تفصيل

  • الصفحات : 182 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2020،
  • الغلاف : مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 9789931728726.

تميزت الأدبيات البحثية الراهنة المرتبطة بسوسيولوجيا الانترنت بأن رهان استخدام المرأة للتكنولوجيات الاتصالية الجديدة في الوطن العربي لم يعد يرتبط بصعوبة الوصول للأدوات التقنية و الربط مع الشابكة ، حيث أن معظم الشرائح النسائية داخل الجغرافيا العربية لا تواجه عوائق مُستعصية في الوصول لمستلزمات الربط مع الانترنت و استخدامها نظرا لانتشار التكنولوجيات الاتصالية و تطور صناعاتها و مرونة تسويقها و تنوع الخيارات التي تُتيحها.

إذ لم يعد الرهان الحقيقي اليوم يتمثل في اشكالية الفجوة بين من يملكون (haves) الأدوات التكنولوجية و وسائل الربط مع الشبكة و بين من لا يملكون (have nots) ، حيث أن الهوة على مستوى الولوج في تقلصّ مُستمر، مما يجعل من سؤال الولوج (question of accesses) و ظروف النفاذ سؤالا متجاوزا، و يفرض علينا طَرح سؤال جديد يمكن استجلابه من التجاذب النظري الذي يخوض غماره أكاديميو انثروبولوجيا الفضاءات الافتراضية و المتعلق بمدى تمكن الشرائح النسائية من الاستفادة الكاملة من ولوجها للفضاءات الافتراضية (take-up of access) و ممارستها لمختلف الأنشطة الافتراضية بشكل حُر و آمن و توظيف مخرجات هذا الاستخدام ضمن  نسيج السياقات الاجتماعية و السوسيواقتصادية الفعلية.

و في هذا السياق خَصّص المرصد العالمي لمجتمع المعلومات (Global Information Society Watch) في تقريره السنوي لعام 2013 المساحة الأوسع للفرص و المسالك التي يُتيحها الفضاء الافتراضي للمرأة على مستوى تعزيز مشاركتها في المجالات الاجتماعية والاقتصادية و اليات الحوكمة و رفد تفاعلها مع تموجات الممارسة السياسية في مجتمعها، و شدَد ذات التقرير على أن للإمكانيات و الفرص الجديدة التي يطرحها الفضاء السيبراني وجهًا آخر، ألا وهو التحرش السيبراني ضد المرأة و التعنيف الرمزي و خطاب الكراهية و التحقير و التمييز الجائر و الذي يأخذ أشكال بنيوية منتظمة و متكررة.

استتباعا لذات الاشكالية، يرى قسم هام من الباحثين في حقل المعرفة الاجتماعية بأن الفضاء السيبراني في مبناه و واقعه الراهن ما هو الا امتداد بنيوي لمعطيات العالم الاجتماعي الواقعي و منطقه الانثربولوجي و السُوسيولوجي و التَصوُرات و النواظم الرمزية التي أنتجها المجتمع حول نفسه، و بالتالي

و ضمن هذا المنظور، نلمس على مستوى الحيزّ السيبراني ظهور نماذج و أنساق إعادة بناء الصيغة القديمة للعلاقة بين الرجل و المرأة داخل المجتمعات العربية، حيث تتجلى بشكل مُترسخ في علاقات القوة التي تتخلل استخدام المرأة للتكنولوجيات الجديدة.

و يُضاف إلى كل ذلك رهان امتلاك النساء لاستراتيجيات واضحة لاستخدام الفضاء السيبراني، و تحديد أجندتهن الخاصة، حيث يتراءى لنا محدودية إنخراط النساء في ديناميات إنتاج المحتوى الرقمي و عدم تمكنهّن من موضعة أنفسهن سيبرانيا كمستخدمات نشطات و فاعلات لما يتيحه هذا الفضاء من أدوات و منصات.

وتأسيسا على ذلك نحاول تسليط الضوء على أهم الرهانات و العوائق ذات الطابع الاجتماعي والانثروبولوجي والقانوني والتي تحدّ من استفادة المرأة العربية من الفضاء السيبراني استفادة لائقة و ترهن فعلها و مفعوليتها.تحمل الأوراق البحثية ، تيارات معرفية عديدة وبحوث أصيلة في الجزائر والدول العربية قامت على تحديد علاقة المرأة وماهيتها ودورها في الفضاء السيبيري لمن وفقوا في إثراء هذا الإنتاج العلمي العربي، حيث نجد دراسة حول الحركة النسوية و ما بعد الجندر في قراءة إستشرافية في الآفاق والرهانات المستقبلية التي تعنى بالحركة النسوية في ظل الوجود الجديد للإنسان في الفضاء السيبراني المستقبلي بالتركيز على شكل الحياة المستقبلية وما بعد الإنسان (Post humain) أي ما بعد الجندر البشري، في حين قامت دراسة أخرى حول الفضاء السيبراني والفضاء العمومي، وحدود العلاقة بينهما؟ حيث تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على أسس نظرية المجال العام “لهبرماس” وصولا إلى تحديد حدود العلاقة بين الفضاءين ، أما دراسة أخرى فقد تطرقت إلى رهانات حضور المرأة العربية عبر الفضاء السيبراني “دراسة سوسيولوجية حول المقاربة النسوية السيبرانية” والتي تهدف إلى التعرف على الأفكار التي تدعوا إليها نظرية النسوية السيبرية، ومن خلال ذلك التطرق واقع حضور المرأة العربية في الفضاء السيبراني ومعوقات حضورها. وفي نفس السياق تذهب دراسة أخرى إلى تسليط الضوء على تمثلات صورة المرأة في الفضاء العمومي الافتراضي، وتهدف هذه الدراسة إلى تحديد الخلفيات الكامنة وراء تنميط صورة المرأة في الفضاء السيبراني وكذلك معرفة العوامل الكامنة وراء رسم هذه الصورة عن المرأة بالذات، وانطلقنا من إشكالية مفادها ما طبيعة صورة المرأة في الفضاء السيبراني؟، في حين أن هناك دراسة أخرى تجري في نفس السياق حول المرأة الجزائرية في الفضاء العمومي الافتراضي وتهدف هذه الدراسة إلى فحص مدى حضور المرأة الجزائرية في الفضاء الافتراضي الجزائري، انطلاقا من اعتبار أن هذا الفضاء الجديد كمجال اتصالي جديد يزيد توسيع الجانب التداولي بين المستخدمين ويمكن المرأة الجزائرية من الحضور والتفاعل وإسماع صوتها وتقديم ذاتها وقضاياها أمام الجميع

فيما تتضمن دراسة أخرى علم الاجتماع ودراسة المكانة الاجتماعية للمرأة داخل الفضاء السيبراني، من خلال هذه المداخلة تم تسليط الضوء على دور علم الاجتماع في تفسير ولوج المرأة العربية للفضاء العام وخاصة ما يرتبط (بالجانب التكنولوجي)،وتتناول دراسة أخرى إشكالية حقوق المرأة في الفضاء الافتراضي  وتهدف إلى إثارة بعض الجوانب الرئيسية للنقاش في مقاربة معرفية والتركيز على بعض القضايا المهمة التي تعني المرأة العربية وعلاقتها بوسائل الميديا الجديدة، في حين تتضمن دراسة أخرى من هذا الكتاب الحقوق الرقمية للمرأة على ضوء المفوضية السامية لحقوق الإنسان، والتي تسلط الضوء على ما يتعلق بتعزيز المشاركة الفعالة للمرأة في العالم الافتراضي، واهم الحقوق الرقمية للمرأة، والتي تنظر في التفكير حول نهج منهج حقوقي رقمي يراعي السياق الذي تعيش فيه المرأة، والذي ينطوي على عقبات متعددة ومتشابكة تعترض ممارسة حقوق الإنسان المكفولة للمرأة في المجتمع الافتراضي، ويتناول أيضا أحد الفاعلين في المؤتمر المشاركة السياسية للمرأة الجزائرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تبين دور المعلومة السياسية عبر شبكة الانترنت في تفعيل المشاركة السياسية للمرأة على غرار النوع الأخر.

حيث ساهمت هذه الأبحاث في دارسة علاقة المرأة بالفضاء السيبراني  في المؤتمر العلمي الذي يصادف عيد المرأة، والذي يهدف إلى توفير إطار عمل تحليلي يمكن النظر من خلاله إلى المشاركة النسائية العربية في شبكة الإنترنت عبر الفضاءات الالكترونية، وتقييم هذه العلاقة من حيث التأثير والاستخدام والتمكين، وبحث سبل الارتقاء بحضورها من خلال تحديد الرهانات المستقبلية لمشاركتها والآفاق التي تسعى إلى البحث والكشف عن ممارسات المرأة العربية في الفضاءات الافتراضي,

 

د. العربي بوعمامة.