعطي لنا صورة عن الموروث الثقافي للمجتمع والذي يحتوي على مجمل المعتقدات والعادات والتقاليد والثقافات والممارسات الموروثة عبر الأجيال بمختلف الفئات المقبلة على هذه الزيارات، فنجد في ولاية المدية المعروفة بموروثها الثقافي التاريخي وبعلمائها وأوليائها الصالحين، تحديداً بمقاطعة أولاد ذايد بقرية سيدي ناجي والتي تقع جنوب شرق مدينة المدية، وتبعد عنها حوالي 34 كلم يقع الضريح الولي سيدي ناجي وأربعة أولياء آخرين في نفس المنطقة الريفية  حيث يتردد على هذا الولي الصالح العديد من الزوار ومن مختلف البلديات والولايات والمناطق المجاورة لولاية المدية مثل البويرة والجلفة والمسيلة والشلف .

كان يشهد موقع الولي الصالح سيدي ناجي منذ العهد العثماني مروراً بالعهد الاستعماري الفرنسي حتى نهاية التسعينات ممارسات طقوسية واحتفالات موسمية التي كانت تعرف بالوعدة أو الزيارة والركب، وقد انقطعت بعض الممارسات في فترة أواخر التسعينيات نظراً لوضع الأمني الذي عاشته الجزائر في تلك الفترة، إلا أنها لم تمنع الأفراد المنطقة من الانقطاع عن الزيارة والتوافد إلى  أضرحة الأولياء الله الصالحين وتمسكهم ببعض العادات الزيارة حول الولي، وتتطلب دراستنا هذه محاولة معرفة العوامل والأسباب التي تقف وراء الاستمرار في زيارة ضريح الولي، ومعرفة نوع السلوكات والممارسات من قبل أفراد المجتمع، التي يستفيد منها أفراد المنطقة ومن هنا يمكن طرح التساؤلات التالية :

1/-  ما هي العوامل التي تدفع بالزائرين إلى  التزام بزيارة أضرحة أولياء الله الصالحين؟

2/- ما هي أنواع وطبيعة الخدمات الاجتماعية والخيرية التي تؤتى من خلال الزيارة ومنهم المشرفون عليها ؟

3/- ما هي طبيعة الطقوس والعبادات التي يقوم بها الزائرون لضريح سيدي ناجي ؟